«بنبان» يقود مصر فى السباق العالمى نحو التنمية المستدامة

البورصة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

الاتحاد الأوروبى يدرس آلية لشراء الكهرباء المتجددة من شمال أفريقيا ضمن «الصفقة الخضراء»

فى بلد يسكنه أكثر من 105 ملايين نسمة، ويقع تحت مدار السرطان؛ حيث تتعامد الشمس لأكثر من 3 آلاف ساعة سنوياً، تبرز الطاقة الشمسية ليس فقط كمصدر بديل للكهرباء، بل كمكون إستراتيجى فى معادلة الأمن القومى والتنمية المستدامة.

ومع تزايد الضغوط البيئية والمناخية، وارتفاع أسعار الطاقة الأحفورية عالمياً، لم تعد الطاقة المتجددة ترفًا أو توجهًا بيئيًا فقط، بل أصبحت أداة سياسية واقتصادية تعكس تحولًا عميقًا فى الفكر التنموى.

ويأتى مشروع مجمع بنبان للطاقة الشمسية، كواحدة من أبرز خطوات مصر نحو توطين الطاقة النظيفة، إذ يقع على بُعد 35 كم شمال غرب مدينة أسوان، ويغطى مساحة 37 كيلو مترًا مربعًا.

ووفق دراسات بحثية، فقد اُختير الموقع بعناية ضمن الخريطة القومية لمواقع الطاقة المتجددة، حيث تتميز المنطقة بإشعاع شمسى قوى يتجاوز 2300 كيلو وات/ ساعة لكل متر مربع سنوياً.

وحقق المشروع أرقاماً كبيرة حسب بيانات وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، وتضمن 32 محطة مستقلة بنظام الـPV.

2 مليار دولار استثمارات والقدرة الإجمالية تعادل 90% من إنتاج السد العالى

أما القدرة الإنتاجية الإجمالية فتبلغ حوالى 1465 ميجاوات (ما يعادل 90% من إنتاج محطة السد العالي)، وعدد الألواح الشمسية أكثر من 6 ملايين، وفرص العمل أثناء التنفيذ بلغت نحو 10 آلاف فرصة مباشرة.

وتجاوزت الاستثمارات 2 مليار دولار، بمشاركة البنك الدولى، ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، وبنوك تنمية أوروبية وآسيوية.

وأسهم المشروع فى خفض انبعاثات الكربون بنحو 2 مليون طن سنوياً، وصُنف من قِبل وكالة بلومبرج عام 2019 ضمن أفضل خمسة مشروعات طاقة شمسية واعدة عالمياً.

«نصير»: الألواح الشمسية تمثل حلاً اقتصادياً طويل الأمد لتوفير الطاقة بأسعار منافسة

قال الدكتور وفيق نصير، عضو البرلمان العالمى للبيئة، إن الاقتصاد الأخضر ليس مجرد توجه بيئى، بل هو نموذج اقتصادى شامل يسعى لتحقيق التقدم دون الإضرار بالنظم البيئية، ويعتمد على مفاهيم الإنتاج النظيف، والكفاءة فى استهلاك الموارد، وتوليد فرص عمل خضراء تسهم فى تحسين جودة الحياة.

وأشار إلى أن الدول التى تبنّت هذا النموذج شهدت نتائج ملموسة منها انخفاض الانبعاثات الحرارية، وتحسن فى نوعية الهواء والمياه، إلى جانب تطور صناعات بيئية جديدة فى مجالات مثل إعادة التدوير، والنقل المستدام، والبناء الأخضر.

أضاف «نصير»: «الشمس لا تغيب عنها الحلول، إذ تأتى الطاقة الشمسية فى صلب هذا التحول كرافعة قوية نحو اقتصاد أخضر حقيقى، فمع التقدم التكنولوجي، لم تعد الألواح الشمسية مجرد خيار بيئى مكلف، بل أصبحت حلًا اقتصاديًا طويل الأمد، يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ويوفر الطاقة بأسعار منافسة».

وأوضح عضو البرلمان العالمى للبيئة أن التقنيات الحديثة تشمل ألواحاً شمسية شفافة يمكن دمجها فى نوافذ المباني، وأنظمة تتبع شمسى تزيد من كفاءة توليد الكهرباء، ومحطات شمسية حرارية قادرة على تزويد مدن كاملة بالطاقة.

ولفت إلى أن التحول إلى الاقتصاد الأخضر واستغلال الطاقة الشمسية لم يعد ترفاً، بل ضرورة ملحة تفرضها متغيرات العصر، باعتباره الطريق إلى تنمية مستدامة تحترم البيئة وتلبى احتياجات الأجيال القادمة دون المساس بحقوقها فى مستقبل آمن ونظيف.

«عطية»: التكلفة المبدئية للنظام المنزلى لا تزال مرتفعة وتقترب من 70 ألف جنيه

وقال محمد عطية، المتخصص فى شئون الطاقة الجديدة والمتجددة، إن أحد الأسباب الجوهرية فى نجاح «بنبان»، كان تطبيق الدولة لنظام تعريفة التغذية (Feed-in Tariff)، والذى أتاح للمستثمرين بيع الكهرباء المنتجة من مصادر متجددة إلى الشبكة القومية بأسعار معلنة وثابتة.

وأوضح لـ«البورصة»، أن المرحلة الأولى التى نفذت فى 2014، لم تكن جاذبة بما يكفى للاستثمار بسبب ضعف السعر ونقص الدعم الفني.

أما المرحلة الثانية فى 2016، فشهدت تعديلات جذرية، تضمنت أسعارًا أفضل، وضمانات حكومية، وتسهيلات تمويلية، ما أدى إلى طفرة استثمارية واضحة.

بالتوازي، أنشأت الدولة جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك لضمان الشفافية وتنظيم العلاقة بين المنتجين والمستهلكين.

ورغم النجاح الكبير للمشروعات الضخمة، فإن التحول الشعبى لاستخدام الطاقة الشمسية لا يزال فى مراحله الأولى.

وأطلقت الحكومة عدة مبادرات لتشجيع تركيب أنظمة الطاقة الشمسية فوق الأسطح، مثل مشروع «الطاقة الشمسية فوق الأسطح» بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائى (UNDP)، ومبادرة وزارة الكهرباء لتركيب 1000 نظام شمسى على مبانٍ حكومية، ومشاريع بالتعاون مع المحافظات لتركيب الألواح فى المدارس والمراكز الصحية.

أضاف «عطية»، أن العوائق لا تزال قائمة، إذ إن التكلفة المبدئية مرتفعة، فالنظام المنزلى (3 – 5 كيلو وات) تتراوح تكلفته بين 45 و70 ألف جنيه.

ولفت إلى ضعف الوعى المجتمعى، معتبراً أنه وراء قلة انتشار المشروع بين المواطنين. فنسبة كبيرة لا تدرك إمكانية الربط الشبكى، مع غياب الحوافز الضريبية، فضلاً عن أنه لا توجد إعفاءات جمركية أو ضريبية كاملة حتى الآن، بالإضافة لنقص الكوادر الفنية فى المحافظات الريفية.

وتابع «عطية»: «برزت مؤخراً عشرات الشركات الناشئة التى تقدم حلولاً ذكية للطاقة الشمسية، منها شركة كرم سولار وشركة سولاريز مصر، اللتان تنفذان مشروعات فى واحة سيوة، ومزارع وادى النطرون، والمصانع بالعاشر من رمضان. كما ظهرت ورش متنقلة لمهندسين شبان، لصيانة الألواح فى الصعيد والدلتا، بجانب مبادرات جامعية لتنفيذ نماذج منخفضة التكلفة بالتعاون مع كليات الهندسة».

أكد «عطية»، أن مصر أصبحت لاعبًا إقليميًا فى مجال الطاقة، ليس فقط من خلال الغاز الطبيعى منذ اكتشاف حقل ظهر، بل أيضًا عبر مشروعات الربط الكهربائى مع دول الجوار. وتخطط الحكومة لتصدير الكهرباء النظيفة إلى أوروبا عبر خطوط ربط مع قبرص واليونان.

كما يدرس الاتحاد الأوروبى آلية لشراء الكهرباء المتجددة من شمال أفريقيا ضمن «الصفقة الخضراء الأوروبية»، وهو ما يفتح أبوابًا جديدة أمام مصر كمصدر رئيسى للطاقة النظيفة.

قال «عطية»، إنه رغم التوسع، فإن نسبة التصنيع المحلى لا تزال محدودة؛ إذ إن معظم الألواح والأنفرترات تُستورد من الخارج، ما يجعل المشروعات عرضة لتقلبات السوق العالمى.

لكن من الجيد أن الدولة بدأت دعم بعض المبادرات مثل، تصنيع الهياكل المعدنية للألواح، وتجميع الأنفرترات محلياً، وإنتاج مكونات البطاريات فى مصر.

وتابع: «لا تزال ثمة حاجة ملحة لإنشاء خطوط إنتاج كاملة للخلايا الشمسية، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة ونقل تكنولوجيا متقدمة».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق