كشفت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية، في عددها الصادر أمس الأربعاء، أن الأمن الداخلي الفرنسي اعتقل مسؤولًا حكوميًا بوزارة الاقتصاد بتهمة التجسس لصالح الجزائر، كما تم اعتقال أحد موظفي مكتب الهجرة وتقديمه للعدالة، حيث أشارت مصادر إلى أنهما كانا يعملان على تسريب معلومات عن المعارضين الجزائريين المقيمين في فرنسا، وفقًا لما ذكرته الصحف المحلية نقلًا عن مكتب المدعي العام في باريس. ووفق ما كشفته إذاعة "أوروبا 1"، فقد تم توقيف الموظف في يونيو 2024، بعد التحقيقات التي انطلقت إثر بلاغ في ماي 2024 حول إقدامه على إرسال ملفات سرية إلى جهاز استخبارات جزائري. هذا الموظف، الذي يشغل منصب رئيس قسم حساس، متهم إلى جانب الموظف المذكور بانتهاك السرية المهنية، والتخابر مع قوة أجنبية، وقد تم وضعهما تحت الإقامة الجبرية. من جهته، اعتبر المحلل السياسي زكرياء الزروقي، في تصريح لـ"أخبارنا"، أن اعتقال جاسوس جزائري داخل قطاع وزاري في فرنسا يأتي في توقيت بالغ الحساسية، ويشكل حدثًا غير مسبوق في العلاقات بين البلدين. هذا الفعل يحمل في طياته أبعادًا دبلوماسية خطيرة، خاصة في ظل التوترات المستمرة بين الجزائر وفرنسا في الفترة الأخيرة، إذ يثير الاعتقال تساؤلات بشأن الأمن الداخلي في فرنسا، ويعكس تعقيد العلاقات الثنائية، خاصة في مجالات التعاون الأمني والسياسي. وفي السياق ذاته، قال الباحث في العلوم السياسية إن هذا الحادث يعكس تصاعدًا محتملاً في الأزمات بين البلدين، في وقت يشهد فيه المحيط الجيوسياسي تطورات حاسمة. التأثيرات السلبية لهذا الحدث قد تضعف جهود التقارب بين الجزائر وفرنسا، وتؤثر على ديناميكيات التعاون في قضايا المنطقة، ويبقى أن ننتظر كيف ستتعامل السلطات الفرنسية مع هذا الملف، وهل ستتمكن من تهدئة الأمور أم سيزداد التأزيم بين البلدين. وفي الوقت الذي يبدو أن الأزمة بين البلدين تتجه نحو القطيعة، يرى مراقبون أن التوتر بين الجزائر وفرنسا قصة مستمرة ومفتوحة عمرها أكثر من ستين سنة، لكنها لم تصل يومًا إلى قطيعة حادة ونهائية، لذلك من المستبعد أن تُفضي الأزمة الحالية، على الرغم من مظاهرها الحادة، إلى قطيعة كبرى، كما لم تفض أزمات سابقة مثلها وأسوأ.