اليوم الجديد

قبل أيام من انطلاقتها... اللبنانيون "غير جاهزين" للانتخابات البلدية؟!

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قبل أيام من انطلاقتها... اللبنانيون "غير جاهزين" للانتخابات البلدية؟!, اليوم الخميس 1 مايو 2025 04:04 صباحاً

"لا صوت يعلو فوق صوت المعركة الانتخابية". لطالما رافقت هذه العبارة، الاستحقاقات الانتخابية في لبنان، بما في ذلك الانتخابات البلدية والاختيارية، على امتداد الشهر الأخير الذي يسبقها، بل الشهرَين وربما أكثر، حيث تتراجع كلّ الاهتمامات الأخرى، وترحَّل إلى ما بعد انتهاء الانتخابات، لصالح أجواء الحشد والتعبئة والمنافسة التي تنطوي عليها، والتي تتداخل على خطّها الجوانب الإنمائية والعائلية، مع تلك السياسية والحزبيّة.

لكنّ الواقع هذه المرّة يبدو مختلفًا بالمطلق، فقبل أيام قليلة جدًا من موعد انطلاق الانتخابات البلدية والاختيارية في جولتها الأولى في محافظة جبل لبنان، المقرّرة يوم الأحد المقبل، يبدو أنّ "صوت المعركة الانتخابية" لا يزال خافتًا جدًا، حتى إنّه لا يُسمَع في الكثير من القرى والبلدات، سواء تلك التي استسلمت لخيار "التزكية"، أو تلك التي لم تشعر بعد بأجواء الانتخابات، حتى إنّ فيها من يمكن أن يتفاجأ بأنّ هناك استحقاقًا فعليًا على الأبواب.

لعلّ عوامل عدّة لعبت دورًا في هذه "الرتابة الانتخابية"، إن صحّ التعبير، من بينها حالة "الضبابية" التي أحاطت، ولا تزال، بهذا الاستحقاق، حتى إنّ الانطباع السائد كان قبل أيام قليلة فقط إنّه لن يحصل، إنّ مجلس النواب سيعمد إلى تأجيله في ربع الساعة الأخير، بل إنّ هناك من لا يزال حتى الآن "يراهن" على مثل هذا التأجيل، إن لم يكن في الجولة الأولى، فبعدها، وإن لم يكن في كلّ الجولات، فعلى الأقلّ في العاصمة بيروت مثلاً.

وعلى الرغم من أنّ المعنيّين في الحكومة، ولا سيما وزارة الداخلية، يؤكدون اكتمال الاستعدادات اللوجستية والإدارية لإنجاز الاستحقاق، وتأمين ما يحتاجه على المستويين السياسي والديمقراطي، فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه، قبيل موعد الجولة الأولى يبقى: هل اللبنانيون "جاهزون فعلاً" للاستحقاق، الذي يفترض أنّهم ينتظرونه منذ ثلاث سنوات على الأقلّ، وأيّ انتخابات ستطبع المشهد البلدي، في مختلف المناطق؟!.

في المبدأ، الثابت أنّ الانتخابات البلدية والاختيارية التي تنطلق يوم الأحد، لا تشبه أيّ انتخابات أخرى، فالحماسة التي يفترض أن تحيط بالاستحقاق لا تزال غائبة، وإن كان البعض يرجّح أن ترتفع شيئًا فشيئًا، خصوصًا مع الوصول إلى "اليوم الموعود"، كما أنّ الكثير من الأحزاب السياسية لا تتعامل مع الاستحقاق كما لو أنّها "معنيّة به"، أو بالحدّ الأدنى، كما اعتادت أن تفعل فيما سبق، حين كانت تحشد كلّ ما تستطيع، لاستعراض قوتها بالحدّ الأدنى.

وقد لا تكون "حُجّة" الطابع الأهلي والمحلي للانتخابات البلدية، حيث تتفوّق المعايير العائلية، وربما التنموية، على تلك السياسية، كافية لتبرير هذا "الفتور السياسي" في التعامل مع الاستحقاق، خصوصًا أنّ هذا الطابع لم يكن في السابق عائقًا أمام دخول الأحزاب على خطّ الانتخابات، مع مراعاة "نسبيّة" لهذه الجوانب، ولعلّ وصف "نسبيّة" مهمّ هنا، لأنّ الأحزاب لم تكن تتردّد أحيانًا في إحداث الانقسامات داخل العائلة الواحدة، من أجل مقعد بلديّ.

عمومًا، يقول العارفون إنّ هذا المشهد قد لا يكون غائبًا بالمطلق عن الانتخابات الحاليّة، إذ ثمّة بعض المعارك "المسيّسة" التي بدأت مؤشّراتها بالظهور في أكثر من منطقة، إلا أنّ الطابع العام للاستحقاق لا يزال "رماديًا" إن صحّ التعبير، للكثير من الاعتبارات، بينها الضبابية التي أحاطت بالاستحقاق، ولكن أيضًا أولويّات هذه المرحلة، التي جعلت من الانتخابات البلدية عنوانًا "هامشيًا" أمام بعض الاستحقاقات الكبرى المطروحة ما بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة.

ولذلك يعتقد العارفون، أنّ القوى السياسية، قبل الفاعليات المحلية، سعت إلى تجنّب "المعركة" في الكثير من القرى والبلدات، باعتبار أنّ الظرف الحالي ليس ظرف شحن، وهو ما رفع من نسبة "التزكية" في هذه الانتخابات، وهي نسبة تبقى مرشّحة للارتفاع في الأسابيع المقبلة، علمًا أنّ حديث محافظ جبل لبنان عن أنّ مهلة الانسحاب، وبالتالي التزكية، تبقى قائمة حتى مساء الأحد، أثارت اعتراض الخبراء الانتخابيين، ولو استند فيها إلى رأي سابق لهيئة الاستشارات.

وثمّة في الأوساط السياسية من يرسم علامات الاستفهام حول هذه "النسبيّة"، التي قد تكون قانونية وديمقراطيّة، لكّنها قد لا تكون "ظاهرة صحّية" بأتمّ معنى الكلمة، بل إنّها تعكس في مكانٍ ما، حالة من الضغط التي يتعرّض لها الكثير من المرشحين من أجل الانسحاب، من بوابة النفوذ الحزبي والسياسي أو العائلي، أو حتى بعناوين وشعارات كبرى، ما يؤدّي إلى حرمانه من حقّه المشروع والطبيعي بخوض الشأن العام، ولا سيما في شقّه البلدي.

وبعيدًا عن هذا الجدل، ثمّة من يقول إنّ الحكم على الاستحقاق بمجمله يبقى سابقًا لأوانه، فإذا كان صحيحًا أنّ الكثير من الأصوات لا تزال "تعلو" على صوت المعركة الانتخابية، فإنّ كلّ شيء قد يتغيّر في الأيام الفاصلة عن الجولة الأولى في جبل لبنان، وربما ابتداءً من الأحد، حين يشعر اللبنانيون "غير الجاهزين"، أو ربما "غير المصدّقين وغير المستوعبين بعد"، أنّهم دخلوا عمليًا في "زمن الانتخابات"، وعندها فقط ستبدأ "الحماوة" بالظهور على نطاق واسع.

وقد ينعكس ذلك على الأحزاب السياسية التي، وإن لم تتعامل مع الاستحقاق بمجمله كما اعتادت، ستنظر إلى بعض محطّاته وجولاته بوصفها "استفتاء" ربما، أو بالحدّ الأدنى، "جسّ نبض" قبل عام من انتخابات نيابية مفترضة، يراهن عليها كثيرون، لتعديل الكثير من موازين القوى، وقد تكون انتخابات بيروت والجنوب تحديدًا "قبلة الأنظار" على هذا الصعيد، وإن كانت هاتان المحطّتان تحديدًا "مهدّدتيْن" بالتأجيل برأي الكثير من المتابعين.

في الانتظار، الأكيد أنّ هذه الانتخابات، بكلّ جولاتها، لا تشبه أيّ استحقاقات أخرى، فاللبنانيون مشغولون بهمومٍ تتخطى المقاعد البلدية، خصوصًا بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة. لكن هنا تحديدًا، يكمن "التناقض" برأي كثيرين، فالحرب نفسها كان يفترض أن "تحفّز" الجميع من أجل "حماوة" غير مسبوقة، بالنظر إلى المهام "الثقيلة" التي ستلقى على عاتق المجالس البلدية المنتظرة، فهل تتغيّر "صورة" هذه الانتخابات من الآن حتى الأحد؟!.

أخبار متعلقة :