دفعت التوترات التجارية المتصاعدة، الشركات فى مختلف القطاعات الصناعية، إلى اتباع سياسات أكثر تحفظًا فى إدارة تدفقاتها النقدية، خاصة فيما يتعلق بمصروفات التسويق والإعلانات، تحسبًا لأى تقلبات جيوسياسية قد تؤثر على خططها التوسعية، بحسب عدد من المتعاملين بالسوق تحدثوا إلى «البورصة».
وارتفعت الرسوم الجمركية على واردات أميركا من الصين حتى الآن إلى 145%، بينما أصبحت الرسوم الجمركية على واردات الصين من أميركا 125%.
وقالت الشركات، إنه بالرغم من تراجع ترامب عن موقفه الصارم وإعفاء بعض المنتجات من الرسوم الجمركية، فإن الحرب التجارية بين واشنطن وبكين لم تنتهِ، فكلا الجانبين متمسك بموقفه الرافض وقد يستغرق الأمر حتى نهاية العام الحالى.
المراكبى: المجموعة تستغنى عن الترويج الإعلانى مقابل المشاركة فى المعارض
قال حسن المراكبى، رئيس مجموعة «المراكبى للصلب»، إن قطاع الحديد فى مصر لن يشهد تأثيرات جوهرية خلال الفترة الراهنة، إلا إذا حدثت تحركات كبيرة فى سعر صرف الدولار، وهو ما قد ينعكس على أسعار الخامات المستوردة التى تعتمد عليها الصناعة بشكل رئيسى.
أوضح أن الشركات العاملة فى القطاع تتبنى حاليًا استراتيجيات للتحوط من خلال تثبيت أسعار منتجاتها قدر الإمكان، بهدف الحفاظ على حصصها السوقية فى ظل التقلبات الاقتصادية العالمية.
وأضاف أن مجموعة المراكبى تحرص على المشاركة فى المعارض المحلية والدولية، والتى تُعد بندًا أساسيًا ضمن بنود الإنفاق السنوية ولا يمكن إيقافه حتى فى أوقات الأزمات، مشيرًا إلى أن المجموعة لا تركز على الإعلانات نظرًا لطبيعة العملاء المستهدفين وهم الكيانات الصناعية والمؤسسات، وليس المستهلك الفردى.
وأكد أن المشاركة فى المعارض تمثل أداة فعالة للحفاظ على حضور المجموعة فى السوق، وتعزيز علاقاتها مع العملاء والشركاء، والترويج لمنتجاتها بشكل مباشر داخل بيئة أعمال متخصصة.
نوارة: ننتقى أهم المعارض الدولية للحفاظ على جذب عملاء جدد وزيادة معدلات التصدير
من جانبه، قال أحمد نوارة، الرئيس التنفيذى لشركة «المنار للزيوت»، إن الشركة خصصت ميزانية التسويق والإعلانات منذ بداية العام الحالى، وتُديرها بحذر يتناسب مع الظروف العالمية الحالية التى تتطلب تقليص أى إنفاق غير ضرورى، لا سيما مع عدم وجود خطط توسعية عاجلة خلال المرحلة الحالية.
وأوضح أن الشركة أعادت النظر فى قائمة المعارض التى اعتادت المشاركة بها سنويًا، واختارت منها الفعاليات الأكثر تأثيرًا فى استقطاب عملاء جدد، والحفاظ على حضورها التصديرى فى الأسواق الخارجية.
وأشار إلى أن الشركة اتخذت إجراءات موازية لتقليل التكاليف، شملت وقف التعيينات الجديدة وزيادة المهام الموكلة إلى الموظفين الحاليين، مع تحريك جزئى للرواتب لتناسب الأعباء الإضافية.
الدسوقي: التحوط ضد القرارات المفاجئة مع استمرار الترويج للمنتجات
وقال فادى الدسوقى، العضو المنتدب لشركة «روكال للمواد العازلة»، إن الأوضاع الحالية تفرض على الشركات وضع خطط تحوطية لحماية أعمالها من أى قرارات مفاجئة قد تصدر من القوى الاقتصادية الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين، والتى تؤثر على حركة التجارة العالمية.
وأشار إلى أن شركته تُفضل الإبقاء على سياستها الحالية فى الإنفاق على الإعلانات والمشاركة فى المعارض الخارجية، لما لذلك من تأثير مباشر فى الحفاظ على صورة الشركة السوقية وعدم التأثير على علامتها التجارية فى الأسواق الخارجية.
فى سياق متصل، قال عبد الرحمن حسن الجباس، رئيس مجلس إدارة شركة «الرواد لدباغة الجلود»، إن الشركة قررت خفض أعداد المشاركين فى المعارض الدولية والمحلية، بجانب وقف التعيينات الجديدة خلال الفترة الحالية، وذلك فى ظل التراجع المتوقع فى حجم المبيعات مع نهاية العام.
وأضاف أن قطاع دباغة الجلود من أكثر القطاعات تأثرًا بالحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، خاصة أن الصين كانت من أكبر مستوردى الجلود الخام المصرية لإعادة تصنيعها وتصديرها إلى السوق الأمريكى.
وأوضح أن الصين بدأت فى البحث عن مستوردين بأسعار أقل، فى محاولة لتقليص تكاليف الإنتاج، والحفاظ على عملائها داخل السوق الأمريكى، فى ظل استمرار القيود والرسوم الجمركية بين البلدين.
من جانبه، قال محمد شلقانى، رئيس مجلس إدارة شركة «نفرتيتى للرخام والجرانيت»، إن الشركة تدرس بعناية إدارة مصروفاتها التسويقية، خصوصًا ما يتعلق بالإعلانات والمشاركة فى المعارض الخارجية، بهدف الحفاظ على مكانتها فى الأسواق التصديرية، دون تحميل الميزانية أعباء إضافية فى هذه المرحلة الحساسة.
أضاف أن الشركة قررت تأجيل خطتها التوسعية التى كانت تستهدف تنفيذها خلال العام الجارى، بقيمة استثمارات تصل إلى 30 مليون جنيه، بهدف زيادة الطاقة الإنتاجية وفتح أسواق جديدة، وذلك تحسبًا لأى قرارات قد تؤثر على القطاع، لا سيما فى ظل القرارات المفاجئة التى تتخذها الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب.
ولفت إلى أن الشركة كانت قد تعاقدت على شراء خطوط إنتاج جديدة من الخارج، لكنها قررت تأجيل تركيبها لحين استقرار الأوضاع واتضاح الرؤية بشكل أكبر.
وأشار إلى أن التحدى الأكبر الذى تواجهه الشركات حاليًا يتمثل فى تغيرات سعر صرف العملة الأجنبية، وهو ما يؤثر مباشرة على الشركات المصدرة، ويضع ضغوطًا إضافية على تكلفة الإنتاج.
وأوضح أن حجم التبادل التجارى الكبير بين الولايات المتحدة والصين، والذى يمثل نحو 60% من حجم التجارة العالمية، قد يؤدى إلى زيادة المعروض من الحاويات، وهو ما قد يُسهم فى خفض تكاليف الشحن، ويمنح الشركات المصرية فرصة للاستفادة من انخفاض أسعار المواد الخام والآلات المستوردة.
تابع أن الصين قد تضطر أيضًا إلى تخفيض تكاليف الشحن لتعزيز تنافسيتها فى الأسواق العالمية، لا سيما مع سعى الشركات الصينية للاحتفاظ بحصتها من المستوردين فى الأسواق الكبرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا.
نصر: البحث عن بدائل أقل تكلفة للتسويق في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة
وقال علاء نصر، عضو غرفة صناعة الأخشاب، ورئيس شركة «الكريم لتجارة وتصنيع الأخشاب»، إن الشركة أوقفت المشاركة فى المعارض الدولية والمحلية، وكذلك البعثات التجارية، واستبدلتها بخطط بديلة لتسويق منتجاتها بأقل تكلفة ممكنة.
وأضاف أن الشركة تبحث حاليًا عن مستثمر صينى للدخول فى شراكة لتنفيذ مشروعات جديدة بالسوق المحلى، بهدف التوسع فى السوق الأمريكى، عبر الاستفادة من الميزات الجمركية التى قد توفرها الشراكة مع مستثمر أجنبى، إلى جانب قدرته على توفير مدخلات إنتاج بأسعار أقل.
وأشار إلى أن الصين تُعد من أكبر الدول المصدرة للأخشاب إلى السوق الأمريكى، مما يجعل جذب مستثمر من هذه السوق خطوة استراتيجية لدعم نمو الشركة وتعزيز قدرتها على اختراق أسواق جديدة.
0 تعليق