هل تنجح بريطانيا في ترميم ثقة السوق بعد أخطاء الميزانية؟

sky news arabia 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل تنجح بريطانيا في ترميم ثقة السوق بعد أخطاء الميزانية؟, اليوم الثلاثاء 25 مارس 2025 08:26 صباحاً

هذا الوضع يضع ريفز في موقف لا تحسد عليه، حيث تواجه انتقادات حادة من المعارضة، وتشككاً من بعض أعضاء حزبها، وتحدياً من الأسواق المالية. وتأتي هذه التخفيضات في وقت حساس، حيث يشهد الاقتصاد البريطاني تحديات جمة، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الاقتراض، وتوقعات النمو الضعيفة، وتداعيات التوترات الجيوسياسية. وتزداد الأمور تعقيداً بسبب القواعد المالية الصارمة التي تلتزم بها ريفز، والتي تتطلب تغطية الإنفاق اليومي من خلال الضرائب، مما يحد من قدرتها على المناورة.

في ظل هذه الظروف الصعبة، يتركز السؤال المحوري حول قدرة ريفز على النجاح في ترميم ثقة السوق، وإعادة الاستقرار إلى المالية العامة، وإثبات قدرتها على قيادة الاقتصاد البريطاني في هذه المرحلة الحرجة؟  

عندما تصعد راشيل ريفز إلى منصة الخطابة في مجلس العموم غداً الأربعاء لتقديم بيانها الربيعي، فهي تهدف إلى إصلاح خطر من صنعها، انعكس سلباً عليها بعد ميزانيتها الافتتاحية، ترك هامش ضئيل جداً للحماية من القواعد المالية التي فرضتها على نفسها، بحسب تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ" واطلعت عليه سكاي نيوز عربية.

وأوضح التقرير أن ريفز ستعلن أمام جمهور من نواب المعارضة، وفي مواجهة تشكك من بعض نواب حزب العمال من حزبها، عن تخفيضات في الإنفاق بمليارات الجنيهات الاسترلينية لاستعادة الهامش الذي تمتعت به في أكتوبر مقابل هدفها الرئيسي في الميزانية، الذي يتطلب تغطية الضرائب للإنفاق اليومي.

وكان هامشها هو ثالث أصغر هامش مسجل عند 9.9 مليار جنيه إسترليني (12.8 مليار دولار)، وقد تم محوه منذ ذلك الحين بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض وتوقعات النمو الضعيفة. وتريد ريفز إعادة بنائه لإثبات استقامة حزب العمال المالية للأسواق المالية المتشككة، وفقاً للتقرير.

وقال بن زارانكو، المدير المساعد في معهد الدراسات المالية: "لقد شكّلت عبئاً على نفسها. لقد وضعت قواعد مالية رقمية صارمة، ولم تترك لنفسها مجالاً للتراجع عنها، والآن تغيرت التوقعات".

"العالم قد تغير" حجة تحول السياسات المالية  

وأضاف تقرير الوكالة الأميركية: "سيكون المحور الرئيسي لحجة ريفز بشأن تغييراتها هو أن العالم قد تغير، كما قال أحد المسؤولين، في إشارة إلى اضطرابات التجارة العالمية وضغوط الدفاع المتزايدة منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة. لكن انهيار السوق بعد ميزانيتها كان الدافع الفوري. مع تآكل هامشها، طغت التكهنات حول الزيادات الضريبية وتخفيضات الإنفاق وتغيير القواعد المالية على اعتبارات أخرى، مما تركها تتخذ قرارات غير مرحب بها بشأن الرفاهية والإنفاق".

وقلل المسؤول من توقعات قيام ريفز بوضع المزيد من الأموال جانباً مقارنة بشهر أكتوبر، قائلاً "إن لديها أدوات محدودة خارج الميزانية" - وأشار إلى أنه إذا كانت هناك حاجة إلى إيرادات في الخريف، فسيتم تفضيل الزيادات الضريبية على المزيد من الاقتراض."

وأشار التقرير إلى أن التحول الحالي إلى تخفيضات الإنفاق يمثل انتكاسة لوزيرة الخزانة، التي تولت منصبها قبل 8 أشهر واعدة باستقرار المالية العامة بعد الاضطرابات التي أشرف عليها المحافظون. كما أنه يمثل خروجاً عن تعهدها بعقد حدث مالي رئيسي واحد سنوياً.

وقالت ريفز في تصريحات صحفية: "علينا أن نكثف الجهود ونستمر في ضمان أننا نفعل كل ما في وسعنا لرفع مستويات المعيشة، وفي النهاية يتم ذلك من خلال تنمية الاقتصاد، لا يمكننا أن نفرض الضرائب وننفق طريقنا نحو مستويات معيشة أعلى وخدمات عامة أفضل. هذا غير متاح في العالم الذي نعيش فيه اليوم."

وتتوقع "بلومبرغ إيكونوميكس" أن تواجه ريفز احتياجات اقتراض إضافية بقيمة 17 مليار جنيه إسترليني، مع استجابة من خلال تخفيضات في الإنفاق. وقد خصصت بالفعل 5 مليارات جنيه إسترليني من الوفورات في ميزانية الرعاية الاجتماعية، بينما تُوفر لها عملياتها المحاسبية المعقدة المتعلقة بخفض المساعدات الخارجية لتمويل الدفاع 2.4 مليار جنيه إسترليني أخرى. وهذا يشير إلى توفير حوالي 10 مليارات جنيه إسترليني من الإنفاق اليومي.

ريفز في حيرة من أمرها و3 أهداف أمامها

 من لندن يقول الدكتور ممدوح سلامة خبير الاقتصاد العالمي في حديث خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "إن وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز في حيرة من أمرها، فعندما تقف يوم الأربعاء أمام مجلس العموم البريطاني لتتحدث عن سياستها الاقتصادية والميزانية البريطانية ستجد أنها مضطرة إلى أن تعلن أنها ستسعى لجعل الضرائب كافية لتغطية الإنفاق من جانب الحكومة البريطانية، وهذا يعني إما رفع الضرائب أو خفض الإنفاق بشكل كبير بحيث أن تحصل عليه الحكومة من الضرائب يكفي لسد حاجتها من الإنفاق".

ومع ذلك يرى الدكتور سلامة "أن ذلك مستحيل والدليل على ذلك ارتفاع الديون والقروض التي حصلت عليها بريطانيا في الأسابيع الثلاثة الماضية، من هذه الزاوية وضعت ريفز نفسها في وضع صعب إن خفضت الإنفاق فإنها ستؤثر على كثير من فئات المجتمع البريطاني، ويمكن أن تضر بمصالحهم، وإن رفعت الضرائب فستقلل كذلك من الاستثمارات التي يمكن أن تأتي إلى بريطانيا وتجعل سرعة نمو الاقتصاد محدودة جداً".

لكن هناك ثلاثة أهداف رئيسية تسعى وزيرة الخزانة البريطانية لتحقيقها وهي بحسب خبير الاقتصاد العالمي الدكتور سلامة:

  • ضمان أن الضرائب البريطانية كافية لتغطية حاجة الحكومة من الإنفاق بما يفي بمصالح الشعب البريطاني.
  • ضمان عدم ازدياد الاقتراض من جانب الحكومة البريطانية مما يرفع حجم الديون البريطانية بالنسبة للناتج الإجمالي بشكل غير مقبول ويهدد القدرة الشرائية للجنيه الإسترليني ومكانته العالمية.
  • جذب استثمارات أجنبية كبيرة يحتاجها اقتصاد البلاد لبناء بنيته التحتية ورفع مستوى الإنتاج وبالتالي حجم التصدير.

وأكد سلامة في ختام حديثه: "أن هذه هي الطرق التي تحتاجها بريطانيا لضمان أي نمو مستقبلي لاقتصادها وخفض البطالة".

عوامل استعادة ثقة السوق  

من جانبه، أكد الرئيس التنفيذي لمركز "كروم للدراسات الاستراتيجية" في لندن، طارق الرفاعي، أن استعادة ثقة السوق ستعتمد على مزيج من الإشارات المالية الواضحة، والتصحيحات السياسية الموثوقة، والظروف الاقتصادية الخارجية.

وأشار إلى أنه في حال قدمت ريفز خطة متماسكة لمعالجة التداعيات، تتسم بالشفافية والمساءلة وتوقعات واقعية للنمو، فقد يُسهم ذلك في تمهيد الطريق نحو تعافي ثقة المستثمرين. إلا أن الرفاعي نبه إلى أن هذا النجاح ليس مضموناً، موضحاً أن الثقة تبقى هشة، وقد تظل الأسواق متشككة إذا ما اعتبرت أخطاء الميزانية دليلاً على عدم استقرار سياسي أعمق أو سوء إدارة اقتصادية.

وأضاف الرفاعي أن تصحيح المسار في الوقت المناسب، والتواصل المستمر، وتجنب المزيد من المفاجآت، هي عوامل حاسمة في استعادة الثقة، مؤكداً أن قدرة بريطانيا على تجاوز الأزمة لا تعتمد فقط على الإجراءات الحكومية، بل تشمل أيضاً الأسس الاقتصادية الأوسع، مثل التضخم، وتوقعات أسعار الفائدة، والاستقرار الجيوسياسي.

ضرورة تنسيق الجهود السياسية بين وزارة الخزانة وبنك إنجلترا

وأشار إلى أنه رغم تاريخ المملكة المتحدة في مواجهة الأخطاء المالية بمرونة، فإن بيئة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وعدم اليقين الاقتصادي المستمر يجعلان التعافي أكثر تعقيداً. وأكد أهمية تنسيق الجهود السياسية بين وزارة الخزانة وبنك إنجلترا، مع ضمان الاستقرار السياسي لتجنب المزيد من الصدمات المالية وتقديم رسالة متسقة توازن بين النمو والانضباط.

وأكد الرئيس التنفيذي لمركز "كروم للدراسات الاستراتيجية" أن ريفز تواجه تحدياً مزدوجاً يشمل أزمة اقتصادية وأزمة مصداقية، مشيراً إلى أن نجاحها سيعتمد على قدرتها على تمييز نهجها عن الأخطاء السابقة وتقديم رؤية اقتصادية براغماتية تتماشى مع تطلعات المستثمرين.

ولفت إلى أن تركيز ريفز على الاستقرار والنزاهة المؤسسية والاستثمار طويل الأجل قد يُقابل بترحيب الأسواق، لكن ذلك لا يلغي التحديات المتمثلة في محدودية الحيز المالي والرياح الاقتصادية العالمية المعاكسة. وأوضح الرفاعي أن استعادة المصداقية وتهدئة الأسواق وإرساء أسس النمو المستدام هي أهداف قابلة للتحقيق بشرط التعامل معها بانضباط ووضوح.                                               

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق