تراجعت الأصول الرقمية بشكل ملحوظ مع ترقب المتداولين لخطاب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في ندوة جاكسون هول يوم الجمعة؛ حيث سجلت صناديق المؤشرات المتداولة الفورية لعملتي “بتكوين” و”إيثريوم” في الولايات المتحدة تدفقات خارجة مستمرة على مدار أربع جلسات متتالية، مع سحب المستثمرين صافي قدره 1.9 مليار دولار وفق بيانات “بلومبرغ”؛ وقد فقد الزخم القوي الذي دفع “بتكوين” إلى مستوى قياسي في 14 أغسطس و”إيثريوم” إلى الاقتراب من أعلى مستوياتها، رغم الدعم الاستراتيجي من بعض شركات تجميع العملات المشفرة مثل استراتيجية مايكل سايلور.

تراجع الأصول الرقمية مع الترقب الحذر لخطاب جيروم باول

تُظهر حركة عقود الخيارات تبني المتداولين نهجاً حذراً تجاه خطاب جيروم باول المرتقب، حيث ارتفعت نسبة البيع إلى الشراء لعقود 22 أغسطس إلى 1.33 في بورصة “ديربت” (Deribit) مع اقتراب انتهاء صلاحية عقود خيارات بتكوين التي تبلغ قيمتها 3.8 مليار دولار؛ وأظهرت أكبر المراكز المفتوحة لعقود البيع تمركزاً عند سعر 110 آلاف دولار مما يعكس مخاوف من هبوط وشيك، في ظل سعي المتداولين لحماية محافظهم الاستثمارية من الخسائر المحتملة، علماً بأن عقود البيع تُعتبر آلية تحوط تمنح حاملها الحق في البيع بسعر محدد مسبقاً.

وأوضح بيتر تشونغ، رئيس قسم الأبحاث في “بريستو” (Presto)، أن قراءة نسبة البيع إلى الشراء تعبر عن زيادة حساسية الأسواق تجاه النبرة التي سينتهجها باول، خصوصاً في ظل التوقعات السائدة بخفض أسعار الفائدة في سبتمبر. وأشار إلى أن تقلبات السوق الأخيرة ناجمة عن استعداد المستثمرين لنتائج غير مؤكدة لخطاب باول، بين تشديد أو تخفيف محتملين. وهذا ما ظهر جلياً في تراجع بتكوين بنسبة 0.7% لتصل إلى 113624 دولاراً عند التاسعة صباحاً بتوقيت لندن، مع تعميق خسائرها إلى 9% مقارنة بالقمة السابقة عند 124514 دولاراً، في حين هبطت إيثريوم بنسبة 1.6% إلى 4288 دولاراً.

ويأتي هذا التراجع وسط موجة جني أرباح بعد الارتفاعات القياسية، مع تعليقات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الذي وجه انتقادات متكررة للسياسات الحذرة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي تجاه خفض أسعار الفائدة؛ وصرح وزير الخزانة سكوت بيسنت أن ترمب قد يعين خليفة لباول قبل نهاية العام، مما يجعل خطاب جاكسون هول مرشحاً لأن يكون الخطاب الأخير لرئيس المجلس الحالي.

كيف تؤثر أجواء الترقب على تراجع الأصول الرقمية واستراتيجيات المستثمرين؟

يُعزز الحذر الذي ينبع من خطاب جيروم باول المتوقع انكماش سوق العملات المشفرة، حيث يلجأ المتداولون إلى تحوط محافظهم عبر عقود البيع، وهو ما يعكس قلقهم من هبوط محتمل في الأسعار؛ ويدعم ذلك ارتفاع نسبة عقود البيع مقارنة بالشراء. وبحسب ما ذكره خبراء السوق، فإن التوقعات العالية بخفض أسعار الفائدة في سبتمبر جعلت الأسواق أكثر تأثراً بأي لهجة متشددة في الخطاب، ما قد يؤدي إلى رد فعل سلبي على الأصول الرقمية التي شهدت ارتفاعات كبيرة في الأشهر الماضية. هذا يجعل تحركات التداول أكثر تعقيداً وتحتاج إلى مراقبة مستمرة للتغيرات المتسارعة.

• اعتماد استراتيجيات التحوط عبر عقود البيع لحماية الاستثمارات
• تأهب المستثمرين تقلبات السوق مع اقتراب خطاب جيروم باول
• حساسية متزايدة بين المتداولين بشأن احتمالات السياسة النقدية المستقبلية

التراجع الحذر للأصول الرقمية وتعزيز موقف الاحتياطي الفيدرالي تجاه التضخم

أظهر محضر الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي أن المخاوف المرتبطة بالتضخم لا تزال تفوق مخاوف التوظيف، ما دفع الأعضاء إلى تبني موقف حذر من تخفيف السياسة النقدية بسرعة كبيرة؛ وقد أشار المحضر إلى أن الرسوم الجمركية الجديدة ستستغرق وقتاً قبل أن يظهر تأثيرها الكامل على النشاط الاقتصادي، مما يعزز الاحتمالات بأن الخطاب المرتقب سيحافظ على لهجة متزنة ومتحفظة تجاه خفض أسعار الفائدة. وعلّق توني سيكامور، محلل لدى “آي جي أستراليا”، أن رسائل الاجتماع بينت حرص المجلس على موازنة المخاطر مع إبقاء التضخم تحت السيطرة، مما يعكس تمسك الاحتياطي الفيدرالي بموقف ثابت برغم التحديات الاقتصادية القائمة.

يمكن القول إن التراجع الحالي في الأصول الرقمية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتوقعات المستثمرين تجاه خطاب باول، إذ تعد الأسواق الرقمية من بين أكثر الأسواق تأثراً بخطط السياسة النقدية الأميركية؛ وعليه، فإن الترقب الحذر والتوقعات المتنوعة قديماً سيُحدد مصير هذه الأصول في المستقبل القريب.