هل يتحمّل الاقتصاد العالمي كلفة الصدام الأميركي الصيني؟

sky news arabia 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل يتحمّل الاقتصاد العالمي كلفة الصدام الأميركي الصيني؟, اليوم الخميس 10 أبريل 2025 11:39 صباحاً

وهذا التضارب في الرؤى ستكون له تداعيات عميقة جداً، تحديداً على الدول "العالقة في المنتصف" بين أميركا والصين، حيث أن أطرافاً قليلة ستكون قادرة على النجاة، من الزلزال الاقتصادي الذي يضرب العالم حالياً، في وقت يتجاوز فيه التصعيد المتبادل بين البلدين، جميع التوقعات ليصل إلى مستويات غير متوقعة.

لا انفراج في الأفق

في الواقع، يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب من خلال سياسته الصادمة، إلى تحقيق "العصر الذهبي لأميركا"، عبر إعادة صياغة قواعد التجارة العالمية لصالح بلاده، وهو لا يُظهر أي بوادر تُذكر لاحتمال تراجعه عن هذا النهج، وما قام به خلال الساعات القليلة الماضية، برفع المعدل الإجمالي للرسوم الجمركية الأميركية على البضائع الصينية إلى 125 في المئة هو أوضح دليل على ذلك.

بدورها، أعلنت الصين صراحة أنها "ستقاتل حتى النهاية" متوعدة بأن أي خطوة تصعيدية من جانب أميركا ستواجه بخطوة تصعيدية من قبلها، وهو ما طبقته بالفعل خلال الساعات الماضية مع إعلانها عن رفع نسبة الرسوم الجمركية على السلع الأميركية من 34 في المئة إلى 84 في المئة.

مخاطر على الدول العالقة في المنتصف

وبحسب تقرير أعدته "بلومبرغ" واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، فإن اتساع نطاق رسوم ترامب الجمركية يُشكّل مخاطر كبيرة على الاقتصاد العالمي من فائض المعروض الصيني، الذي سيُلقي بثقله على الاقتصادات العالقة في المنتصف، وذلك وفقاً لألبرت بارك، كبير الاقتصاديين في بنك التنمية الآسيوي ومقره مانيلا، الذي قال أيضاً إنه قد يكون من الصعب على تلك الدول، استيعاب واردات أكبر من السلع الصينية.

وستدفع الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة على بكين المُصنِّعين الصينيين، لزيادة صادراتهم إلى أوروبا وجنوب شرق آسيا وأماكن أخرى، ويرى جود بلانشيت، مدير مركز راند لأبحاث الصين في واشنطن، أنه من المرجح أن تتعرض أوروبا لضغوط متزايدة، حيث ستصبح هدفاً واضحاً للمصدرين الصينيين، الذين يتطلعون إلى تعويض خسائر مبيعاتهم إلى الولايات المتحدة، في حين يعتقد هنري غاو، أستاذ القانون في جامعة سنغافورة للإدارة، أن رسوم ترامب الجمركية تهدف إلى معالجة المشكلة الجذرية، المتمثلة برأسمالية الدولة الصينية على النظام الاقتصادي العالمي، ففي حال لم تُحل هذه المشكلة الأساسية، قد تقوم دول أخرى باتباع نهج أميركا مع الصين.

الصين تبحث كيف ستعوّض خسارتها

ورجّح تحليل أجرته "بلومبرغ إيكونوميكس" لتدفقات التجارة والعلاقات الاقتصادية، أن تُعيد الصين توجيه معظم صادراتها، لتعويض السوق التي قد تخسرها في الولايات المتحدة، تماماً كما فعلت في أعقاب الحرب التجارية، التي أطلقها ترامب خلال ولايته الأولى، إلا أن التحدي يكمن هذه المرة في أن الصين ستفعل ذلك في الوقت الذي تُكافح فيه اقتصادات الدول، لتعويض خسارة صادراتها إلى أميركا، بسبب الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها ترامب على جميع الدول، وهذا ما من شأنه أن يُفاقم الصدمة الصينية، إذ أن ما يقوم به ترامب يُهدد بإثارة موجة حمائية مُتصاعدة بين جميع الدول.

ويقول الخبير الاقتصادي ريتشارد بالدوين، الذي حضر مع خبراء تجاريين آخرين، مؤتمراً لصندوق النقد الدولي عُقد في طوكيو، واختتم يوم السبت الماضي، إن الصدمة الأميركية ستؤدي إلى صدمة صينية أشد وطأة، لأن ما يحدث قد يدفع جهات فاعلة رئيسية أخرى في العالم، إلى فرض رسوم جمركية على الصين، مشيراً إلى أن حدوث هذا السيناريو مؤكد.
ويرى بالدوين أن ما يُنقذ الاقتصاد العالمي ربما يكمن في أن الولايات المتحدة، لا تُمثل سوى حوالي 15 في المئة من التجارة العالمية، في حين أن الدول التي تُمثل نسبة الـ 85 في المئة المتبقية بقيادة الصين والاتحاد الأوروبي، يمكن أن تقوم بخطوات خاصة بها لتحرير التجارة.

الامتثال لترامب أو التحدي الخطر

وتحولت الصين إلى أكبر مُصنّع في العالم منذ انفتاحها في سبعينيات القرن الماضي، وهي تُشكّل الآن حوالي ثلث إجمالي الإنتاج الصناعي العالمي، وتُحقق فائضاً تجارياً مع أكثر من 160 دولة. ومع احتمال توسّع هيمنة عملاق التصنيع الصيني في أسواق جديدة، فإن على الدول "العالقة في المنتصف" إما الانضمام إلى "فريق الامتثال" للمطالب التجارية للرئيس الأميركي، وإما الانضمام إلى "فريق التحدي"، وهو ما سيضع هذه الدول أمام خطرين، يتمثلان بعدم وجود سوق كبيرة لتصريف لصادراتها، إضافة إلى مخاطر إغراق أسواقها بالبضائع الصينية.

فرغم أن رسوم ترامب الجمركية فتحت الباب مجدداً أمام الصين لتُصوّر نفسها كشريك اقتصادي موثوق، وهي فرصة تتوق بكين لاغتنامها، إلا أن احتمال أن تتمكن الصين من فتح أسواقها أمام الدول المتضررة من فقدان المستهلك الأميركي، يبقى احتمالاً بعيد المنال، فالسوق الاستهلاكية الصينية تعاني من تراجع، تجسّد بانخفاض واردات البلاد بأكثر من 8 في المئة هذا العام.

ويقول فريدريك نيومان، كبير الاقتصاديين الآسيويين في بنك HSBC Holdings Plc، إن زيادة الاستهلاك في السوق الصينية بشكل هادف، سيتطلب إعادة هيكلة شاملة لنموذج النمو الصيني، وهي مهمة جسيمة اقتصادياً وسياسياً وأيديولوجياً، رغم أن هذا الأمر يوفر فرصة فريدة، للحفاظ على وظيفة النظام العالمي الليبرالي وتولي القيادة الاقتصادية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق