خطبة الجمعة للشيخ علي دعموش

قناة المنار 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

ألقى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش خطبة جمعة يوم 14-3-2025.

وهذا نص الخطبة:

في دعاء مكارم الاخلاق الوارد عن الامام زين العابدين : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَ بَلِّغْ بِإِيمَانِي أَكْمَلَ الإِيمَانِ، وَاجْعَلْ يَقِينِي أَفْضَلَ الْيَقِينِ، وَانْتَهِ بِنِيَّتِي إِلَى أَحْسَنِ النِّيَّاتِ، وَبِعَمَلِي إِلَى أَحْسَنِ الأَعْمَالِ.
الامام (ع) كان يعلم الناس بأدعيته الإيمان واليقين والعمل الصالح والقيم والأخلاق .
عندما نقرأ هذا المقطع من دعاء مكارم الأخلاق نجد الامام (ع) يركز فيه : على أن يكون إيمان الانسان إيمانا كاملا تاماً يصل فيه الإنسان الى أعلى المراتب، وان يكون يقينه أفضل اليقين ونيته أحسن النيات وعمله أحسن الأعمال .
يعلّمنا أن نطلب من الله تعالى أن يساعدنا لكي نصل بإيماننا الى أكمل الإيمان، فما هو أكمل الإيمان؟.
الإيمان هو الإقرار باصول الإسلام وأركانه والتصديق بها، والعمل والإلتزام بما تفرضه مبادئه وأحكامه وتشريعاته، بما في ذلك الإيمان بولاية الأئمة الأطهار (ع) وما تقتضيه هذه الولاية على مستوى العمل والسلوك والإقتداء.
سُئِلَ أمير المؤمنين عليه السلام عَنِ الإيمان فَقَالَ: “الإيمان مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وعَمَلٌ بِالأَرْكَانِ”.
والإيمان له مراتب وليس على مرتبةٍ واحدة، فقد يكون الإنسان مؤمناً ولكنه قد يكون في أدنى مراتب الإيمان، فليس كلُّ من اتصف بالإيمان كان واجداً لكلِّ مراتب الإيمان. لذلك يبقى الإنسان المؤمن في سعيٍ دائم؛ من أجل أن يرقى مرتبةً بعد مرتبة ودرجة بعد درجة.
لذا، ورد في الأحاديث أن الإيمان درجات، فعن الإمام الصادق (ع)، والإيمان عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة” .
أدنى مراتب الإيمان هو الإقرار والتصديق والإذعان بأصول العقيدة، واليقين بصوابية وحقانية هذه الأصول والتي هي التوحيد لله والإيمان بالنبوة والمعاد والولاية لعلي وأئمة أهل البيت(ع).
فلا يصحُّ وصف أحدٍ بالإيمان إلَّا أن يكون مُقراًّ بالله ووحدانيته, ومُقراًّ بمحمد ورسالته, ومقراً بالمعاد ومُقراًّ بعليٍّ وولايته, ومُقراًّ بأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام. هذا هو أدنى مراتب الإيمان.
وهناك أمر آخرٌ إذا تمثَّله الإنسان كان في أدنى مراتب الإيمان، وهو الإلتزام بالطاعات: بالواجبات, بالصلاة والصيام, والزكاة والحج, وسائر الفرائض الإلهية. فإذا كان الإنسان مقراً بأصول العقيدة ومؤدياً للفرائض والواجبات الإلهية فهو مؤمن.
إذن: أدنى مراتب الإيمان الإقرار بأصول العقيدة والإلتزام بالواجبات والفرائض.
أما أعلى مراتب الإيمان أو الإيمان الكامل، فهو الإيمان التام الذي يستجمع كل مفردات الإيمان والإلتزام، الإلتزام بأصوله ومبادئه ومفاهيمه وقيمه وأحكامه وتشريعاته وأخلاقه ومسؤولياته في كل مجالات الحياة وفي مختلف الظروف، الإيمان الثابت الراسخ الذي لا يتزلزل، لا الإيمان المستودع والمستعار الذي يسقط أمام المصالح والمنافع والشهوات والأهواء والأطماع والضغوط.
عندما نعود الى الأحاديث الواردة عن النبي(ص) وأئمة أهل البيت(ع) نجدهم يحددون كمال الإيمان بالإلتزام بكل مفردات الإيمان.
فعن علي(ع): ثلاث من كن فيه فقد أكمل الايمان: العدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى،اي الوسط في النفقة والمعيشة لا إسراف ولا تقتير (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) ،واعتدال الخوف والرجاء.
وعن الإمام الصادق (ع)، قال: قال رسول الله (ص): “من أسبغ وضوءه، وأحسن صلاته، وأدى زكاة ماله، وكفَّ غضبه، وسجن لسانه، واستغفر لذنبه، وأدى النصيحة لأهل بيت نبيه فقد استكمل حقائق الإيمان، وأبواب الجنة مفتحة له.
وعن علي(ع) ، عن رسول الله (ص)”عِشْرُونَ خَصْلَةً فِي الْمُؤْمِنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيه لَمْ يَكْمُلْ إِيمانُه، إِنَّ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ يَا عَلِيُّ: الْحَاضِرُونَ الصَّلَاةَ، (أي في أتم الاستعداد لأدائها,) والْمُسَارِعُونَ إِلَى الزَّكَاةِ، (كل مؤمن فهو يؤدي الزكاة، أما الذي بلغ أكمل الإيمان فليست صفته دفع الزكاة, وإنما هي المسارعة إلى دفع الزكاة).. والْمُطْعِمُونَ الْمِسْكِينَ، الْمَاسِحُونَ رَأْسَ الْيَتِيمِ، الْمُطَهِّرُونَ أَطْمَارَهُمْ، (أي ثيابهم) الْمُتَّزِرُونَ عَلَى أَوْسَاطِهِمُ، (هذه كناية عن أنَّ المؤمن ستورعفيف, يلبس الثياب التي تستر جسد).الَّذِينَ إِنْ حَدَّثُوا لَمْ يَكْذِبُوا، وإِذَا وَعَدُوا لَمْ يُخْلِفُوا، وإِذَا ائْتُمِنُوا لَمْ يَخُونُوا، وإِذَا تَكَلَّمُوا صَدَقُوا،(هذه كلها صفات تعبِّر عن حالة الاستمرار والمداومة) رُهْبَانٌ بِاللَّيْلِ أُسُدٌ بِالنَّهَارِ، صَائِمُونَ النَّهَارَ قَائِمُونَ اللَّيْلَ، لَا يُؤْذُونَ جَاراً ولَا يَتَأَذَّى بِهِمْ جَارٌ،الَّذِينَ مَشْيُهُمْ عَلَى الأَرْضِ هَوْنٌ، وخُطَاهُمْ إِلَى بُيُوتِ الأَرَامِلِ وعَلَى أَثَرِ الْجَنَائِزِ، جَعَلَنَا الله وإِيَّاكُمْ مِنَ الْمُتَّقِينَ”.
وعن النبي(ص): أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً.
اليوم واحدة من الاولويات هو تثبيت الايمان وقيم الاخلاق والتماسك الداخلي والالتفاف حول القيادة ومساعدة بعضنا البعض وهذا هو مقتضى الالتزام بالولاية ان نكون كما كنا منذ انطلاقة المقاومة اهل الايمان واهل الولاية والالتزام بالتكليف واهل الوعي والصبر والكتمان وان نتنبه لكل محاولات التضليل والتشويه والتشويش والشائعات والدعايات الفارغة التي يسعى لها خصومنا واعداؤنا في الداخل والخارج للتشكيك في مقاومتنا ونهجنا وقيادتنا والتقليل من اهمية ما قامت به المقاومة وما سطره المجاهدون من بطولات كبيرة خلال الحرب
يجب ان لا نكمل ما يدعيه العدو عن ضعفنا ان لا نكمل دعايته وسرديته من حيث نشعر ومن حيث لا نشعر، وهذا لا يعني ان لا نبدي رايا او ملاحظة او نقاشا او تقييما بل ان نبادر الى ذلك في المكان المناسب ولدى المعنيين وليس في سهراتنا او على وسائل الاعلام او وسائل التواصل او امام من لا علاقة له، ويجب ان نحذر من ان نكون في فعلنا هذا ممن يساهم في اضعاف المقاومة والتشكيك بها وبقياداتها او تشويش اذهان الناس واضعاف روحهم المعنوية (معنوياتهم) فهذا هو الحرام بعينه
مجتمعنا مجتمع مخلص وثابت ومضحي وحاضر في الميدان ونملك قيادات صادقة ومخلصة ومضحية، ولذلك فان الله لن يتخلى عنا، ونملك من الايمان والارادة والثقة بالله وعونه ومدده ما يمكننا من النهوض والتقدم والتطور والحضور في الميادين المختلفة اقوى مما كنا عليه ، ولدينا مجاهدين ابطال سطروا في معركة اولي البأس ملاحم بطولية ومنعوا العدو من تحقيق اهدافه.
لقد اراد الاسرائيلي سحق هذه المقاومة ولكنه فشل ولم يستطع ان يشطبها من معادلة الوجود، بل بقيت وستبقى ثابتة ومتجذرة، ورأينا كيف ان الله حفظ هذه المسيرة وأحاطها بلطفه وعنايته، وقد راينا لطفه في محطات كثيرة:
رايناه في تسديد المجاهدين وبطولاتهم وتضحياتهم خلال الحرب وهم يلتحمون مع العدو وجها لوجه.
ورايناه في ثبات وصبر اهلنا الشرفاء وعوائل الشهداء الذين رغم معاناة التهجير والتدمير والضغوط والتضحيات والظروف القاسية لم يقولوا الا جميلا،
ورايناه في حضورهم المهيب في تشييع السيدين الشهيدين الذي اذهل العالم بمشهديته التاريخية والاستثنائية .
ورايناه في حالة التعافي السريعة للمقاومة برغم الخسارة الكبيرة بفقدان القادة الشهداء وسائر الشهداء الابرار، ولذلك لا مكان عندنا للقلق او الاضطراب او الخوف من المستقبل.
اليوم ما يتعرض له لبنان من احتلال واعتداءات واستباحة لسيادته ‏هدفه الاساسي هو الضغط لاستدراج لبنان نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، لكن شعبنا يرفض التطبيع مع العدو، ولن يسمح بان يذهب لبنان نحو التطبيع مع هذا العدو الارهابي الذي دمر البلد .
وكما لم يتأثر شعبنا بالضغوط في المراحل ‏السابقة ولم تسقطه الحروب والاعتداءات لن يسقط تحت وطأة الضغوط الامريكية والاسرائيلية الجديدة، ومن واجب الدولة حماية بلدنا من مخاطر التطبيع، ومن أطماع ‏العدو الذي يحاول بتواطؤ أميركي الدفع نحو مفاوضات مباشرة مع اسرائيل، وربط اعادة الاعمار والدعم المالي الخارجي بشروط سياسية تؤدي الى تجريد لبنان من عناصر قوته .
لن نقبل ان يخضع موضوع الاعمار لاي شروط سياسية اوغير سياسية ، وما نريد ان نؤكد عليه هنا أنَّ مشروع إعادة الاعمار هو مسؤولية وطنية تقع على عاتق الدولة بالدرجة الاولى ويجب ان تتحمل الدولة هذه المسؤولية بصورة جدية، وان تمنع العدو من فرض شروط او تعقيدات او امر واقع على الحدود الجنوبية لعرقلة هذ المشروع ومنع الاهالى من العودة الى قراهم وممارسة حياتهم الطبيعية .
نحن في حزب الله مصممون على استكمال ما بدأناه على صعيد اعادة الاعمار ودفع التعويضات مهما كانت الصعوبات، لأنّ مشروع إعادة الإعمار هو جزءٌ من مقاومة الاحتلال، ولكن ما نقوم به لا يُعفي الدَّولة من مسؤولياتها .
اليوم المقاومة تعطي الفرصة للدولة لتقوم بواجباتها اتجاه شعبها ومواطنيها واشعارهم بان هناك دولة تقف الى جانبهم وتحميهم وتدافع عنهم وتمنع العدو من استباحة قراهم، وألّا تكتفي بمواقف رفع العتب، فإنَّ تقصيرها وتغافلها لا يترك للنّاس من خيار سوى القيام بكلّ ما يمكن للدّفاع عن حياتهم وأرزاقهم.
تقولون بان الدولة هي التي تحمي البلد وهي التي تدافع عن الوطن ويجب حصر السلاح بيد الدولة
تفضلوا اليوم الدولة هي الموجودة على طول الحدود ولديها الفرصة لكي تمارس دورها وبيدها السلاح ومعها لجنة الاشراف على اتفاق وقف اطلاق النار ومعها المجتمع الدولي ايضا.
ماذا فعلتم حتى الان امام الخروقات والاعتداءات اليومية الاسرائيلية ؟ على الاقل اقنعونا بجدوى حصرية السلاح بيد الدولة.
اليوم هناك احتلال ولا يمكن حصر السلاح بيد الدولة طالما هناك احتلال وعندما يكون هناك احتلال وعدوان مستمر فان السلاح هو زينة الرجال وعلى الجميع ان يتصدى له بكل الوسائل، وهذا حق لا يمكن ان نتخلى عنه مهما كانت التضحيات.

المصدر: موقع المنار

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق