نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لبنان الذي لا يُدنى منه, اليوم الاثنين 5 مايو 2025 04:04 صباحاً
مُذ كانَ الشِعرُ، وَهو لبنانُ الشِعرُ.
وَمُذ كانَ شِعراً، كانَ كُلَّ الشِعرِ.
ما نُظِمَ عَن لبنانَ، مُنذُ ما قَبلَ التَأنسُنِ الإلَهيِّ الى ما بَعدَهُ يوازي ما كُتِبَ عَنِ الأُلوهَةِ. وَهو في صُلبِها، مَضمونٌ لا يُستَنفَد... وَفي الفِعلِ العَقليِّ، لا يُتَمَّمُ إلَّا بِوجودِها.
هي طبيعَتُهُ لبنانُ، مُنذُ بِدايَةِ الوجدانِ، مُحَدَّدَةٌ هَكَذا كالأسرارِ الإلَهِيَّةِ، التي هو مُلازِمٌ لَها تَلازُمَ النُبلِ والطَهارَةِ، الوَحي والمُعطى. صَميمانِ في صُلبٍ واحِدٍ يَتَبَلوَرُ رُسوخاً وَزَخماً وَنَقاءً في التَجارِبَ والمِحَنِ. بِوَجهِ الطُغيانِ كَما بِوَجهِ المُرتَضينَ مِمَّن فيهِ الرُكوعَ لِأيِّ نَعلٍ.
أهو اليَقينُ الخالِصُ في حُكمِ الحَياةِ، الذي يُعلِنُ عَن نَفسِهِ، وَمِن نَفسِهِ، بِذاتِهِ وَلِأجلِ كُلِّ ذاتٍ؟ أهلوهُ ما نَظَموهُ إلَّا ثالوثاً مُثَلَّثاً: "لِبنَنLbnn "، طالِعاً مِنَ الأبَدِ الى السَرمَدِ، نَبضاً مُحيِّياً على ما يَشهَدُ لَهُ المُلهَمونَ. البابِليُّونَ أنشَدوهُ: "لَبنانا"، وَفي قَصائِدَ إيبلا هو مُثَلَّثُ الإنشادِ: "لَبَنان" وَ"لِبآنو" وَ"لِباميم"، وَفي نَشائِدَ الأشوريِّينَ هو الثالوثُ المُفرَدُ الإنتِماءَ: "لَبآن" وَ"لَبناني" وَ"لَبنانا"، وَلِلكِلدانِ هو المُنشودُ الفَريدُ: "لَبنانو" كَما لَدى الحِثيِّينَ: "لُبلانا". أمَّا الإغريقُ وَبَعدَهُمُ الرومانُ فأنشَدوهُ: "ليبانوس Libanos وَLibanus".
هو في الإسمِ "جَبَلُ الطيوبِ": "الُلبان" أو "الُلبنى"Styrax officinale . شَجَرَةُ الحَياةِ العِطرِيَّةِ، البَخورُ المُكَرَّسُ لِلأُلوهَةِ على ما يَشهَدُ عالِمُ الطِبيعِيَّاتِ الرومانِيُّ بلينُ في القَرنِ الأوَّلِ الميلادِيِّ، وَيَذكُرُ القِدِّيسُ كِيرِلُّسُ الإسكَندَرِيُّ.
وَهو في الإسمِ "البَطَلُ-الجَبَّارُ"، كَما أورَدَ فيلونُ الجُبَيلِيُّ في القَرنِ الأوَّلِ الميلادِيِّ، نَقلاً عَن كوسموغونِيَّةِ المؤَرِّخِ الأوَّلِ، البَيروتِيُّ سَنخوني آتُنُ العاشَ في القَرنِ الثالِثَ عَشَرَ قَبلَ الميلادِ.
هَكَذا هو لا غَيرَ، مُذ كانَ: الظَهورَةُPhenomenon-.
لَيسَ ظاهِرَةً مِن ظَواهِرَ الطَبيعَةِ الباعِثَةِ على الإندِهاشِ بَل أكثَرَ: الذي لا يُدنى مِنهُ، إنَّما يُتَوَقَّفُ عِندَهُ وَيُعتَرَفُ أنَّهُ هَكَذا... بِذُهولِ الإنشادِ، لِأنَّهُ يُعلِنُ عَن نَفسِهِ وَيُري ذاتَهُ بِفِعلِ نورِهِ، كَما هو.
تَجَلّي الظَهورَةِ
أن يَكونَ لبنانُ ظَهورَةُ ظَهوراتِ الوجودِ هذا، مِن إسمِهِ الى صِفاتِهِ، فَفي ذَلِكَ التَأكيدُ أنَّهُ فِعلُ الفِعلِ والطَبيعَةُ المُنفَعِلَةُ بالفِعلِ. بِمِعنىً آخَرَ إنَّهُ الواجِدُ والوجودُ في آنٍ. وَمِن هُنا سِرُّ ثالوثِيَّتِهِ التي إعتَرَفَت بِها الشُعوبُ: هو الفاعِلُ-الواجِدُ، والمَفعولُ-الوجودُ، وَماهِيَّةُ المَفعولِ-المَوجودِ. بَينَ الإيمانِ والبُطولَةِ، مَجدٌ دَهرِيٌّ واحِدٌ بِتَمِيُّزِهِ القاطِعِ تَمَيُّزاً عَن كُلِّ غَيرِهِ.
وأن يَكونَ لبنانُ ظَهورَةُ ظَهوراتِ الجَوهَرِ هذا، مِن ثالوثِيَّتِهِ الى وِحدَتِهِ الأُقنومِيَّةِ، فَفي ذَلِكَ التَأكيدُ أنَّ مَضمونَ ماهِيَّتِهِ كيانِيَّةٌ لَيسَت عَرَضاً، بَل المِلءّ الذي العَزمُ يَعقِدُ نَفسَهُ على نِشدانِهِ، ناقِلاً السِرَّ مِنَ الرؤيَةِ الى الكَلِمَةِ-logos.
في هذا التَجَلّي المُزدَوِجِ لِلبنانَ-الظَهورَةِ ولوعٌ أكثَرَ بِكَثيرٍ مِن مُجَرَّدِ الفِكرِ-cogito.
قُلّ: في هذا التَجَلّي-الشِعرَ، بُلوغُ حَقيقَةِ لبنانَ وَحَقيقَةِ طَبيعَتِهِ كإمتِدادَينِ مُتَّحِدَينِ-مُتَلازِمَينِ، في حَضرَةِ أولَوِيَّةِ الأُلوهَةِ المُتَأنسِنَةِ وأولَوِيَّةِ الإنسانِ البالِغَ الأُلوهَةِ. في كَثافَتِهِما التي تؤَكِّدُ على إحتِفالِ الوجودِ بِجَوهَرِهِ، بالمُحتَوى والمَضمونِ... حينَ وجودُ الآخَرينَ مُجَرَّدُ مَوجوداتٍ لا تَختَلِفُ بِشَيءٍ عَن عَدَمِ الوجودِ.
أكَما الأُلوهَةُ هي أخَصُّ الخاصِّ، لبنانُ-الذي-لا-يُدنى-مِنهُ هو أعَمُّ العامِّ؟
إعتَرِف أنَّ بتَجلّي ظَهورَتِهِ، هو المُحالُ-المُمتَنِعُ. هو الكائِنُ-المَوجودُ... كَما اللهُ مَوجودٌ-كائِنٌ. لا اللهَ أوجَدَهُ أحَدٌ، وَلا لبنانَ أحَدٌ أوجَدَهُ. وَفي الجَوهَرِ وجودُهُما يَختَلِفُ عَن أيِّ وجودٍ آخَرٍ. كِلاهُما لَيسا بِحادِثَينِ وَلا بِمَخلوقَينِ. هو اللهُ الخالِقُ. وَمِنهُ لبنانُ.
أخبار متعلقة :