في خطوة مثيرة للجدل، أوقفت الشرطة التركية، يوم الأربعاء، رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، الذي يُعتبر من أبرز المعارضين للرئيس رجب طيب إردوغان. كما أصدرت السلطات مذكرات توقيف بحق أكثر من 100 من مساعديه والنواب والأعضاء في حزبه، الذي وصف هذا الإجراء بأنه “انقلاب” يهدف إلى تقويض المعارضة.
يواجه إمام أوغلو، الذي يحظى بشعبية كبيرة وحضور قوي في الساحة السياسية، سلسلة من التحقيقات والقضايا، حيث يُتهم حالياً بالفساد، وبحسب وكالة الأناضول الرسمية، أيضاً بالإرهاب.
عقب توقيفه، شهدت قيمة العملة المحلية تراجعاً حاداً، حيث سجلت 40 ليرة للدولار و42 ليرة لليورو (بعدما انخفضت إلى 44.7 ليرة لليورو)، وهو أدنى مستوى تاريخي لها.
كما اضطرت بورصة إسطنبول، التي تعذر الوصول إلى موقعها الإلكتروني، إلى تعليق عملياتها مؤقتاً بعد أن تراجع مؤشرها بنسبة 6.87%، وفقاً لما أفادت به وسائل الإعلام التركية، قبل أن تستأنف نشاطها في الساعة 10:30 (07:30 بتوقيت غرينتش).
وذكر أحد المساعدين، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن إمام أوغلو “احتُجز وهو الآن في مقر الشرطة” بعد مداهمة منزله، وذلك قبل أيام من موعد إعلان ترشيحه رسمياً عن حزب المعارضة الرئيسي “حزب الشعب الجمهوري” لخوض الانتخابات الرئاسية.
في مقطع فيديو نُشر على منصة “إكس”، عبّر رئيس البلدية (53 عاماً) عن استنكاره لمداهمة منزله، قائلاً: “مئات عناصر الشرطة وصلوا إلى منزلي. أسلّم نفسي إلى الشعب”. وأضاف: “الشرطة تدهم منزلي، إنهم يطرقون باب منزلي… أثق في أمّتي”.
وأوضحت زوجة رئيس البلدية، ديليك إمام أوغلو، في تصريح لقناة “إن تي في” الخاصة: “وصلت الشرطة فور انتهاء السحور. بدأ أكرم بك الاستعداد. (…) غادروا المنزل قرابة الساعة 07:30”.
وفي بيان صادر عن مكتب المدعي العام في إسطنبول، تم اتهام إمام أوغلو بالفساد والابتزاز، وُصف بأنه قائد “منظمة إجرامية ربحية”. كما أفادت وكالة الأناضول الرسمية بأن 7 مشتبه بهم، من بينهم رئيس البلدية، متهمون بـ”الإرهاب” و”مساعدة حزب العمال الكردستاني” المحظور.
وقد منع حاكم إسطنبول جميع التجمعات والتظاهرات حتى يوم الأحد، لكن العديد من أنصار رئيس البلدية، الذين كانوا يخططون للتجمع، توجهوا نحو البلدية المحاطة بحواجز. كما أُغلقت ساحة تقسيم الشهيرة في إسطنبول.
وندّد أوزغور أوزيل، رئيس حزب الشعب الجمهوري الذي ينتمي إليه إمام أوغلو، بـ”الانقلاب الذي يستهدف إرادة الشعب” و”الذي يتعارض مع الرئيس المقبل” لتركيا.
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة سابانجي في إسطنبول، بيرك إيسن، لوكالة فرانس برس: “ما حدث هذا الصباح يعد انقلاباً ضد حزب المعارضة الرئيسي، وله تبعات كبيرة على مستقبل البلاد السياسي”. واعتبر أن “هذا القرار قد يدفع تركيا نحو مزيد من الاستبداد، على غرار فنزويلا وروسيا وبيلاروس”.
يمكن أن تعرقل هذه الخطوة خطط إمام أوغلو لمنافسة إردوغان في الانتخابات المقررة في عام 2028، حيث تأتي قبل أيام من موعد ترشيحه رسمياً عن حزب المعارضة الرئيسي “حزب الشعب الجمهوري”.
وفي الوقت نفسه، أبطلت جامعة إسطنبول، يوم الثلاثاء، شهادته، مما أضاف عقبة جديدة أمام مساعي إمام أوغلو للترشح، إذ ينص الدستور التركي على وجوب أن يكون أي مرشح رئاسي حائزاً على شهادة تعليم عالٍ. وقد سارع إمام أوغلو للتنديد بهذا القرار.
وكتب على “إكس”: “القرار الصادر عن مجلس إدارة جامعة إسطنبول غير قانوني”، مشيراً إلى أن القرار بشأن شهادته يعود إلى مجلس إدارة كلية تجارة الأعمال التي تخرج منها، معلناً اعتزامه الطعن في القرار أمام المحكمة. واعتبر أن “الحقوق المكتسبة للجميع في هذا البلد مهددة”.
في السنوات الأخيرة، تعرض إمام أوغلو لعدة تحقيقات قضائية، وقد فُتحت بحقه ثلاث قضايا جديدة هذا العام. وفي عام 2023، تم منعه من الترشح للرئاسة بسبب إدانته بتهمة “إهانة” أعضاء اللجنة الانتخابية العليا.
وفي نهاية كانون الثاني/يناير، ندّد إمام أوغلو، الذي يُعتبر من أبرز المعارضين لأردوغان، بـ”المضايقات” القضائية التي تعرض لها، وكان حينها يغادر محكمة في إسطنبول حيث استُجوب في إطار تحقيق يتعلق بانتقادات طالت المدعي العام في المدينة.
المصدر: أ ف ب
0 تعليق