نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لبنان 2025 الإصلاحات الاقتصادية في ظل الجمود السياسي: هل من مخرج؟, اليوم الخميس 24 أبريل 2025 02:08 صباحاً
يواجه لبنان في عام 2025 أزمة اقتصادية خانقة تُعد من بين الأسوأ عالميًا منذ منتصف القرن التاسع عشر، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة تُقدّر بنحو 6.6 بالمئة في عام 2024، مما رفع الانخفاض التراكمي منذ عام 2019 إلى أكثر من 38 بالمئة. تُعزى هذه الأزمة إلى مزيج من الحرب الخارجية، الفساد المستشري، سوء الإدارة والانقسامات السياسية التي تعرقل تنفيذ الإصلاحات الضرورية.
تُظهر المؤشرات الاقتصادية تدهورًا حادًا في مختلف القطاعات في لبنان، فالتضخم على سبيل المثال بلغ معدلات ومستويات غير مسبوقة تخطت 65 بالمئة، مما أفرز تآكلًا في القدرة الشرائية للمواطنين، بينما ارتفعت البطالة في صفوف الشباب اللبناني نحو 47.8 بالمئة، في ظل تراجع القطاعات الإنتاجية والخدمية في البلاد، وتجاوز الدين العام اللبناني 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول منتصف 2024، مما يُعد من بين الأعلى عالميًا.
يعاني لبنان كذلك على مستوى القطاع المصرفي الذي أعاق بانهياره النشاط الاقتصادي وتوفير الائتمان، مع عجز المودعين عن الوصول إلى أموالهم، وكل ذلك ترافق مع حرب إسرائيلية كبيرة أنتجت دماراً واسعاً في الجنوب والبقاع والضاحية، وهجمة دولية على لبنان تربط بين المساعدات والإصلاحات والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وسحب سلاح حزب الله.
على الرغم من التوصيات المتكررة من المؤسسات الدولية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بضرورة تنفيذ إصلاحات هيكلية تشمل إعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي، وتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، وتعزيز الإيرادات من خلال تحسين نظام الضرائب، إلا أن النخبة السياسية في لبنان، أو ما يُعرف بالدولة العميقة داخلياً، تظهر مقاومة لهذه الإصلاحات، حيث تُفضل تجنب التدخلات الخارجية التي قد تُقيد مصالحها.
لذلك فإن العقبة الأولى والأكبر والأبرز أمام تعافي الاقتصاد اللبناني بحسب مصادر نيابية بارزة هي الأزمة السياسية في لبنان، المتمثلة في الانقسامات الطائفية والمحاصصة السياسية، مشيرة إلى أن ذلك يشكل عقبة رئيسية أمام تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية. فغياب التوافق السياسي يُعرقل إقرار الموازنات العامة في مواعيدها الدستورية، ويُؤخر البدء في مناقشة إعادة هيكلة الدين العام، ويعقد مسألة القوانين الإصلاحية على رأسها ما يُعنى بالمصارف، مما يُفاقم من الأزمة الاقتصادية.
بحسب المصادر، تُضاف إلى هذه التحديات الاقتصادية والسياسية، تحديات أخرى تزيد من تعقيد الأزمة، مثل الفراغ الإداري حيث يعاني لبنان منه بشكل كبير، حيث أن آلاف الوظائف الشاغرة والدوائر الرسمية التي تحوّلت إلى هياكل مهجورة، تجعل من الصعب تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
وأيضاً، ملف الهجرة، إذ يشهد لبنان بحسب المصادر هجرة واسعة للكوادر البشرية، خاصة من فئة الشباب المتعلم، وهو ما يفاقم من العجز في الموارد البشرية ويزيد من حدّة التحديات الاقتصادية، وأخيراً الضغوط الدولية التي تواجه الحكومة اللبنانية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل وفق قرار مجلس الأمن رقم 1701، ونزع سلاح جميع المجموعات المسلحة، وتفكيك جميع المنشآت غير المصرح بها من جنوب الليطاني وصولًا إلى كامل الأراضي اللبنانية.
إن الخروج من الأزمة الاقتصادية في لبنان يتطلب، قبل اللقاءات مع صندوق النقد الدولي التي تحصل في واشنطن هذه الفترة، إرادة سياسية حقيقية لتنفيذ الإصلاحات الضرورية، بعيدًا عن المصالح الضيقة للنخبة الحاكمة، وبعيداً عن مصالح الخارج في الداخل اللبناني، فما ينطبق على دولة ما لا ينطبق بالضرورة على لبنان وهذا ما يجب على الأميركيين وغيرهم فهمه، وبدون ذلك، سيظل لبنان غارقًا في أزماته، مما يُهدد استقراره السياسي والأمني والاجتماعي على المدى الطويل.
أخبار متعلقة :