تواجه المالية العامة البريطانية، المثقلة بالديون والنمو المتباطئ، اختبارًا حاسمًا هذا الشهر، فمن المنتظر أن تقدم وزيرة المالية راشيل ريفز تحديثًا حول الوضع المالي في 26 مارس، استنادًا إلى تقييم مكتب مسؤولية الميزانية، الهيئة الرقابية المالية في بريطانيا.
تتمسك ريفز بقواعدها المالية التي تهدف إلى تحقيق التوازن بين الإنفاق والإيرادات، وتقليص الالتزامات المالية الصافية للقطاع العام، مؤكدة أن هذه القواعد “غير قابلة للتفاوض”، رغم مخاوف المستثمرين من أن يؤدي خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب إلى الإضرار بالاستثمار اللازم لتحفيز النمو.
قلق المستثمرين: بين القواعد المالية وتباطؤ النمو
يعرب المستثمرون عن قلقهم من أن يؤدي الالتزام الصارم بالقواعد المالية إلى فخ اقتصادي، يعوق الاستثمار ويعزز التباطؤ الاقتصادي.
هذا القلق تفاقم بعد تراجع حاد في السندات والجنيه الإسترليني خلال يناير الماضي، عندما تسببت سياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في اضطراب الأسواق العالمية.
كما أدى ارتفاع عوائد السندات الألمانية مؤخرًا إلى دفع عوائد السندات البريطانية نحو الارتفاع، ما زاد من ضغوط التمويل على بريطانيا.
عجز الحساب الجاري والاعتماد على التدفقات قصيرة الأجل
تعاني بريطانيا من أكبر عجز في الحساب الجاري بين الاقتصادات المتقدمة (باستثناء الولايات المتحدة)، وتعتمد بشكل متزايد على تدفقات رؤوس الأموال قصيرة الأجل — وهي استثمارات أقل استقرارًا من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وحذر كامال شارما، الخبير الاستراتيجي في بنك أوف أمريكا، من أن قواعد ريفز المالية قد تتحول إلى هدف للمضاربين، مشابهًا الوضع بما حدث في أزمة آسيا في التسعينيات، عندما انهارت أنظمة سعر الصرف الثابتة بسبب ضغوط الأسواق.
وأشار شارما إلى أن بريطانيا الآن في مقدمة هذا التحدي، حيث تبحث الأسواق عن “نقطة ارتكاز”، سواء عبر تثبيت أسعار الصرف أو من خلال قواعد مالية واضحة.
أظهرت البيانات الأخيرة نمو الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1% فقط في الربع الأخير من 2024، مع تراجع غير متوقع في الناتج المحلي خلال يناير.
وفي خطوة تعكس الواقع الصعب، خفض بنك إنجلترا توقعاته للنمو في 2025 إلى 0.75% فقط.
0 تعليق