نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين التفاؤل والتوترات.. مفاوضات النووي رهينة لموازنة دقيقة, اليوم الجمعة 25 أبريل 2025 06:27 مساءً
تجدد التوترات: المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران
بينما كانت الأنظار تترقب التوصل إلى اتفاق جديد بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي الإيراني، ظهرت تفاصيل جديدة تلقي الضوء على تعقيدات المسار الدبلوماسي.
ورغم التصريحات المتفائلة من بعض الأطراف الدولية، فإن الواقع يعكس موازنة دقيقة بين التسوية المحتملة والضغوط التي تمارسها القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة.
وفي ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تلتزم بسياسة "الضغط الأقصى"، يبقى السؤال المركزي: هل يمكن أن تتحقق انفراجة في المفاوضات، أم أن الخلافات الجوهرية ستستمر في تعقيد هذه الجهود؟
الولايات المتحدة: استراتيجية "الضغط الأقصى" والخيارات المحدودة
رغم التغيرات الجيوسياسية التي شهدها العالم مؤخرًا، يواصل دونالد ترامب فرض استراتيجية "الضغط الأقصى" على إيران، والتي تتمثل في فرض عقوبات اقتصادية خانقة على طهران وعرقلة تحركاتها الإقليمية.
وأوضح توم حرب، مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية، خلال حديثه الى غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية أن "إدارة ترامب تراهن على أن العقوبات ستجبر إيران على تقديم تنازلات كبيرة، لكن هناك تحديات كبيرة أمام هذه السياسة، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية التي تطالب بخفض التصعيد".
حرب أضاف أن "الولايات المتحدة تواجه صعوبة في توجيه الضغوط على إيران بدون أن تنعكس سلبًا على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، خصوصًا في ظل الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط".
مع تصاعد التوترات في منطقة الخليج، يجد ترامب نفسه في موقف صعب: بين الاستمرار في سياسة العقوبات المتشددة والتفاوض من أجل صفقة قد تُعدّ حجر الزاوية في إرثه الدبلوماسي، وبين تجنب إغضاب الحلفاء الإقليميين، خاصة إسرائيل والمملكة العربية السعودية، اللذين يريان في إيران تهديدًا وجوديًا.
إيران: موقف ثابت تحت الضغوط
من جهة أخرى، لا تزال إيران تتبنى موقفًا حازمًا في المفاوضات، إذ ترى أن قدرتها على تحدي الضغوط الغربية تعزز مكانتها الإقليمية. صالح القزويني، الكاتب والباحث السياسي، يؤكد أن "إيران تدرك أن الملف النووي ليس مجرد نقطة خلاف مع الغرب، بل هو عامل أساسي لتثبيت قوتها الإقليمية والاقتصادية".
القزويني يضيف أن "التصعيد العسكري ضد إيران سيكون له تبعات قد لا تتحملها الولايات المتحدة في الوقت الحالي، خاصة في ظل التهديدات الإيرانية المستمرة بإغلاق مضيق هرمز، الذي يعد شريانًا حيويًا لأسواق النفط العالمية".
من خلال هذا السياق، تسعى إيران إلى تحسين وضعها التفاوضي عبر توسيع دائرة التحالفات الإقليمية والدولية، مستفيدة من علاقاتها مع روسيا والصين، اللتين تدعمان موقفها في مواجهة الضغوط الأمريكية. هذا التوازن بين التصعيد والمفاوضات يجعل المواقف الإيرانية أكثر تعقيدًا في أعين المجتمع الدولي.
أزمة الثقة بين الطرفين
الملف النووي الإيراني يبقى مركز الثقل في العلاقات بين واشنطن وطهران. الأكاديمي والباحث السياسي حارث سليمان يوضح أن "أزمة الثقة بين الطرفين تبقى العقبة الأساسية أمام أي اتفاق طويل الأمد".
سليمان يشير إلى أن "الولايات المتحدة تتوجس دائمًا من إمكانية أن تستخدم إيران المفاوضات كستار للتقدم في برنامجها النووي، بينما ترى إيران أن العقوبات ليست سوى أداة للهيمنة الغربية على مصالحها الاستراتيجية".
ويتابع سليمان أن "الأمر يتطلب تحولًا جذريًا في العلاقات بين البلدين، وهو ما يمكن أن يحدث فقط عبر خطوات ملموسة في الجانب الاقتصادي والسياسي، مثل تخفيف العقوبات أو ضمانات بشأن البرنامج النووي الإيراني".
ومع ذلك، يظل السؤال قائمًا: هل سيكون هناك اتفاق يضمن بقاء إيران في دائرة الاتفاقات النووية، أم ستظل الهوة بين الطرفين عميقة؟
العوامل الدولية: الضغط الروسي والصيني ودور القوى الكبرى
في خضم هذه الأزمة، يبرز الدور المحوري لكل من روسيا والصين في التأثير على مسار التفاوض. توم حرب يعتقد أن "التدخل الروسي والصيني في المسألة النووية الإيرانية له تأثير كبير، خصوصًا في ظل المصالح الاقتصادية المشتركة مع إيران".
روسيا، على سبيل المثال، تبقى شريكًا استراتيجيًا لإيران في ملف الطاقة، وتعتبر أن تعزيز التعاون مع طهران يخدم مصالحها في مواجهة النفوذ الأمريكي في المنطقة.
من جهة أخرى، تمثل الصين عنصرًا حاسمًا في تحركات إيران الدبلوماسية، حيث يمكن للصين أن تلعب دورًا مهمًا في تسهيل التسوية الاقتصادية عبر ضمان التبادل التجاري مع إيران.
وفي هذا السياق، يشير سليمان إلى أن "الدول الكبرى لن تسمح بالتصعيد إلى حد الحرب، لكنها ستظل تراقب عن كثب لحظة انهيار أي مفاوضات محتملة".
هل هناك أفق للسلام أم أن التصعيد هو الخيار؟
تظل المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران في مفترق طرق. وفي الوقت الذي تسعى فيه إدارة ترامب لتحقيق "اتفاق أفضل" مع طهران، إلا أن إيران ترفض التنازل عن مكاسبها الاستراتيجية. على الرغم من التصريحات المتفائلة، تظل الحواجز السياسية والجيوسياسية كبيرة بين الطرفين، مما يجعل احتمالية الوصول إلى اتفاق دائم أمرًا مشكوكًا فيه.
ويبقى الجميع في انتظار ما ستسفر عنه الأسابيع القادمة، حيث سيكون لتكتيكات الضغط والتفاوض الدور الأكبر في رسم معالم المرحلة المقبلة من الأزمة النووية الإيرانية.
0 تعليق