نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رسوم ترامب وذكاء الصين.. هل يجد التنين مخرجاً بالخوارزميات؟, اليوم الجمعة 28 مارس 2025 09:51 صباحاً
وفي الأسابيع الأخيرة، تتابعت الإعلانات عن منتجات وحلول ذكاء اصطناعي جديدة، وتزايدت المؤشرات على قدرة هذه التقنية على تحقيق عوائد ملموسة. من أدوات إنشاء الفيديو إلى تطبيقات تحليل التربة، ومن منصات بناء المواقع الإلكترونية إلى أنظمة القيادة الذاتية، يبدو أن الصين تراهن بقوة على الذكاء الاصطناعي كقوة دافعة جديدة لاقتصادها.
لكن يبقى السؤال المحوري يتردد في الأذهان، بين تعريفات ترامب وذكاء الصين، هل يجد التنين مخرجاً بالخوارزميات؟ وهل يمكن للذكاء الاصطناعي الصيني أن يتجاوز جدار الرسوم الجمركية الذي قد يقام مجدداً؟ والأبعد من ذلك، بفضل هذا الازدهار التكنولوجي، هل يصبح شعار "ابتكر في الصين" بديلاً واعداً وفعالاً لشعار "صنع في الصين" في ساحة المنافسة العالمية؟
ازدهار الذكاء الاصطناعي يساعد في تخفيف آلام الرسوم الجمركية
ويكمن الاختلاف الكبير بين ولايتي الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى والثانية، بالنسبة للشركات الصينية القلقة بشأن الرسوم الجمركية الأميركية، في ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، وفقاً لتقرير نشرته شبكة (سي إن بي سي) واطلعت عليه سكاي نيوز عربية بعنوان "ازدهار الذكاء الاصطناعي في الصين قد يساعد في تخفيف بعض آلام الرسوم الجمركية".
وأوضح التقرير أن الشركات الصينية تعمل بجد في هذا الاتجاه، أذ أعلنت في الأسبوعين الماضيين شركة صينية عن منتج جديد للذكاء الاصطناعي وكيف تحقق أرباحاً من هذه التقنية، ونقل على سبيل المثال لا الحصر، عن شركة الفيديو القصير "كواي شو" أن "أداة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها لإنشاء مقاطع الفيديو، "كلينج"، قد حققت أكثر من 100 مليون يوان (13.78 مليون دولار) منذ إطلاقها في الصيف الماضي.
كما حدّثت شركة "تينسنت" في الأسبوع الماضي نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها لإنشاء صور ثلاثية الأبعاد والتي يمكن استخدامها في الألعاب أو للطباعة ثلاثية الأبعاد وأصدرت النسخة الكاملة من نموذجها الاستدلالي "هونيوان تي 1". وقبل بضعة أسابيع، قامت "تينسنت" بدمج "تي 1" مع تطبيق الدردشة الآلي الخاص بها "يوانباو" الذي يتيح للمستخدمين أيضاً استخدام أداة "ديب سيك آر 1".
وأشار التقرير إلى أن عدد المستخدمين النشطين يومياً لتطبيق "يوانباو" ارتفع بمقدار 20 ضعفاً في شهر واحد فقط، حسبما ذكرت "تينسنت" في الأسبوع الماضي. كما شاركت الشركة كيف استخدم بعض المزارعين تطبيق الذكاء الاصطناعي لتحليل ظروف التربة للزراعة.
وفي السياق ذاته، أطلقت شركة "بايدو" أخيراً أدوات لتمكين الأشخاص من إنشاء مواقع ويب وألعاب بسيطة باستخدام مطالبات المحادثة بدلاً من الاضطرار إلى كتابة التعليمات البرمجية. وقامت شركة "كونلون تك"، الشركة الأم للمتصفح "أوبرا"، بترقية تطبيقها "موريكا" لاستخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء الموسيقى.
وقال ماكسويل تشو، الرئيس التنفيذي لشركة برمجيات القيادة الذاتية "ديب روت.إيه آي": "إن الصين، بصفتها مركزاً تصنيعياً تتمتع بمزايا كبيرة من حيث الذكاء الاصطناعي نظراً لأن البلاد لديها الكثير من الآلات التي يمكنها جمع بيانات قيمة لتدريب نماذج خاصة بالصناعة.
وأعلنت شركة "ديب روت.إيه آي"، التي تأسست عام 2019، في الأسبوع الماضي أنها تقوم ببناء نظام لمركبات التوصيل ذاتية القيادة لإرسال الطرود بأوامر صوتية بسيطة مثل "احضر قهوة من هذا المتجر وأرسلها إلى الشقة"، وقال تشو إنه "يأمل أن يبدأ تشغيل النظام في الصين بحلول أوائل العام المقبل".
الذكاء الاصطناعي يتمتع بذكاء مماثل للبشر
بدوره، قال دينغ وينجي، استراتيجي الاستثمار في استثمارات رأس المال العالمية في شركة إدارة الأصول الصينية، "إن التأثير المشترك لهذه التقنية يرفع توقعات نمو أرباح الشركات الصينية في العام المقبل، وستشير الأرباح إلى ما إذا كان الاقتصاد يشهد انتعاشاً حقيقياً، خاصة في ظل ضغط الرسوم الجمركية والقيود التجارية الأخرى.
وكان بنك غولدمان ساكس قدر أن زيادة الرسوم الجمركية الأميركية على السلع الصينية بنسبة 20 بالمئة يمكن أن تقلل أرباح الشركات الصينية بنسبة 5 بالمئة.
ونوه تقرير الشبكة الأميركية إلى أن توماس فريدمان الكاتب في صحيفة نيويورك تايمز خلص بعد زيارة للصين هذا الأسبوع، إلى أنه لم تكن الرسوم الجمركية أو تايوان ما يحتاج الرئيسان الأميركي والصيني إلى مناقشته على الفور، بل الذكاء الاصطناعي الذي يتمتع بذكاء مماثل للبشر وينتشر في جميع أنحاء العالم.
في حديث خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أكد الخبير الاقتصادي، عضو مجلس أمناء مركز الشرق الأوسط للدراسات الاقتصادية هاشم عقل، أن "الرسوم الجمركية الأميركية أثرت بالفعل على بعض جوانب تطور الذكاء الاصطناعي في الصين، خاصة تلك التي تعتمد على استيراد التقنيات والمكونات الأميركية المتقدمة، مثل شرائح الحوسبة المتطورة." وأوضح أن "هذه الرسوم أدت إلى زيادة تكاليف البحث والتطوير والإنتاج في بعض قطاعات الذكاء الاصطناعي.
الرسوم تحفز الصين على تسريع وتيرة تحقيق الاكتفاء الذاتي في التكنولوجيا
إلا أن عقل لفت الانتباه إلى رد الفعل الاستراتيجي للصين، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية، وإن كانت تمثل تحدياً، إلا أنها حفزت الصين بشكل كبير على تسريع وتيرة تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال التكنولوجيا، وخاصة في صناعة الرقائق الحيوية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وشدد على أن الاستثمارات الضخمة، سواء من الحكومة أو القطاع الخاص، تركز على تطوير بدائل محلية والحد من الاعتماد على التكنولوجيا الغربية.
وفي رؤيته لكيفية مساهمة ازدهار الذكاء الاصطناعي في تخفيف آثار الرسوم، أشار عقل إلى أن: "تطوير تطبيقات ذكاء اصطناعي مبتكرة وذات قيمة مضافة عالية يمكن أن يعزز القدرة التنافسية للشركات الصينية في الأسواق العالمية، حتى مع وجود الرسوم الجمركية.
وأوضح أن خفض التكاليف التشغيلية من خلال أتمتة العمليات باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتحسين كفاءة الإنتاج، وتقديم منتجات وخدمات جديدة ومتميزة بفضل هذه التقنية، يمكن أن يساعد الشركات الصينية على امتصاص جزء من تكاليف الرسوم الجمركية أو تعويضها.
وأضاف عضو مجلس أمناء مركز الشرق الأوسط للدراسات الاقتصادية: "إن التركيز الصيني على تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل المدن الذكية، والتصنيع الذكي، والخدمات الرقمية، يخلق أسواقاً جديدة وفرص نمو قد تكون أقل تأثراً بالقيود التجارية التقليدية. وأكد أن القدرة على الابتكار وتقديم حلول تعتمد على الذكاء الاصطناعي محلي الصنع يمكن أن يقلل من الحاجة إلى استيراد بعض التقنيات الخاضعة للرسوم، وبالتالي تخفيف العبء الاقتصادي.
وعلى المدى الطويل، فإن الازدهار المستمر للذكاء الاصطناعي في الصين، مدعوماً بالاستثمارات الضخمة والتركيز على الاكتفاء الذاتي، يمكن أن يقلل تدريجياً من تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد الصيني بشكل عام وعلى قطاع التكنولوجيا بشكل خاص." إلا أن الخبير الاقتصادي عقل نوه إلى أن تجاوز التحديات المتعلقة بتصنيع الرقائق المتقدمة يظل أمراً حاسماً في تحقيق هذا الهدف بشكل كامل.
الابتكارات لا ترتبط بوطن
من جهته، قال الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "إن الصين لا تزال تقدم نفسها للعالم كقوة اقتصادية لا غنى عنها، مهما تصاعدت الضغوط الاقتصادية من جهات مختلفة، سواء كانت رسوماً جمركية من الولايات المتحدة أو زيادات ضريبية محتملة من دول أخرى، بما في ذلك دول في الاتحاد الأوروبي."
وأكد على أن "الصين تعتمد في استراتيجيتها على تعزيز اعتماد العالم عليها من خلال التقدم المستمر، خاصة في مجالات الابتكار والذكاء الاصطناعي." وفي هذا الإطار، أشار إلى أن الظهور الأخير لأحدث السيارات الكهربائية في الصين يضع العالم أمام تحدٍ كبير، لا سيما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذين يعتبران من أكبر المستهلكين لمنتجات الطاقة المتجددة."
واعتبر ذلك نموذجاً لقدرة الصين على التأثير في القطاعات الحيوية.
وفيما يتعلق بتأثير الرسوم الجمركية الأميركية، قال الدكتور بدرة: "على الرغم من أن فرض الرسوم من قبل الولايات المتحدة سيكون له تأثير اقتصادي، إلا أن السيناريو الحالي يشير إلى أن الصين تسعى لترسيخ فكرة أنه لا يمكن الاستغناء عنها في اعتماد العالم عليها، وهذا يتضمن الحفاظ على التواصل والمشاركة مع الدول والشركات المصنعة".
كما لفت إلى أن شركات تصنيع التكنولوجيا الحديثة قد تكون هي القوة التي تفرض نفسها على العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، مما قد يدفع الرئيس الأميركي لمراجعة موضوع الرسوم الجمركية في الفترة القادمة، مشيراً إلى أن التهديدات والتأثيرات الصادرة عن ترامب دائماً ما يكون لها صدى اقتصادي على الأسواق، ولذلك يجب انتظار تطبيق سيناريو فرض الرسوم لتقييم تأثيراتها خلال الأيام المقبلة أو احتمال التراجع عنها.
وفي تقييمه لتداعيات تطبيق الرسوم، قال الخبير الاقتصادي بدرة "إذا تم تطبيقها، سيكون هناك ضرر على الولايات المتحدة نفسها، وقد يتم مراجعتها نتيجة للضغوط الداخلية من الشركات التي تعتمد بشكل كبير على التعاون مع الصين." كما أشار إلى أن الاقتصاد العالمي لا يزال يعاني من الضغوط التضخمية، وأي زيادة في الأسعار ناتجة عن الرسوم قد تؤثر سلباً على المستهلك الأميركي، وهو ما قد يدفع ترامب لتجنب فرضها.
أما بالنسبة لشعار "ابتكر في الصين" كبديل لـ "صنع في الصين"، أوضح الدكتور بدرة أن شعار "صنع في الصين" هو الأكثر انتشاراً حالياً، ولكن الابتكارات العلمية والتنفيذية لا ترتبط بوطن محدد.
وأضاف: "يمكن أن يكون هناك ابتكار حقيقي في الصين في صناعة معينة، وفي الوقت نفسه قد يظهر ابتكار آخر في دولة أخرى مثل أميركا في مجال مختلف. الابتكار مرتبط بالعقول والأفكار التي تخدم المجتمعات والشعوب."
0 تعليق