شكّك محللون إسرائيليون، اليوم الأحد، في قدرة “إسرائيل” على هزيمة حركة “حماس” في الحرب على قطاع غزة، معتبرين أنه، وعلى الرغم من تهديدات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، فإن الجيش الإسرائيلي “لا يتقدّم إلى أي مكان” في الحرب، بل إن الواقع الإقليمي الراهن “انقلب على إسرائيل في غير صالحها”.وانتقد الجنرال الإسرائيلي المتقاعد، يسرائيل زيف، عدم مبادرة تل أبيب إلى طرح حلٍّ سياسي بعد الحرب على غزة، معتبراً أن ذلك “يبقي إسرائيل عملياً في الخلف وخارج الصورة الإقليمية”، بما في ذلك ما يتعلّق بإيران وسوريا ولبنان.ورأى زيف، في تحليله المنشور على الموقع الإلكتروني للقناة 12، أن “حكومة إسرائيل برئاسة نتنياهو فضّلت أن تتباهى بالإنجازات العسكرية خلال الحرب وتترجمها إلى أهداف سياسية داخلية فقط، فيما خرج القطار من المحطة، وأصبحت إسرائيل في موقع متدنٍّ إقليميًا مقارنة بآخرين استغلوا إنجازاتها. وعملياً، انقلب الواقع على إسرائيل في غير صالحها”.وأضاف أن الولايات المتحدة بادرت إلى مفاوضات مباشرة مع إيران، وخلال ذلك أوقفت خطة هجوم إسرائيلية، وأبقت إسرائيل خارج هذه المفاوضات أيضاً، والتي ستفضي إلى اتفاق نووي “أسوأ بكثير من اتفاق عام 2015″، مشيراً إلى أنه لا احتمال لأن تهاجم “إسرائيل” إيران من دون دعم أميركي، إلا إذا وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود.وتابع أن “تركيا، بعلم الولايات المتحدة، تسيطر على سوريا وتحوّلها إلى قاعدة ضمن مشهد إقليمي جديد، فيما إسرائيل ليست فقط خارج الصورة، بل أصبح دورها هدفًا للحلف المشترك المعادي لها”. وأوضح أن إسرائيل وضعت نفسها، بيدها، في قلب الكراهية الإقليمية من جانب الحلف التركي الجديد، الذي بُني ضد محور المقاومة وضد “إسرائيل” في آن.وأشار زيف إلى أن “لبنان يُعاد بناؤه من جديد بفضل المبادرة السياسية الأميركية – الفرنسية التي تعيد السيطرة على الدولة، ولن يطول الوقت قبل أن تُزاح إسرائيل من الصورة وتُطالب بالعودة إلى التعديلات الحدودية”.ولفت إلى أن الاتفاق السعودي يُنسَج خلف الكواليس “وهنا أيضاً ستبقى إسرائيل خارجه، لأنها غير قادرة على إنهاء الحرب في غزة، وقد تحوّلت إلى دولة منبوذة إقليميًا، من موقع كانت فيه ذخراً إقليميًا إلى عبء”.وشدّد زيف على أن الغارات الإسرائيلية التي تستهدف أسلحة وقواعد الجيش السوري، إضافة إلى بناء خط دفاعي في الأراضي السورية المحتلة بعد سقوط النظام، “لا تمنحها حتى تفوقًا تكتيكيًا. فقد حصدت أنقرة بهدوء كافة الجوائز، وأعادت بناء مجال نفوذها الإقليمي بتنسيق كامل مع ترامب، من خلف ظهر نتنياهو بطبيعة الحال”.واعتبر أن “الخطة التركية أوسع بكثير، ولا تقتصر على سوريا فقط، بل هي خطة استراتيجية سُنّية إقليمية ضد إسرائيل، تشمل العراق، وقد تستدرج لبنان، وتحاول استدراج الأردن أيضاً”، وفق تعبيره. وأضاف: “هدف الخطة هو كبح الإمبريالية الإسرائيلية، التي تستند إلى الاحتلال في غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية”.ورأى أن “حتى الأردن سيواجه صعوبة في الوقوف بوجه هذه الخطة، على خلفية الاستخفاف الإسرائيلي المتواصل من جانب حكومة نتنياهو، والضرورات الداخلية التي تحتم إظهار تماثل معادٍ لإسرائيل في ما يخص القضية الفلسطينية، والتي تعمل إسرائيل على تعقيدها أكثر”.وأشار المحلل العسكري في إذاعة الجيش الإسرائيلي، أمير بار شالوم، في مقال نُشر على موقع “زمان يسرائيل”، إلى أن العرائض التي وقّعها آلاف الضباط والجنود المسرّحين من وحدات الجيش الإسرائيلي، والتي تطالب بوقف الحرب وتبادل الأسرى، تثير قلقاً شديداً لدى المحيطين بنتنياهو.وأضاف بار شالوم أن “الجيش الإسرائيلي يواجه، في الوقت الحالي، صعوبة في التعامل مع العدد المتزايد من مظاهر هذا الاحتجاج، وربما لهذا السبب ادّعى نتنياهو، أمس، أن المحتجين يردّدون دعاية حماس ويتسبّبون ببقاء المختطفين في الأسر”.وتابع أن الانطباع السائد في إسرائيل هو أن “مصر أزالت القفازات في مفاوضاتها مع حماس، ليس حبًّا في إسرائيل، بل خشيةً من خيبة أمل ترامب، بعدما رفضت مقترحه لاستيعاب فلسطينيين من غزة. ومع ذلك، فإن الضغوط المتزايدة لم تُترجَم إلى تقدم حقيقي في المفاوضات”.ويعلن الجيش الإسرائيلي أنه يسيطر حتى الآن على 40% من مساحة قطاع غزة، ويواصل تقليص المناطق التي يتواجد فيها المدنيون في شمال القطاع وجنوبه. لكن بار شالوم أفاد بأن “هذين الحيزين يخلوان من السكان الفلسطينيين، إلا أنهما مليئان بالأنفاق”.وأضاف أن رفض حماس للمقترح الإسرائيلي لم يفاجئ صانعي القرار في إسرائيل، “لأن حماس بدأت تصل إلى المختطفين الأحياء الذين لا يزالون في قبضتها. وهذه الرسالة نُقلت إلى عائلات المختطفين من قبل الوزير رون ديرمر، الأسبوع الماضي، والذي قدّر أن المرحلة الحالية من المفاوضات قد تستغرق حتى ستة أشهر، في حال نجحت إسرائيل في دفع حماس إلى تليين مواقفها”.وتابع: “الخطوة الإسرائيلية الحالية ترتكز على ضغط ثلاثي: عملية عسكرية؛ وقف المساعدات الإنسانية؛ وتأجيج احتجاج السكان في غزة ضد حماس. لكن هذا رهان خطير، لأنه قد يدفع حماس إلى تهديد حياة المختطفين. ولهذا أصدرت حماس مؤخراً بيانات غامضة حول مصير الجندي المختطف عيدان ألكسندر (الذي يحمل الجنسية الأميركية أيضاً)، وقد تكون هذه حرباً نفسية”.وختم بالقول: “لا أحد في الجيش الإسرائيلي أو في الأجهزة الأمنية يعرف متى ستُنفذ العملية الحاسمة التي ستهزم حماس. ويدرك نتنياهو مخاطر المراهنة على هذه العملية، ولهذا تحدث أمس عن ‘حزم وصبر’. لكنه حين أعطى مثالاً عن سقوط النظام السوري، أخفى حقيقة أن هذا السقوط السريع فاجأ إسرائيل، التي لم تكن مستعدة له”. المصدر: عرب 48