ما الذي يعكسه تصاعد المشاعر السلبية حول الاقتصاد الأميركي؟

sky news arabia 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ما الذي يعكسه تصاعد المشاعر السلبية حول الاقتصاد الأميركي؟, اليوم الاثنين 17 مارس 2025 08:43 صباحاً

أحدث البيانات الصادرة عن جامعة ميشيغان، تُظهر أن حالة عدم اليقين السياسي والضغط الناجم عن التعرفات الجمركية تجعل المستهلكين أقل ثقة في التوقعات الاقتصادية وأكثر قلقاً بشأن التضخم، وهو أحدث دليل على أن الأميركيين يستعدون للتبعات السلبية المحتملة في فترة ولاية الرئيس ترامب الثانية.

  • الاستطلاع أظهر انخفاضاً حاداً في ثقة المستهلكين بنسبة 11 بالمئة في مارس، مع تزايد تشاؤم الأميركيين من جميع الأعمار وفئات الدخل والانتماءات السياسية بشأن مسار الاقتصاد.
  • تراجعت ثقة المستهلكين للشهر الثالث على التوالي، ليس فقط فيما يتعلق بالشؤون المالية الشخصية، بل أيضاً في سوق العمل وأسواق الأسهم.. ومنذ ديسمبر، انخفضت ثقة المستهلكين بنسبة 22 بالمئة.

ونقل تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" عن مديرة استطلاعات المستهلكين في جامعة ميشيغان، جوان هسو، قولها: "أشار العديد من المستهلكين إلى المستوى العالي من عدم اليقين بشأن السياسة والعوامل الاقتصادية الأخرى؛ فالتقلبات المتكررة في السياسات الاقتصادية تجعل من الصعب للغاية على المستهلكين التخطيط للمستقبل، بغض النظر عن تفضيلاتهم السياسية".

كما رفع المستهلكون توقعاتهم للتضخم، سواءً للعام المقبل أو على مدى خمس سنوات. فعلى مدار الـ 12 شهراً المقبلة، يتوقع المستهلكون ارتفاع التضخم إلى 4.9 بالمئة، مقارنةً بتوقعات الشهر الماضي البالغة 4.3 بالمئة. وعلى المدى الأطول، ارتفعت التوقعات إلى 3.9 بالمئة، مسجلةً أكبر ارتفاع شهري منذ العام 1993. ووفقًا لأحدث تقرير لمؤشر أسعار المستهلك ، يبلغ معدل التضخم 2.8 بالمئة.

ووفق كبير الاقتصاديين الأميركيين في بانثيون ماكروإيكونوميكس، صامويل تومبس، فإن "تفاقم حالة عدم اليقين بشأن السياسة الاقتصادية والانخفاض الحاد في أسعار الأسهم تؤدي إلى تقويض ثقة المستهلكين بشكل كبير".

تأتي البيانات في الوقت الذي أقر فيه الرئيس ترامب وكبار مستشاريه الاقتصاديين بأن خطط إعادة تشكيل التجارة العالمية من خلال التعرفات الجمركية، وضبط الإنفاق الحكومي، وتعديل نظام الهجرة الأميركي، من بين تغييرات جذرية أخرى، قد تضر بالاقتصاد أو حتى تدفعه إلى الركود.

فيما وصف ترامب تلك المرحلة بأنها "فترة انتقالية"، ورفض مؤخراً استبعاد حدوث ركود، مما أثار تقلبات في الأسواق المالية.

ويراقب الاحتياطي الفيدرالي بيانات التوقعات عن كثب بحثاً عن أي مؤشر على تراجع سيطرة البنك المركزي على التضخم، أو حاجته إلى إيلاء اهتمام أكبر لاحتمالات تباطؤ النمو.

وأشار جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، مؤخراً إلى أن بيانات ثقة المستهلك لم تكن مؤشراً جيداً على إنفاق المستهلك المستقبلي، لكنه بدا متفهماً لخطر أن يؤثر عدم اليقين السياسي والتعرفات الجمركية سلباً على النمو بشكل عام.

ضبابية اقتصادية!

ومع تصاعد حالة الضبابية الراهنة، سجل مؤشر عدم اليقين في السياسة الاقتصادية للولايات المتحدة، مستويات غير مسبوقة مؤخراً. كما ارتفع مؤشر "الخوف" الأسبوع الماضي بأكثر من 20 بالمئة عند أعلى مستوياته منذ سبعة أشهر، قبل أن يتراجع نسبياً لاحقاً.

من جانبه، يقول خبير أسواق المال، محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن ارتفاع مؤشر عدم اليقين في السياسة الاقتصادية للولايات المتحدة يعكس حالة من الضبابية وعدم اليقين بشأن مستقبل أداء الاقتصاد، لكنه لا يعد تأكيداً مباشراً على مخاوف الركود، موضحاً أن أن المؤشر يشير فقط إلى أن الرؤية غير واضحة وأن هناك حالة من عدم اليقين، مما قد يزيد من احتمالات الركود أو حتى يتسبب فيه.

ويضيف: "المؤشر، كما يدل اسمه، يعكس غياب الرؤية وعدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد الأميركي، والذي يعتبر المحرك الأكبر للاقتصاد العالمي"، مشدداً على أن أية حالة من عدم اليقين في الاقتصاد الأميركي تنعكس بشكل كبير على التوقعات بشأن الاقتصاد العالمي.

ويوضح سعيد أن هذه الضبابية يمكن أن تؤدي إلى تقلبات حادة في أسواق المال، وانخفاض في السيولة والتدفقات الاستثمارية، نظراً لأن المستثمرين يبحثون دائماً عن الاطمئنان واليقين. كما يؤكد أن غياب الثقة لدى المستهلكين، وهو عنصر أساسي في نمو الاقتصاد، قد يؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي. 

ويردف قائلاً: إن غياب الثقة وعدم وضوح الرؤية يسهمان في خلق حالة من التوتر الشديد في الأسواق، مما قد يؤدي إلى مزيد من التباطؤ وتراجع معدلات النمو الاقتصادي في الفترة المقبلة، مع احتمالية حدوث انكماش اقتصادي. وأكد أن المؤشر الحالي قد يكون أحد العوامل التي تنبأت بهذا التباطؤ بشكل مبكر.

ارتفاع الأسعار

وبدأ احتمال ارتفاع الأسعار نتيجةً لزيادة الرسوم الجمركية يؤثر على المستهلكين؛ فقد انخفض مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان بنسبة 11 بالمئة أخرى في مارس ليصل إلى 57.9، وهو انخفاضٌ أكبر مما توقعه الاقتصاديون. وقد محا المؤشر الآن جميع المكاسب التي حققها في أعقاب فوز ترامب في الانتخابات في نوفمبر، بحسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

ونقل التقرير عن الباحثين قولهم إن "العديد من المستهلكين أشاروا إلى ارتفاع مستوى عدم اليقين بشأن السياسات والعوامل الاقتصادية الأخرى".

وتقول نائبة رئيس السياسة الضريبية الفيدرالية في مؤسسة الضرائب، إريكا يورك، إن غياب استراتيجية واضحة بشأن حرب ترامب التجارية المتنامية يُلقي بظلاله على الاقتصاد. وتضيف: "نسمع يومياً تقريباً أهدافًا متضاربة من إدارة ترامب.

تُقدّر يورك أن الرسوم، مع الأخذ في الاعتبار ردود فعل شركاء الولايات المتحدة الانتقامية، ستُخفّض مستوى الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بنسبة 1 بالمئة مقارنةً بالتوقعات السابقة. وتضيف أن هذا كافٍ لمحو أي أثر إيجابي لتمديد تخفيضات ترامب الضريبية في ولايته الأولى.

وفي ظل احتمال استمرار الفوضى، يراهن المستثمرون على أن الاقتصاد الأميركي، الذي قدّم قصة نموّ بارزة في السنوات الأخيرة، يفقد الآن بعض بريقه الذي أبهر الوفود في المنتدى الاقتصادي العالمي في يناير.

السياسات الحكومية

يقول الباحث في الشؤون السياسية والاقتصادية، حميد الكفائي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن:

  • الاطمئنان الاقتصادي وغياب القلق يعتمد على وضوح السياسات الحكومية.
  • لقد أحدثت سياسات إدارة ترامب هزة في الاقتصاد الأميركي، خاصة مع فرضه تعريفات جمركية مرتفعة على حلفاء الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الرئيسيين، مثل كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي.
  • ردود الأفعال على هذه السياسات قد تؤدي إلى صدمات اقتصادية إضافية، حيث إن الدول المستهدفة بالتعرفات قد تتخذ إجراءات مضادة.
  • من المؤكد أن هذه التعرفات سترفع معدل التضخم، إذ إن ارتفاع تكلفة البضائع المستوردة سيدفع الشركات إلى تمرير هذه الأعباء الإضافية إلى المستهلكين، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار.
  • ارتفاع معدل التضخم يربك حسابات الشركات والمستثمرين ويجعل المستهلكين أكثر تردداً في الإنفاق، نتيجة الضبابية التي تكتنف المستقبل الاقتصادي.
  • يؤدي ذلك إلى حالة من التريث في قرارات الشركات والمستثمرين والمستهلكين على حد سواء.

أما التعرفات المفروضة على الصين، فمن المتوقع أن تسهم في رفع معدل التضخم بنسب محددة، لكنها ستؤثر بشكل أكبر على الفئات الأقل دخلاً، حيث إن المنتجات المستوردة من الصين تُعرف بانخفاض أسعارها، ومع فرض تعرفات جمركية تصل إلى 20 بالمئة، ستصبح أكثر كلفة على المستهلكين.

ويضيف الكفائي:  "وإلى جانب ذلك، تسهم الانقسامات السياسية الحادة في إثارة القلق وإرباك حسابات المستثمرين ورجال الأعمال، حيث يشهد المشهد السياسي الأميركي استقطاباً متزايداً بين الديمقراطيين والجمهوريين".

وخطابات ترامب وسياساته لا تعكس طمأنينة للأسواق، إذ إنه يهاجم خصومه السياسيين ويصفهم بـ"أعداء الداخل"، مما يثير قلق رجال الأعمال والشركات. كما أن التدخل الحكومي في الاقتصاد، يُعدّ عاملاً مؤثراً على بيئة الأعمال والاستثمار.

إلى جانب ذلك، تشكل الصدمات المفاجئة عاملاً إضافيًا في زيادة الغموض وعدم اليقين، مثل الحروب والأزمات الجيوسياسية. ففي الوقت الراهن، تشهد أوروبا توترات متصاعدة، وهناك قلق متزايد في كندا وأوروبا، خاصة بعد تصريحات ترامب حول إمكانية ضم إقليم غرينلاند، بل وحتى كندا، إلى الولايات المتحدة، وهو ما يثير مخاوف إضافية في الأسواق، وفق الكفائي.

الاقتصاد الأميركي

بدوره، يقول الخبير الاقتصادي من لندن، أنور القاسم، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن:

  • الاقتصاد الأميركي يواجه حالة غير مسبوقة من الغموض والتقلبات؛ نتيجة السياسات الاقتصادية المتغيرة التي تنتهجها إدارة الرئيس ترامب.
  • حالة عدم اليقين هذه تؤثر بشكل مباشر على الأسواق المالية، مما يزيد من مخاوف المستثمرين ويدفع الاقتصاد الأميركي نحو تباطؤ قد يتحول إلى ركود حاد.

ويشير القاسم إلى أن عدداً من المؤشرات الاقتصادية، وعلى رأسها مؤشر ثقة المستهلكين، شهدت تراجعاً حاداً في الفترة الأخيرة، وهو ما يعكس تنامي القلق لدى الأفراد والشركات بشأن المستقبل الاقتصادي، لافتاً إلى أن الأسواق تترقب بيانات الشركات عن الربع الأول لاحقاً واتجاهات الاستثمار، والتي ستعطي صورة أوضح عن مدى تأثر النشاط الاقتصادي الحالي.

ويؤكد أن الخطر الحقيقي يكمن في أن استمرار حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي قد يؤدي إلى توقف مفاجئ للاقتصاد، مع تراجع معدلات الإنفاق الاستهلاكي، وتردد الشركات في اتخاذ قرارات استثمارية جديدة أو توظيف مزيد من العمالة.

ويعتبر القاسم أن الولايات المتحدة تمر بمرحلة حساسة، مشيراً إلى تصريحات الرئيس ترامب التي اعترف فيها بأن السياسات الجمركية التي يتبعها قد تسبب "بعض الألم الاقتصادي"، في ظل فترة انتقالية غير محددة المدة. ويلفت إلى أن الاقتصاد الأميركي سيظل رهينة حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار في المستقبل القريب، مما يجعل من الصعب التنبؤ بمسار واضح للاقتصاد الأميركي خلال المرحلة المقبلة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق