لا تزال الاستعدادات لاستضافة كأس العالم 2030 في المغرب تلقي بظلالها على مختلف القطاعات الاقتصادية، وعلى رأسها القطاع السياحي، الذي بات يشهد ديناميكية جديدة مدفوعة بتزايد اهتمام المستثمرين الأجانب بالسوق المغربية، حيث أعلنت مجموعة بارسيلو الفندقية الإسبانية عن خطط توسعية طموحة في المغرب، تشمل استثمارات كبيرة تهدف إلى تعزيز حضورها في السوق الوطنية، في خطوة تعكس ثقة المستثمرين الدوليين في إمكانيات المملكة وقدرتها على إنجاح هذا الحدث الرياضي الضخم.
ويعكس التوجه الجديد لبارسيلو، والذي كشف عنه إنريكي أكريتش إيكر، المدير الإقليمي للمجموعة، تحولا استراتيجيا كبيرا، حيث بات المغرب الوجهة الاستثمارية الأولى للشركة، متجاوزا حتى المكسيك، التي ظلت لعقود طويلة أكبر سوق دولية لها، وهو ما يعتبر نتيجة طبيعية لما يشهده المغرب من إصلاحات هيكلية في قطاع السياحة، واستثمارات ضخمة في البنية التحتية، وتحسن بيئة الأعمال، فضلا عن الآفاق الواعدة التي يفتحها مونديال 2030 أمام القطاع الفندقي والخدماتي بشكل عام.
وبحسب المسؤول الإسباني، فإن المجموعة تعتزم رفع الطاقة الاستيعابية لفنادقها في الدار البيضاء إلى 600 غرفة موزعة على ثلاثة منشآت فندقية، من بينها فندق "فاره"، الذي سيخضع لعملية تجديد شاملة تستمر لمدة سنة كاملة، حيث يظهر أن الدار البيضاء، باعتبارها القلب النابض للاقتصاد المغربي، أصبحت تشكل نقطة ارتكاز رئيسية لاستراتيجية بارسيلو، خاصة مع المشاريع الضخمة التي يجري تنفيذها، مثل تطوير شبكة السكك الحديدية، والتوسعة المتواصلة لمطار محمد الخامس، فضلا عن مشروع الملعب الكبير المرتقب في بنسليمان، والذي سيكون أحد أبرز المنشآت الرياضية المخصصة للمونديال.
ولا تقتصر رهانات المجموعة الإسبانية على الإيواء الفندقي فقط، بل تمتد إلى تقديم عرض سياحي متكامل يجمع بين السياحة الثقافية، وسياحة الأعمال، والسياحة الترفيهية، وهو ما يتماشى مع التطور المتسارع الذي يشهده القطاع السياحي المغربي، والذي نجح في استقطاب أكثر من 17,4 مليون سائح سنة 2024، مع توقعات بارتفاع هذا الرقم في السنوات المقبلة بفضل التحضيرات المكثفة لكأس العالم.
ومنذ دخولها إلى السوق المغربية سنة 2006، استثمرت بارسيلو أزيد من 150 مليون يورو، ما يعكس التزامها طويل الأمد تجاه المغرب، حيث ومع اقتراب موعد كأس العالم، عبرت الشركة عن عزمها على توسيع رقعة حضورها، والاستفادة من الفرص الكبيرة التي يوفرها السوق المغربي، سواء من حيث النمو المطرد في أعداد السياح، أو من حيث الدعم الحكومي القوي للقطاع السياحي، الذي بات يشكل أحد الركائز الأساسية في استراتيجية التنمية الاقتصادية للمملكة.
وفي ظل هذا الزخم الاستثماري، يظل التحدي الأكبر أمام المغرب هو ضمان بيئة استثمارية أكثر تنافسية، وتحقيق توازن بين المشاريع الفندقية الضخمة والاستدامة البيئية، وتعزيز التكوين المهني في القطاع السياحي لضمان جودة الخدمات، حيث سيكون المغرب مع اقتراب موعد 2030، أمام اختبار حقيقي لإثبات قدرته على استضافة أحد أكبر الأحداث الرياضية في العالم، واستغلال هذا الحدث ليعزز مكانته كوجهة سياحية عالمية بامتياز.
0 تعليق