نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لقاء نتنياهو مع ترامب.. رسائل مبطنة وحديث عن "ضيق الوقت", اليوم الأربعاء 9 أبريل 2025 06:27 صباحاً
ورغم الرمزية السياسية للقاء، جاءت تفاصيله مشوشة، يلفّها الغموض، بعد إعلان البيت الأبيض بشكل مفاجئ إلغاء المؤتمر الصحفي المشترك، الذي كان مقرراً أن يعقد عقب اللقاء الرسمي.
تزامنت هذه الزيارة مع حراك دبلوماسي محموم في المنطقة، لا سيما في القاهرة، حيث عقدت قمة ثلاثية جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بدفع أوروبي عربي واضح للبحث عن صيغة دبلوماسية تنهي الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، وتفتح نافذة سياسية في جدار الأزمة المسدود.
إلغاء المؤتمر الصحفي... إشارات صامتة ولكن لافتة
الإلغاء المفاجئ للمؤتمر الصحفي، رغم ترتيباته المعلنة، لم يكن مجرد تفصيل بروتوكولي. فوفق ما أكده مراسل "سكاي نيوز عربية" في واشنطن، أبو بكر أحمد، فإن "الخطوة أثارت الكثير من التساؤلات، خاصة أن هذا اللقاء كان يُفترض أن يُتوّج بإعلان سياسي أو رسالة مشتركة، لكنها غابت، ليبقى الغموض هو العنوان العريض".
وأشار إلى أن البيت الأبيض اكتفى بتصريحات مقتضبة عن "ضيق الوقت" و"تغيير في البرنامج"، في حين رفض مكتب نتنياهو التعليق.
ويضيف أبو بكر: "نتنياهو يزور واشنطن وسط ضغوط غير مسبوقة في الداخل الإسرائيلي، وغليان في المشهد الإقليمي. وهو يدرك تمامًا أن صورته مع ترامب تحمل قيمة رمزية لناخبيه، لكنها بلا مضمون سياسي واضح حتى الآن".
لقاء الحسابات المعقدة: غزة أولاً... ولكن ليس فقط
على الطاولة، حضر ملف غزة كأولوية ضاغطة. فبينما تدفع واشنطن وعواصم عربية نحو وقف شامل لإطلاق النار، يواصل نتنياهو التمسك بخيارات عسكرية، ويراهن على تمديد الدعم الأميركي، وتحديداً الجمهوري، لضمان "حرية العمليات" في القطاع، ورفض أي صيغة سياسية تقود إلى تسوية مع حماس، أو حتى العودة لمسار حل الدولتين.
ويشير المستشار السابق بوزارة الخارجية الأميركية، جوناثان واتشيل، خلال حديثه الى برنامج التاسعة على "سكاي نيوز عربية" إلى تعقيدات الموقف الأميركي تجاه التصعيد في غزة، قائلاً: "الإدارة الأميركية تواجه ضغطاً داخلياً هائلاً من الديمقراطيين التقدميين، والشارع الأميركي الذي بات أكثر حساسية تجاه الصور القادمة من غزة.
ولكن في الوقت ذاته، هناك جناح قوي في واشنطن خصوصاً داخل الحزب الجمهوري يرى أن دعم إسرائيل يجب أن يبقى دون شروط".
وأوضح واتشيل، في مقابلة مع "سكاي نيوز عربية"، أن "نتنياهو يعوّل على ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، كضمانة لإغلاق باب أي مسار تفاوضي مستقبلي حول غزة أو الضفة. وهو يحاول فرض واقع ميداني جديد قبل الانتخابات الأميركية المقبلة، مستندًا إلى تقاطعاته العميقة مع التيار المحافظ في الولايات المتحدة".
ملامح صفقة أم تحضير لما بعد الحرب؟
رغم التكتم الإعلامي على فحوى اللقاء، تتسرب من دوائر صنع القرار في تل أبيب معلومات تشير إلى محاولة نتنياهو طرح أفكار تتعلق بـ"صفقة تبادل" تُنهي المواجهة في غزة مرحلياً، دون التزامات سياسية بعيدة المدى، مع بقاء القوات الإسرائيلية في أجزاء من القطاع، وفرض واقع أمني دائم على الحدود.
ويطرح بعض المحللين أن جزءاً من زيارة نتنياهو يهدف لاختبار مواقف ترامب من ترتيبات ما بعد الحرب، بما في ذلك "خطة التهجير الجزئي" لسكان غزة، والتي تروج لها أوساط يمينية في حكومة نتنياهو، وتواجه رفضاً دولياً واسعاً.
ويحذر واتشيل من أن "أي حديث عن تغيير ديموغرافي أو فرض حلول قسرية على غزة سيزيد من تعقيد الوضع، ويجعل أي مبادرة سياسية مجرد وهم".
ويضيف: "المعادلة اليوم معقدة للغاية، والولايات المتحدة – حتى في حال عودة ترامب – لن تستطيع تبني سياسة تقوم فقط على المقاربة الأمنية دون كلفة استراتيجية".
المنطقة تتحرك... لكن إسرائيل في مسار مختلف
اللافت أن زيارة نتنياهو إلى واشنطن جاءت بالتزامن مع حراك دبلوماسي عربي – أوروبي محموم، بلغ ذروته في قمة القاهرة الثلاثية، التي ركزت على تثبيت وقف إطلاق النار، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، والعودة إلى المسار السياسي.
في المقابل، تبدو إسرائيل – أو على الأقل حكومة نتنياهو – وكأنها تسير في مسار مناقض، يقوم على "استثمار اللحظة" لفرض وقائع استراتيجية جديدة، تتعلق بغزة والضفة والحدود الشمالية مع لبنان.
ويتضح من تصريحات نتنياهو الأخيرة، وإصراره على استمرار العمليات حتى "تحقيق النصر الكامل"، أن أي حديث عن تهدئة دائمة ما زال بعيداً عن حسابات تل أبيب. وهو ما يعزز – بحسب أبو بكر أحمد – "الخشية من اتساع رقعة الحرب، في حال استمرار تجاهل المسارات الدبلوماسية، وتقديم الحسابات الانتخابية على ضرورات التهدئة".
تشير زيارة نتنياهو إلى واشنطن وإلغاء المؤتمر الصحفي إلى أكثر من مجرد خلل بروتوكولي. إنها لحظة تكشف حجم التعقيد في العلاقة بين إسرائيل وحلفائها التقليديين، وتسلط الضوء على التباينات الداخلية في واشنطن بين المؤسسة الرسمية ومرشح الحزب الجمهوري.
وبينما يتحرك العالم لمحاولة كبح جماح الحرب في غزة، يبدو أن إسرائيل تسعى لكسب الوقت، وتحقيق أكبر قدر من المكاسب الميدانية قبل الدخول في أي تسوية، ما ينذر باستمرار النزيف الإنساني، وتفاقم التوترات الإقليمية.
زيارة نتنياهو لواشنطن حملت رسائل مبطّنة أكثر مما حملت مواقف واضحة.
0 تعليق