صمدت التجارة الصينية خلال أبريل الحالي رغم فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوم جمركية عقابية مرتفعة، إذ أنه استثنى العديد من المنتجات الإلكترونية من بعض رسومه، وأوقف مؤقتاً موجة الرسوم الجمركية التي يعتزم فرضها على غالبية الدول.
أظهرت بيانات رسمية صادرة أمس أن الموانئ الصينية تعاملت مع 6.3 ملايين حاوية خلال الأيام السبعة المنتهية في 20 أبريل الحالي. تُظهر حسابات أجرتها بلومبرج أن هذا يمثل زيادة 10% مقارنة بالأسبوع نفسه من العام الماضي، ما يشير إلى فترة نمو متواصلة تقترب من 3 أشهر.
صادرات الصين
يُذكر أن الغالبية العظمى من صادرات الصين من حيث الحجم يجري شحنها بحراً، في حين تُرسل بعض البضائع ذات القيمة العالية جواً. كما تُنقل بعض المنتجات عبر القطارات إلى أوروبا والدول المجاورة في آسيا.
رغم أن استمرار قوة النشاط التجاري يُعد مفاجئة بالنظر إلى حجم الرسوم الجمركية المفروضة من جانب كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين على بعضهما البعض، إلا أن هذا الصمود على الأرجح يعكس أيضاً تأجيل الرئيس ترامب لمدة 90 يوماً لتطبيق ما يُعرف بـ”الرسوم بالمثل” على العشرات من الشركاء الآخرين. سمح هذا التأجيل بتقليل حجم الاضطراب في التجارة داخل آسيا، وربما أتاح للصين إعادة توجيه بعض شحنات صادراتها إلى وجهات أخرى.
قرار آخر أعلنته الولايات المتحدة هذا الشهر استثنى الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والإلكترونيات الأخرى من الرسوم الجمركية بالمثل، ما يخفف قدراً من الضغوط الواقعة على المصدرين الصينيين، إذ يشمل الاستثناء أكثر من 100 مليار دولار من البضائع المستوردة من الصين، بحسب بيانات جمعها جيرارد ديبيبو، المدير المساعد لمركز أبحاث الصين في معهد “راند تشاينا ريسيرش”.
انفصال تجاري
قال خبراء الاقتصاد في بنك “أستراليا اند نيوزيلندا بانكينج جروب” (at Australia & New Zealand Banking Group) في تقرير لهم: “يُتوقع أن يتم فصل التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والصين بشكل كامل”. وأضافوا أن صادرات الولايات المتحدة إلى الصين ستنخفض بشكل سريع، ولكن “من المتوقع أن يكون الانخفاض في واردات الولايات المتحدة الأميركية من الصين أكثر تدريجاً. نظراً لاختلاف درجة الاستبدال ببضائع من دول أخرى، ربما يؤدي انتقام الصين إلى زيادة العجز التجاري الأميركي مع الصين بدلاً من تقليصه”.
من المحتمل أن تكون المسألة مجرد وقت قبل أن يلحق حرب الرسوم الجمركية أضراراً أكبر بالتجارة بين أكبر اقتصادين في العالم. فرضت واشنطن وبكين رسوماً جمركية تفوق 100% على جزء كبير من تدفقاتهما التجارية الثنائية.
وخفضت الصين بالفعل بعض الواردات من الولايات المتحدة بشكل حاد الشهر الماضي. ومع ذلك، يبدو حتى الآن أن المشترين الأميركيين ما زالوا يحاولون الحصول على السلع من الصين، حيث يتوقع ميناء لوس أنجلوس وصول 13 سفينة من الموانئ الصينية فقط هذا الأسبوع.
شحنات الصين للولايات المتحدة
يُتوقع أن يقوم ميناء لوس أنجلوس، أكبر بوابة وصول حاويات في الولايات المتحدة الأميركية، بتفريغ أكثر من 120 ألف حاوية من جميع المصادر الأسبوع الجاري، ما يقل قليلاً عن المستوى المتحقق خلال الأيام السبعة الماضية، لكنه أعلى من معظم الأسابيع التي مرت العام الحالي.
بالإضافة إلى شحنات البحر، فإن مستويات الشحن الجوي أيضاً ما تزال مستقرة. من المحتمل أن يكون ذلك مدفوعًا بارتفاع المبيعات على تطبيقات التسوق عبر الإنترنت التي تديرها شركتا “تيمو” و”شي إن”.
شهدت الشركتان انتعاشاً في مبيعاتهما خلال مارس الماضي وأبريل الحالي، وفق ما ورد عن “بلومبرج سيكند ميجر”، الذي يحلل بيانات بطاقات الائتمان والخصم.
لكن الضغوط بدأت تظهر في بعض جوانب التجارة الصينية. هبط حجم الشحنات المنقولة عبر خطوط قطارات الصين-أوروبا بنحو 10% في الربع الأول، وفق تقرير “كايشين غلوبال”، الذي استند إلى بيانات من مجموعة السكك الحديدية الصينية الحكومية.
مستهلكو الولايات المتحدة
يستعد المتسوقون في الولايات المتحدة الأميركية لتخزين المنتجات مثل فُرش وضع مساحيق التجميل والأجهزة المنزلية قبل أن تنهي الحكومة الأمريكية استثناء الحزم الصغيرة التي تصل قيمتها إلى 800 دولار في مايو المقبل.
قالت شركتا “شي إن” و”تيمو” مؤخراً إنهما سترفعان الأسعار للمستهلكين الأميركيين الأسبوع الجاري “بسبب التغيرات الأخيرة في قواعد التجارة العالمية والرسوم الجمركية”. ومن المحتمل أن ترتفع الأسعار أكثر خلال مايو المقلل، ما سيؤثر على الطلب والتجارة.
0 تعليق