هل تنجو سوق الوظائف الصينية من رسوم الـ 145 بالمئة؟

sky news arabia 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل تنجو سوق الوظائف الصينية من رسوم الـ 145 بالمئة؟, اليوم الجمعة 18 أبريل 2025 05:15 صباحاً

فبينما تُثقل الرسوم الجمركية الأميركية الهائلة كاهل الصادرات الصينية، باتت بكين تواجه اختباراً مزدوجاً، يتمثل بعزل بضائعها عن أكبر سوق استهلاكية في العالم، وافتقار سوق العمل فيها للقدرة على مواجهة الصدمة، وهو ما سيزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي الصيني، ويضع ملايين الوظائف في البلاد على المحك.

20 مليون وظيفة مهددة

وتشير تقديرات مصرف "غولدمان ساكس" إلى أن ما يصل إلى 20 مليون شخص في الصين، أو حوالي 3 بالمئة من القوى العاملة في البلاد مهددة بخسارة عملها، نتيجة تراجع الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، بسبب الرسوم الجمركية بنسبة 145 بالمئة التي فرضها الرئيس الأميركي على السلع الصينية، في وقت تعاني فيه القوى العاملة في البلاد أصلاً، من استنزاف يتجسد بتخفيضات في الرواتب وتسريح للعمال على نطاق واسع.

كما خفّض غولدمان ساكس، توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للصين خلال عام 2025، من 4.5 بالمئة سابقاً إلى 4 بالمئة حالياً، في حين تقدر بلومبرغ إيكونوميكس أن توقف شحنات الصين إلى الولايات المتحدة، سيُعرّض ما يصل إلى 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الصيني للخطر.

في المقابل، انخفض مؤشر فرص العمل في الصين، بنحو 30 بالمئة خلال الشهرين الماضيين مقارنةً بالعام الماضي، وذلك استناداً إلى مجموعة من بيانات الإعلانات عن الوظائف لأكثر من 2000 شركة، جمعتها عبر الإنترنت شركة كوانت كيوب تكنولوجي، ومقرها باريس. كما انخفض مؤشر خطط التوظيف المستقبلية في الصين في شهر مارس 2025 إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر، وفقاً لنتائج استطلاع رأي أجرته كلية تشيونغ كونغ للدراسات العليا في إدارة الأعمال (CKGSB) وشمل في معظمه شركات خاصة في الصين.

صدمة كلفتها 525 مليار دولار

وبحسب تقرير أعدته "بلومبرغ" واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" فإن الضعف المزمن في سوق العمل الصينية يُمثل عقبة رئيسية أمام حملة إنعاش الاستهلاك المحلي، الذي يُعد أولوية للقيادة الصينية، حيث أنه ولتعويض صدمة الرسوم الجمركية الأميركية الشاملة، تحتاج بكين إلى زيادة الطلب المحلي والمساعدة في تعويض خسارة سوق استوعبت 525 مليار دولار من البضائع الصينية العام الماضي.

نمو قوي والخطر في الطريق

وتتزايد التوقعات بأن يلجأ صانعو السياسات الصينيون إلى إقرار حزمة تحفيز كبيرة لمساعدة الاقتصاد على تحقيق الهدف الرسمي المتمثل في نمو بنسبة 5 بالمئة تقريباً هذا العام، فبفضل الدعم الحكومي المُقدم في أواخر عام 2024، نما اقتصاد الصين بأفضل من المتوقع في الربع الأول من العام 2025، مع تدفق الصادرات إلى الولايات المتحدة قبل فرض الرسوم الجمركية الجديدة الباهظة.

وأظهرت البيانات الحكومية الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطني الصيني خلال الساعات الماضية، نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 5.4 بالمئة على أساس سنوي خلال الربع الأول من 2025، متجاوزاً التوقعات البالغة 5.2 بالمئة.

ورغم هذه البيانات المتفائلة، إلا أن تشيوي تشانغ كبير الاقتصاديين لدى "بينبوينت" لإدارة الأصول، أشار إلى أن الأضرار الناجمة عن الحرب التجارية، ستظهر في بيانات الشهر المقبل، حسبما نقلت "سي إن بي سي".

الصين تواجه خطر البطالة

ويقول رئيس قسم الأسواق العالمية في Markets Cedra جو يرق، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة ستترك بلا شك آثاراً واضحة على اليد العاملة وسوق العمل الصينية، إذ لا وجود لحرب تجارية من دون كلفة اقتصادية، علماً أن بكين اضطرت إلى الدخول في هذه المواجهة لحفظ ماء الوجه، في ظل موجة من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على السلع الصينية.

ويُوضح يرق أن نحو 15 بالمئة من الصادرات الصينية وهي بضائع بقيمة تتراوح بين 550 و600 مليار دولار سنوياً، كانت تتجه إلى السوق الأميركية، ومع تراجع هذه الصادرات، من الطبيعي أن تشهد سوق العمل الصينية ضغوطاً متزايدة، قد تترجم إلى ارتفاع في معدلات البطالة، لافتاً إلى أن بعض التقارير الاقتصادية، تشير إلى احتمال تراجع النمو في الصين، بواقع يتراوح بين نقطتين ونصف وثلاثة نقاط.

بكين تتحرك مجدداً

ويشرح يرق أن الاقتصاد الصيني يعاني منذ عام 2021، حتى أنه بالكاد وصل في عام 2024 الى مستويات نمو بنسبة 5 بالمئة ، مشيراً الى أن الضعف الأساسي للاقتصاد الصيني بعد جائحة كورونا، كان المستهلك وأيضاً الصناعة، إضافة إلى عوامل الحرب الروسية الأوكرانية، ومؤخراً ما واجتهه السيارات الكهربائية الصينية، من رسوم أضرت بها، مشيراً إلى أن بنك الشعب الصيني، استعمل بعض التحفيزات، ولجأ إلى خفض الفوائد لتنشيط الاقتصاد، حيث من المرجح حالياً أن يعيد الكرّة مرة جديدة، من خلال اللجوء إلى عدة أدوات مالية تحفيزية.

ويشرح يرق أن الاقتصاد الصيني يعاني منذ عام 2021، وبالكاد تمكن في عام 2024 من تحقيق نمو بنسبة 5 بالمئة، فأحد أبرز مكامن الضعف في الاقتصاد الصيني بعد جائحة كورونا كان ضعف الاستهلاك المحلي، إضافة إلى ضعف قطاع الصناعة، فضلاً عن تأثيرات الحرب الروسية - الأوكرانية، والرسوم الأخيرة التي فُرضت على السيارات الكهربائية الصينية، والتي ألحقت ضرراً بهذه الصناعة، مشيراً إلى أن بنك الشعب الصيني استخدم في الفترة الماضية أدوات تحفيزية، من بينها خفض أسعار الفائدة بهدف إنعاش الاقتصاد، ومن المرجّح أن يعيد الكرّة مجدداً عبر اللجوء إلى مجموعة من الأدوات المالية التحفيزية.

وبحسب يرق فإن الحكومة الصينية والصناديق الحكومية تقوم حالياً بشراء الأسهم للمحافظة على سيولة الشركات، وعلى أسعار الأسهم الصينية، مشدداً على أن الشق الإيجابي هو أن ما يحدث يترك مجالاً للصين لكي تنوع بالأسواق، علماً أن الحل للحرب التجارية بين أميركا والصين، سيكون من خلال تنازل الطرفين، ولكن على المدى المتوسط سوف نرى تدهوراً بالأرقام الاقتصادية الصينية وبالنمو، وسنرى ارتفاعاً في البطالة وضعف في الاستهلاك، حيث سيتأقلم الاقتصاد الصيني مع الصدمات إثر تدخل الحكومة الصينية وبنك الشعبي الصيني.

الصين تواجه فاتورة الاعتماد على التصدير

من جهتها تقول المحللة الاقتصادية رلى راشد، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه عادةً عندما تفقد دولة كبيرة مثل الصين منفذاً رئيسياً لصادراتها، ونحن نتحدث هنا عن سوق استوعبت ما قيمته 525 مليار دولار من البضائع الصينية في عام واحد، يكون الأثر مباشراً على الإنتاج الصناعي والتشغيل في البلاد، وهو ما سيضع بالتأكيد ملايين الوظائف المرتبطة بالتصدير في مهبّ الريح، خصوصاً أن بكين اعتمدت بشكل شبه مطلق على الصناعة والتصدير كقاطرة للنمو، ولكنها في المقابل لم تُعط السوق الاستهلاكية المحلية الاهتمام الكافي، لا على مستوى الأجور ولا على مستوى شبكات الأمان الاجتماعي، وهذا ما يُضاعف الآن من وطأة الأزمة التي قد تتعرض لها بسبب الرسوم الجمركية الأميركية.

وتشرح راشد أن السوق الصينية ليست جاهزة بعد، لاستيعاب فقدان السوق الأميركية، لأن الطلب المحلي الصيني لا يزال هشاً ويتأثّر بالأجور المنخفضة، ولكن في جميع الأحوال بكين مُضطرة الآن لإعادة تشكيل نموذجها الاقتصادي، من التركيز على التصدير إلى الاعتماد على الاستهلاك المحلي، فلم يعد بالإمكان الاتكال على الأسواق الغربية وحدها، بل يجب بناء طبقة وسطى قادرة على الاستهلاك وخلق منظومة اقتصادية داخلية أكثر مرونة وتنوعاً، معتبرةً أن هذا النوع من التحولات يتطلب وقتاً واستثمارات ضخمة في السياسات الاجتماعية والمالية والبنية التحتية للاستهلاك.

هل يمكن للصين النجاة؟

وترى راشد أنه من المهم الآن أن تتحرك الحكومة الصينية، من خلال حزمة تحفيز كبيرة تُركّز على دعم الأجور والاستثمار في البنى التحتية المحلية، لتعويض ضعف الطلب الخارجي، وقد رأينا ذلك يحصل في أزمات سابقة، مثل الأزمة المالية العالمية في 2008، حين ضخّت بكين ما يفوق نصف تريليون دولار أميركي في الاقتصاد المحلي، وأنقذت آنذاك النمو من الانهيار، إضافة إلى ذلك هناك حلول ليست سريعة المفعول، وهي أن تلجأ بكين إلى تنويع شركائها التجاريين، عبر توقيع اتفاقيات أوسع مع دول الجنوب العالمي، لتخفيف التبعية للولايات المتحدة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق