الاتحاد الأوروبي يستكشف خيارات قانونية لإنهاء عقود الغاز الروسية دون غرامات

البورصة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

كشفت صحيفة فاينانشيال تايمز، أن الاتحاد الأوروبي يدرس خيارات قانونية قد تتيح للشركات الأوروبية فسخ عقود الغاز طويلة الأجل مع روسيا دون تكبد غرامات مالية كبيرة.

وذكرت الصحيفة، أن المفوضية الأوروبية تُقيّم العقود القائمة وإمكانية تفعيل بند “القوة القاهرة”، الذي يسمح للمستوردين بإنهاء التزاماتهم التعاقدية دون دفع رسوم إضافية، بحسب ما أفاد به ثلاثة مسؤولين مطلعين على الخطة.

وقال مسؤول أوروبي: “إذا كان الهدف هو التوقف عن تمويل روسيا، فإن دفع تعويضات لها يتعارض مع هذا الهدف من الأساس”.

وأشارت الصحيفة، إلى أن هذه الخطوة تُبرز الصعوبات التي تواجه الاتحاد الأوروبي في سعيه للتخلص من الاعتماد على الطاقة الروسية، في إطار مساعيه لحرمان الكرملين من مصادر تمويل الحرب في أوكرانيا.

وبات الغاز الروسي يشكل نحو 11% فقط من إمدادات الاتحاد الأوروبي عبر خطوط الأنابيب، مقارنةً بنسبة تجاوزت 40% في عام 2022، إلا أن واردات الغاز الطبيعي المسال (LNG) الروسي ارتفعت بشكل ملحوظ خلال السنوات الثلاث الماضية.

ويُعد هذا التحرك جزءًا من خارطة طريق تسعى المفوضية الأوروبية لإعدادها من أجل التخلص الكامل من الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027، وفقًا لما أكدته الصحيفة.

وتأتي هذه الخطة في وقت حرج، حيث يسعى الاتحاد الأوروبي أيضًا إلى التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن اتفاق طاقة يُخفف من تأثير نظام التعريفات الجمركية الذي فرضه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

ورفضت المفوضية الأوروبية التعليق على تلك التقارير، في حين أكدت الصحيفة أن الولايات المتحدة أصبحت المورد الأكبر للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، ويُنظر إليها كبديل رئيسي في حال تقليص واردات الغاز الروسي بشكل إضافي.

وبحسب بيانات مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، دفع الاتحاد الأوروبي 21.9 مليار يورو لروسيا مقابل واردات النفط والغاز خلال الفترة من فبراير 2024 إلى فبراير 2025.

وعلى خلاف الفحم، لم يخضع الغاز الروسي لحظر استيراد شامل، بينما حظر الاتحاد الأوروبي 90% من واردات النفط الروسي.

ورغم ارتفاع واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي بنسبة تقترب من 60% خلال السنوات الثلاث الماضية، لا تزال الصادرات الإجمالية للغاز الروسي إلى الاتحاد عند أدنى مستوياتها منذ عام 2022.

وتأخرت خارطة الطريق الأوروبية، التي كان من المقرر إصدارها في مارس الماضي، نتيجة مخاوف من عرقلة إقرارها من قِبل دول مثل المجر وسلوفاكيا، اللتين لا تزالان تعتمدان بشكل كبير على الغاز الروسي الذي يصل عبر خطوط الأنابيب.

وهددت الحكومة المجرية، المعروفة بتوجهاتها الموالية لموسكو، برفض أي عقوبات أوروبية على الغاز الروسي، ما قد يُفشل أي تشريع جديد بسبب الحاجة إلى الإجماع بين الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة.

كما أُجّلت الخارطة أيضًا بسبب مناقشات أولية بشأن مستقبل خط أنابيب “نورد ستريم” الرابط بين روسيا وألمانيا، والذي أُعيد طرحه ضمن الجهود الأمريكية الرامية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ولإدخال ملف الغاز ضمن المحادثات التجارية مع إدارة ترامب.

وقال دبلوماسي أوروبي: “إنها فوضى حقيقية… ما هو دور الولايات المتحدة في كل هذا؟ وكيف نُنوع مصادرنا؟”.

ورغم هذه التحديات، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، للصحيفة أن الخطة من المتوقع إصدارها خلال “ثلاثة إلى أربعة أسابيع”.

وفي ظل الضغوط المتزايدة من بروكسل، تخشى دول الاتحاد من أن يؤدي فرض إلغاء قسري لعقود الغاز الطبيعي المسال الروسية إلى ارتفاع الأسعار، في وقت تُعاني فيه الشركات الأوروبية من أزمات جيوسياسية وارتفاع كبير في التكاليف.

وقد منحت المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء صلاحية منع شركات تشغيل الغاز الروسية والبيلاروسية من استخدام البنية التحتية الأوروبية للموانئ أو أنابيب الغاز، إلا أن الوزراء الأوروبيين اشتكوا من أن هذه الإجراءات لا تمنحهم أدوات قانونية كافية لفرض فسخ العقود القائمة.

ووفق فاينانشيال تايمز، فإن العقبة الأساسية التي يواجهها المحامون في المفوضية تتمثل في أن معظم هذه العقود سرية وتختلف من حالة إلى أخرى، ما يجعل من الصعب تعميم أي إجراء قانوني.

وأوضح أحد المسؤولين الأوروبيين أن استخدام الحرب في أوكرانيا كمبرر قانوني لإعلان القوة القاهرة “قد لا يكون كافيًا” في أغلب الحالات.

وتُعد موانئ فرنسا وإسبانيا وبلجيكا مراكز رئيسية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال الروسي، فيما لا يزال مصنع “يامال” في روسيا يحتفظ بعقود مع عدد من كبرى شركات الطاقة الأوروبية، مثل “شل” و”نيتورجي”.

وفي هذا السياق، دعا مركز “بروجل” البحثي، ومقره بروكسل، إلى فرض رسوم جمركية بدلًا من الحظر الكامل، معتبرًا أن هذا الخيار سيُدرّ دخلًا لصالح الاتحاد الأوروبي ويجبر الموردين الروس على خفض الأسعار للحفاظ على قدرتهم التنافسية.

وعلى عكس العقوبات، لا يتطلب فرض رسوم جمركية سوى موافقة أغلبية الدول الأعضاء، ما يجعله خيارًا أكثر واقعية للتطبيق.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق