كثف جيش الاحتلال عملياته عند أطراف مدينة غزة أمس، وذلك قبل اجتماع في البيت الأبيض برئاسة دونالد ترامب لمناقشة خطط ما بعد الحرب المتواصلة في القطاع، فيما أكد الجيش الإسرائيلي ان اخلاء مدينة غزة وهي الأكبر في القطاع، أمر «لا مفر منه»، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود مناطق شاسعة فارغة في جنوب القطاع، حسبما أفاد المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي.
وقال أدرعي، في بيان على منصة «اكس»، «بيان مهم إلى سكان قطاع غزة وتحديدا في مدينة غزة وشمال القطاع بخصوص ما ينشر من إشاعات كاذبة بأنه لا يوجد مكان فارغ في جنوب القطاع لانتقال السكان قبيل التحول إلى المرحلة التالية في الحرب أود أن أؤكد أن هناك مناطق شاسعة فارغة في جنوب القطاع». وأضاف «كما هو الحال في مخيمات الوسطى وفي المواصي».
وأوضح أدرعي أن هذه المناطق خالية من الخيم، لافتا إلى أن الجيش الإسرائيلي «قام بمسح هذه المناطق وهي معروضة فيما بعد أمامكم لمساعدة السكان المخلين قدر الإمكان».
وشدد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على أن إخلاء مدينة غزة لا مفر منه، وبالتالي ستحصل كل عائلة تنتقل إلى الجنوب على أوفر المساعدات الإنسانية التي يجري العمل عليها في هذه الأيام.
ولفت الى أن الجيش بدأ بالعمل على إدخال الخيم وتمهيد مناطق لإنشاء مجمعات توزيع المساعدات الإنسانية ومد خط مياه وغيرها.
في غضون ذلك، تواصلت عمليات القصف الجوي والمدفعي خصوصا في حي الزيتون الذي يتعرض منذ أيام لضربات مكثفة. وامس أفاد سكان في الحي الواقع بجنوب مدينة غزة بقصف متواصل ليلا.
كما نفذ الجيش الإسرائيلي أمس عملية عسكرية في البلدة القديمة في مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية المحتلة شارك فيها عشرات الجنود والآليات وفق ما أفاد شهود عيان ومسؤولون فلسطينيون.
وأكد الجيش لوكالة فرانس برس أنه ينفذ عملية في المدينة دون توضيح أهدافها.
وأكد بعض الأهالي لفرانس برس أن «الاقتحام» بدأ فجرا عندما انتشر الجنود في جميع حارات البلدة القديمة حيث يعيش نحو 30 ألف نسمة. وأفادت فرانس برس بأن العملية تتركز في حارة «الحبلة» في الجهة الشرقية للبلدة القديمة.
من جهته، وصف محافظ نابلس غسان دغلس العملية بأنها «عدوان استعراضي لا مبرر له». وأكد شاهد عيان فضل عدم الكشف عن هويته رصده «طرد جنود الاحتلال رجلا مسنا وزوجته من منزلهما» في إحدى حارات البلدة القديمة.
من جانبه، قال غسان حمدان مدير الإغاثة الطبية في المدينة إن «جنود الاحتلال قموا بعمليات تفتيش للمنازل والمحال التجارية داخل البلدة القديمة، وتم تحويل منازل إلى ثكنات عسكرية».
وأظهرت لقطات لفرانس برس أعدادا كبيرة من الجنود المدججين بالأسلحة بالإضافة إلى آليات عسكرية ينتشرون في شوارع المدينة، فيما اعتلى عدد من الجنود أسطح مبان.
واندلعت اشتباكات عند المدخل الشرقي للبلدة القديمة إذ رشق شبان الحجارة في اتجاه جنود إسرائيليين فردوا بإطلاق الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية وفقا لمصادر محلية.
وأعلنت جمعية إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني عن «ثلاث إصابات بالرصاص المطاطي» وعشرات الإصابات بالاختناق.
إلى ذلك، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة ان سلطات الاحتلال تواصل ارتكاب جريمة تجويع ممنهجة في حق سكان القطاع. وقال المكتب ان عدد ضحايا الجوع وسوء التغذية ارتفع إلى 313 شهيدا، بينهم 119 طفلا، مضيفا ان الاحتلال مستمر في إغلاق المعابر ومنع إدخال 430 صنفا من الأغذية إلى القطاع.
وتابع: الاحتلال يمارس هندسة تجويع متعمدة بحق الفئات الأشد ضعفا من أرامل وأيتام ومعاقين.
وفي تطور لافت يعكس حجم القلق الأوروبي من استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وجه أكثر من 209 ديبلوماسيين أوروبيين سابقين، بينهم 110 سفراء و25 مديرا عاما رفيعا، رسالة مفتوحة إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي دعوا فيها إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة للضغط على إسرائيل من أجل وقف العمليات العسكرية واحترام القانون الدولي.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة «ذا غارديان» البريطانية، فإن من بين الموقعين أسماء بارزة تولت مناصب حساسة، مثل آلان لو روي، الأمين العام السابق للخدمة الأوروبية للعمل الخارجي، وكارلو تروجان، الأمين العام السابق للمفوضية الأوروبية. وأكدت الرسالة أن صمت الاتحاد الأوروبي أو تباطؤه في التحرك يهددان بتقويض مصداقيته على الصعيدين الدولي والداخلي.
وطرح الديبلوماسيون تسعة خيارات محددة يمكن اللجوء إليها، من بينها تعليق تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وفرض قيود تجارية على السلع والخدمات القادمة من المستوطنات غير القانونية، فضلا عن منع مراكز البيانات الأوروبية من استقبال أو معالجة المعلومات المرتبطة بالأنشطة الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية. وأضافت الرسالة أنه في حال عجز الاتحاد عن التوصل إلى موقف جماعي، يتعين على الدول الأعضاء التحرك منفردة أو في مجموعات صغيرة.
وقال سفن كوين فون بورغسدورف، الممثل السابق للاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية وأحد قيادات المبادرة، إن الرسالة «تعكس حالة من الاستياء الكبير داخل المؤسسات الأوروبية»، مشيرا إلى أن عددا متزايدا من الدبلوماسيين والمسؤولين السابقين باتوا يرون أن «الوقت قد حان للتحرك»، بعدما طالت الأزمة الإنسانية في غزة.
كما حذر الموقعون من أن الحكومات الأوروبية تخسر مصداقيتها بين مواطنيها، إذ أظهرت استطلاعات للرأي في ألمانيا التي تعد من أبرز الداعمين التقليديين لإسرائيل أن 80% من السكان يعارضون ما تفعله إسرائيل في غزة، فيما يرغب ثلثا الألمان في أن تتخذ حكومتهم موقفا أكثر صرامة.
0 تعليق