إسلام أباد - أ ف ب
لليوم الثالث على التوالي، واصلت باكستان والهند الضربات الصاروخية وعمليات القصف المدفعي والهجمات بالمسيّرات، في مواجهة هي الأسوأ منذ عقود، وأسفرت عن مقتل نحو خمسين مدنياً لدى الطرفين.
ولم تفض نداءات العواصم الأجنبية المتتالية لتهدئة الأوضاع إلى خفض التصعيد. ومنذ الضربات الهندية التي نُفّذت الأربعاء على الأراضي الباكستانية ردّاً على الهجوم المرتكب في الثاني والعشرين من إبريل/ نيسان في الشطر الهندي من كشمير، تتوالى الضربات الصاروخية وعمليات القصف المدفعي والهجمات بالمسيّرات.
وتتّهم الهند باكستان بدعم جماعة إرهابية تشتبه في أن هجومها أودى بحياة 26 شخصاً في مدينة باهالغام، فيما تنفي إسلام آباد بشدّة أيّ ضلوع لها في الحادثة.
وسرعان ما ردّ الجانب الباكستاني على الصواريخ الهندية، في مواجهة عسكرية هي الأعنف بين البلدين منذ أكثر من عقدين.
والجمعة، نفذت باكستان هجوماً جديداً بطائرة مسيّرة على الشطر الهندي من كشمير، وذلك للمساء الثاني على التوالي، حسبما أفادت وزارة الدفاع الهندية
واستهدف الهجوم مدينتي جامو وسامبا في الشطر الهندي من المنطقة المتنازع عليها، وكذلك باثانكوت في ولاية البنجاب المجاورة، لكن الدفاعات الجوية الهندية تصدت له.
وأشار رئيس الحكومة الإقليمية عمر عبدالله على حسابه على موقع «إكس»، إلى سماع «انفجارات متقطّعة» في جامو، حيث يقيم، مضيفاً أنّ المدينة غارقة في الظلام.
وصباح الجمعة، أبلغت الهند عن «عدّة هجمات» لمسيّرات وطلقات باكستانية في الليل «على امتداد الحدود». وأعلن الجيش عن «التصدّي للهجمات بالمسيّرات، التي قوبلت بردّ متناسب».
أسراب مسيّرات
وقالت اللفتنانت كولونيل الهندية فيوميكا سينغ، إن باكستان «حاولت تنفيذ عمليات توغل بمسيّرات في 36 موقعاً بنحو 300 إلى 400 طائرة بدون طيار»، في حين قال الجيش الباكستاني إنه أسقط «77 مسيرة» أطلقتها الهند على أراضيه منذ ليل الأربعاء-الخميس.
وأكدت المسؤولة العسكرية الهندية وقوع «خسائر وإصابات» لدى الجانبين. وحذر مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية من «مخاطر التصعيد» بسبب «الخطاب العدواني ومنطق التصعيد المتطرف» بين الجارتين.
وقال الجيش الباكستاني الجمعة، «إننا لن نتجه إلى نزع فتيل التصعيد» مع الهند، بعدما اتهمت إسلام آباد نيودلهي بـ «وضع دولتين نوويتين على شفير نزاع كبير».
في وقت سابق، أعلن وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار من جهته، أن بلده ليس في وارد التسبب بتصعيد جديد، لكنه توعّد بـ«ردّ حازم جدّاً» على أيّ هجوم جديد.
وفيما يصدر قادة ومسؤولون رفيعو المستوى على جانبي الحدود تهديدات، يدفن السكان المحليون موتاهم مؤكدين أنهم يستعدون للأسوأ.
ويُحرم عشرات الملايين من الأطفال من الذهاب إلى المدارس، إذ أُغلقت مدارس كشمير الهندية بالكامل، فضلاً عن المناطق المحاذية لباكستان في ولايتي البنجاب وراجستان. وفي الجانب الباكستاني لن تفتح المدارس أبوابها مجدداً في كشمير الباكستانية والبنجاب، وكذلك في إسلام آباد قبل الاثنين.
وأغلق 24 مطاراً في شمال غرب الهند لأسباب أمنية.
«تحييد» الدفاعات الجوية
ومساء الخميس، هزّت عدّة انفجارات الشطر الهندي من كشمير التي يتنازع البلدان السيادة الكاملة عليها منذ تقسيمها عند الاستقلال في 1947.
وعزت نيودلهي الانفجارات إلى سلسلة ضربات بالمسيّرات والصواريخ الباكستانية على منشآت عسكرية. وأعلنت وزارة الدفاع الهندية «تحييد التهديد وعدم سقوط خسائر».
وفي وقت سابق، استيقظت مدينة لاهور الباكستانية الكبرى المحاذية للهند على دويّ انفجارات.
وأكّدت الهند «تحييد» الدفاعات الجوية، ردّاً على هجوم ليلي «بصورايخ ومسيّرات باكستانية» كانت تستهدف «مواقع عسكرية».
وأعلن الجيش الباكستاني من جهته الخميس، إسقاط 29 مسيّرة هندية استهدفت تسع مدن، بعضها يضمّ مقرّات عسكرية أو استخباراتية مثل راولبندي.
وكشف وزير الخارجية الباكستاني إسحق دار، أن المسيّرات «حاولت مهاجمة مواقع عسكرية» و«استهدفت مدنيين»، مسفرة عن مقتل مدني، وإصابة أربعة جنود.
وبعد سقوط إحدى المسيّرات في ملعب للكريكت في راولبندي، أعلنت السلطات الباكستانية نقل بطولة وطنية إلى خارجها. أما نيودلهي، فعلّقت من جهتها فعاليات الدوري الممتاز، بحسب ما أفادت وسائل إعلام هندية.
حرب إعلامية
ضبط النفس
ومع توالي الهجمات، توالت الدعوات إلى التهدئة وضبط النفس. ودعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي نظيره الباكستاني إسحاق دار، خلال اتصال هاتفي إلى «ضرورة أن يمارس الجانبان ضبط النفس، وأن يتحركا نحو خفض التصعيد».
ودعا نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس الخميس إلى خفض التصعيد، وقال: «لن ننخرط في حرب لا شأن لنا فيها بتاتاً».
وبعد محطّة في إسلام آباد، واصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الخميس، جهود الوساطة في نيودلهي. وقال في ختام زيارته إن إيران «مستعدة لبذل الجهود للمساعدة على الحدّ من التوتّرات». وندّد مركز الأبحاث «آي سي جي» قائلاً: إن «القوى الخارجية لا تبالي على ما يبدو لتاريخ الحروب الطويل بين الدولتين النوويتين اللتين قد تدخلان في حالة حرب». وأشعلت المواجهة بين البلدين أيضاً الجبهة الإعلامية.
وطلبت الهند من «إكس» الخميس، حجب أكثر من 8 آلاف حساب، من بينها حسابات تابعة لوسائل إعلام دولية. وكشفت إدارة شبكة التواصل الاجتماعي أنها اضطرت للامتثال للتوجيهات على مضض، مندّدة بحملة «رقابية».
وسبق للهند أن طالبت بحظر حسابات لشخصيات سياسية ومشاهير ووسائل إعلام من باكستان.
أخبار متعلقة :