اليوم الجديد

نتنياهو مستعد لهدنة تعيد الرهائن وأهالي غزة ينتظرون ما يسد الرمق

القدس- (أ ف)

قال بنيامين نتنياهو الأربعاء، إنه مستعد لوقف مؤقت لإطلاق النار لضمان الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة التي ما زال أهلها ينتظرون وصول الإمدادات الأولى من الطعام والماء، بعد شهرين ونصف الشهر من الحصار الخانق، ومع تكثيف الغارات والهجمات التي توقع يومياً عشرات القتلى.

وجاء تصريح نتنياهو، بعد ضغوط دولية كثيفة أضيفت إليها موجة احتجاجات وإدانات لإطلاق الجنود الإسرائيليين النار نحو دبلوماسيين عرب وأجانب أثناء زيارتهم مخيم جنين المدمر في الضفة الغربية.

- وقف مؤقت للنار

وقال نتنياهو في مؤتمر صحفي: «إذا كان ثمة خيار لوقف مؤقت لإطلاق النار بهدف الإفراج عن الرهائن، سنكون جاهزين» لذلك، مضيفاً أن في القطاع «20 رهينة من المؤكد أنهم أحياء».

ومع تأكيده أن «كامل قطاع غزة سيكون تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي»، أشار إلى ضرورة «تفادي أزمة إنسانية بغية الحفاظ على حرّية التحرك في عملياتنا» في ظلّ تنامي الضغوط الدولية على حكومته التي حرمت الفلسطينيين من أبسط الاحتياجات ودفعتهم باتجاه المجاعة.

وعلى الأثر، أعلنت إسرائيل دخول 100 شاحنة من المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة إلى غزة الأربعاء، ولكن منظمات الإغاثة لم تتسلم بعد أولى الشاحنات التي دخلت الاثنين.

وعن تدمير مخيمات شمال الضفة الغربية، بدا نتنياهو خلال مؤتمره الصحفي، متباهياً بقوله «دخلنا مخيمات اللاجئين في وقت متزامن وسحقناها»، متحدثاً عن العملية العسكرية واسعة النطاق التي باشرها الجيش في 21 يناير/كانون الثاني الماضي، واستهدفت مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس فدمرتها، وهجَّرت عشرات آلافا ممن كانوا يسكنونها.

وفي هذا السياق، وخلال زيارة وفد دبلوماسي للمنطقة للاطّلاع على حجم الدمار، أطلق جنود إسرائيليون طلقات تحذيرية تجاه الدبلوماسيين العرب والأجانب، وأثار الأمر موجة من الإدانات.

مطالبة أوروبية بالمحاسبة

فقد حثت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية، إسرائيل على محاسبة المسؤولين عن إطلاق النار الذي جرى قرب جنين ومخيمها، وهي منطقة ينفذ فيها الجيش الإسرائيلي مداهمات وهجمات.

ودانت وزارة الخارجية الفلسطينية «الجريمة النكراء التي ارتكبتها القوات الإسرائيلي، والمتمثلة في الاستهداف المباشر بإطلاق الرصاص الحي على وفد دبلوماسي معتمد لدى دولة فلسطين».

وقال الجيش الإسرائيلي، إن «الوفد انحرف عن المسار المُعتمد»، ما دفع قواته إلى إطلاق «طلقات تحذيرية»، لإبعادهم عن «منطقة غير مُصرّح لهم بالوجود فيها»، معرباً عن «أسفه للإزعاج الذي سببه» إطلاق النار الذي لم يُسفر عن إصابات.

وجاءت هذه الحادثة في ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل، بسبب الحرب في قطاع غزة، حيث ينتظر الفلسطينيون الذين انهكهم الجوع والعطش تسلّم الإمدادات الحيوية، بعد سماح إسرائيل بدخول كميات محدودة منها، ولكن توزيعها لم يبدأ بعد.

ومع تكثيف الجيش هجماته وغاراته المدمرة، سجل الدفاع المدني مقتل 19 شخصاً، بينهم رضيع عمره أسبوع جراء الغارات الإسرائيلية منذ فجر الأربعاء في غزة.

- «الوضع لا يُحتمل»

وقالت الأمم المتحدة الاثنين، إنها حصلت على الموافقة لإرسال أولى المساعدات، منذ أن فرضت إسرائيل حصارها الخانق في 2 مارس/آذار الماضي، متسببة بنقص حاد في الغذاء والدواء. ومساء الأربعاء، أعلنت إسرائيل دخول مئة شاحنة تابعة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، تحمل مساعدات إنسانية - بما في ذلك الدقيق وطعام الأطفال والإمدادات الطبية - إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، بعد 93 شاحنة الثلاثاء، ونحو عشر الاثنين.

ولكن الأمم المتحدة قالت إنها لم تتسلم بعدُ، أيّاً منها ليتسنّى لها البدء بتوزيعها.

- تصعيد عسكري

صعّد الجيش الإسرائيلي هجومه نهاية الأسبوع على غزة، معلناً أن هدفه هو القضاء على «حماس». وواجهت إسرائيل ضغوطاً كبيرة، بما في ذلك من حلفائها التقليديين، لوقف هجومها المكثف، والسماح بدخول المساعدات.

وقالت كالاس الثلاثاء إن «غالبية قوية من وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين أيدوا مراجعة التعاون التجاري مع إسرائيل»، مؤكدة أن هذه الدول ترى أن«الوضع في غزة لا يُطاق. وما نريده هو رفع الحظر عن المساعدات الإنسانية».

ومن دون تأكيد التقارير الصحفية التي أفادت بمعارضة ألمانيا لتلك الخطوة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية كريستيان فاغنر إن «اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل تشكل منتدى مهمّاً يتعين علينا استخدامه لمناقشة القضايا الحاسمة المتعلقة بالوضع في غزة».

وأعلنت السويد أنها ستضغط لفرض عقوبات أوروبية على عدد من الوزراء الإسرائيليين، بينما علّقت بريطانيا مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل واستدعت السفير الإسرائيلي. ووصف البابا ليون الرابع عشر الوضع في غزة بأنه «مقلق ومؤلم»، داعياً إلى إدخال كميات كافية من المساعدات.

واعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن التحرك الأوروبي «يعكس سوء فهم تام للواقع المعقد».

- «عمل مجنون».

وسارعت دول أوروبية وعربية وكذلك تركيا إلى إدانة إطلاق النار تجاه الدبلوماسيين في الضفة الغربية، مطالبة إسرائيل بتوضيحات مقنعة، فيما اعتبرت إيطاليا تهديد الدبلوماسيين أمراً «غير مقبول». وأعلنت إيطاليا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال استدعاء سفراء إسرائيل للتعبير عن استيائها.

وأكدت مصر «رفضها المطلق لتلك الواقعة التي تعد منافية لكافة الأعراف الدبلوماسية»، فيما اعتبرها الأردن «انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وجريمة تخالف الأعراف الدبلوماسية».

وشارك في الزيارة وفق وكالة «وفا» الفلسطينية للأنباء، دبلوماسيون من عدة دول لا سيما من فرنسا وبريطانيا وكندا وإسبانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي ومصر والأردن والمغرب والبرتغال والصين والنمسا والبرازيل وبلغاريا وتركيا وليتوانيا وبولندا واليابان ورومانيا والمكسيك وسريلانكا والهند وتشيلي.

وقال أحمد الديك، المستشار السياسي للوزارة والذي كان يقود الوفد «أطلقوا النار علينا بجنون». وأضاف: «ندين هذا الفعل المجنون من الجيش الإسرائيلي الذي أعطى انطباعاً حياً للوفد الدبلوماسي عن الحياة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ونتمنى على أعضاء الوفد الدبلوماسي أن ينقلوا هذه الصورة وأن يتم التعبير عنها بمواقف واضحة».

وأكد دبلوماسي أجنبي كان ضمن الوفد، أنه سمع إطلاق نار متكرراً من مخيم جنين. وأضاف: «كنا نقوم بزيارة مع محافظ جنين إلى حدود المخيم لمعاينة الدمار» في المنطقة التي تشهد منذ أشهر عمليات عسكرية إسرائيلية مكثفة.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة الثلاثاء، أن 3509 أشخاص على الأقل قُتلوا منذ استئناف إسرائيل غاراتها ليرتفع إجمالي عدد قتلى الحرب إلى 53655 شخصاً معظمهم من النساء والأطفال.

أخبار متعلقة :