نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المفاوضات الأميركية-الإيرانية ومفتاح الباب الجديد, اليوم الاثنين 28 أبريل 2025 05:04 صباحاً
شهدت العلاقات الأميركية-الإيرانية تحولاً لافتاً في الفترة الاخيرة، خصوصاً بعد التخوف الكبير الذي ساد مع وصول الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى السلطة مجدداً، وهو الذي كان اطاح بشحطة قلم الاتفاق النووي الّذي كان توصل اليه سلفه باراك اوباما.
اليوم، عادت الحرارة الى الحوار بين البلدين بعد عقود من القطيعة والعقوبات الاقتصادية. يأتي هذا التحول في سياق متغيرات إقليمية ودولية متسارعة، أبرزها تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة وتبني الإدارة الاميركية الحالية مقاربة براغماتية تجاه طهران تختلف عن سياساتها السابقة. ويمكن فهم هذا التحول من خلال مجموعة من المصالح المتقاطعة، ابرزها انه بالنسبة للولايات المتحدة، تمثل إيران سوقاً استهلاكية كبيرة يقارب 85 مليون نسمة، وإمكانات لاستثمارات في قطاعات حيوية كالطاقة والبنية التحتية. كما أن التقارب التجاري يوفر نفوذاً سياسياً أكثر فعالية من العقوبات التي لم تحقق أهدافها المرجوة طوال العقود الماضية. أما إيران، فتواجه أزمة اقتصادية متفاقمة مع تضخم يتجاوز 40% وانهيار قيمة العملة المحلية، مما يدفعها للبحث عن مخارج من عزلتها الاقتصادية. كما أن تراجع نفوذها الإقليمي أجبرها على إعادة ترتيب أولوياتها نحو الداخل والاستقرار الاقتصادي، اضافة الى تخوفها من ضربة اسرائيلية تستهدفها وان تتفاقم الامور الى حد لا تحمد عقباه. ويبدي ترامب تفاؤلاً ملحوظاً بمستقبل هذه المفاوضات، ويصفها بأنها "صفقة تاريخية ستعيد رسم خريطة المصالح في الشرق الأوسط" مستنداً على ما يبدو، الى امور كثيرة حصلت تجعل من هذا الموقف قابلاً للتحقيق.
وفي غياب اللجوء الى حلول عسكرية، يعتمد الرئيس الاميركي على نهجه التفاوضي القائم على الضغط الاقتصادي الشديد ثم تقديم حوافز تجارية محددة، وفي حال نجاحها، سيكون اكثر قبولاً لدى الاميركيين، وسيظهر نفسه انه رجل سلام قادر على تحقيق ما لم يستطع غيره تحقيقه، لكن هذا التفاؤل يتجاهل تعقيدات العلاقة بين البلدين والحساسيات الإقليمية، كما يتجاهل معارضة قوية داخل الكونغرس وبين حلفاء واشنطن التقليديين في المنطقة.
وفي مقابل الاندفاعة الاميركية، تجهد ايران لتعزيز صورتها ونفوذها في المنطقة، وتفعل ما في وسعها من اجل هذه الغاية، خصوصا بعد ان خففت الدعم المالي والاقتصادي لمؤيديها ومناصريها في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن. هذا التراجع ليس وليد لحظة، بل نتيجة تراكم الضغوط، إضافة إلى تحولات داخلية في المشهد السياسي الإيراني.
وعليه، من المتوقع أن تُحدث المفاوضات التجارية الأميركية-الإيرانية، إن نجحت، تحولات جوهرية في المنطقة، وفي مقدمها عودة العلاقات طبيعية بينها وبين دول الخليج، تراجع حدة الاستقطاب الإقليمي، مع فرص لتسويات في بؤر التوتر، وإعادة هيكلة للتحالفات الإقليمية وفق معادلات جديدة، اما الاهم فيبقى ابعاد ايران عن روسيا والصين.
تبقى المفاوضات التجارية بين واشنطن وطهران مساراً غير مضمون النتائج، محكوماً بإرث طويل من عدم الثقة وتضارب المصالح. لكنها في الوقت نفسه تمثل فرصة لكسر الجمود الذي ميز العلاقة بين البلدين لعقود. وقد يكون تفاؤل ترامب مبالغاً فيه، لكنه يعكس إدراكاً للفرصة التاريخية التي يمكن أن يوفرها هذا المسار. أما التراجع الإيراني الإقليمي، فيمنح واشنطن أوراق ضغط إضافية في المفاوضات، ويفتح الباب أمام معادلات إقليمية جديدة.
فهل ستؤدّي هذه المفاوضات إلى تحول استراتيجي في العلاقات الأميركية-الإيرانية؟ وما هو شكل الشرق الأوسط في ظل هذه المتغيرات؟ وما هو دور اسرائيل في حال نجاح المفاوضات او فشلها؟ وكيف سيكون رد المجموعات والمنظمات التي تعتمد على ايران لاستمراريتها؟.
أخبار متعلقة :