قال المحامي الدولي خالد الشولي، عضو الفريق القانوني الممثل للضحايا الفلسطينيين أمام المحكمة الجنائية الدولية، إن قرار إسرائيل باحتلال كامل قطاع غزة يشكل "انتهاكا صارخا للقانون الدولي"، مشددا على ضرورة إلزام تل أبيب بتعهداتها الدولية. الشولي المحامي الدولي من أصول فلسطينية والذي يحمل الجنسيتين الفرنسية والأردنية، تحدث في مقابلة مع الأناضول بشأن شكويين قضائيتين تقدم بهما في 9 يوليو/ تموز الماضي، إلى المحكمة الجنائية الدولية ضمن ملف تحقيق بعنوان "الوضع في دولة فلسطين". وأوضح الشولي أن الشكويين تأتيان استكمالًا لشكوى رفعها محامو الضحايا الفلسطينيين أمام المحكمة نفسها في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، والتي استندت إلى تهم ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة. وكشف أنه بصدد تقديم المزيد من الشهادات والوثائق إلى المحكمة، مشددا على أن الشكويين الأخيرتين متعلقتين باستخدام التجويع سلاحا للحرب في غزة، وقضية المعتقلين الفلسطينيين، وتكملان بعضهما البعض في المسار القضائي. وأشار الشولي إلى أن قيام فريق الادعاء التابع للمدعي العام كريم خان، بدراسة هذه الشكاوى يُعد في حد ذاته استجابة إيجابية في هذا الصدد. وأضاف: "أعتقد أنه من الضروري التحقق من هذه العناصر وتقييمها وإضافتها إلى ملف الوضع في فلسطين، لأننا نتعامل هنا مع قضية شاملة تحت مسمى الوضع في دولة فلسطين". وأوضح المحامي أن "القضية تضم عدة ملفات، ولا تتعلق فقط بالمعتقلين والتجويع وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية الجارية في غزة، بل تشمل أيضا جريمة الاستيطان في الضفة الغربية، وغيرها من الانتهاكات، فضلا عن جرائم بحق اللاجئين الفلسطينيين عموما". وتابع: "المحكمة الجنائية الدولية يجب أن تكون منفتحة على إدراج كل هذه العناصر ضمن الملف". ** احتلال يناقض الشرعية الدولية وأوضح الشولي أن الكثيرين يحاولون فهم طبيعة قرار إسرائيل باحتلال غزة، قائلا: "نحن نسمي ذلك احتلالًا إسرائيليًا". وشدد على ضرورة أن تلتزم إسرائيل بمسؤولياتها والتزاماتها الدولية. ولفت إلى أن قرار تل أبيب احتلال كامل القطاع "غير مشروع من الناحية القانونية ويتناقض مع الشرعية الدولية". وأشار الشولي إلى قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 19 يوليو 2024، والذي خلص إلى أن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية يُعد "انتهاكًا للقانون الدولي". وقال: "فلسطين تحت الاحتلال، وهذا الاحتلال غير قانوني. ولهذا السبب أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي رأيًا واضحًا بشأن عدم شرعية هذا الوضع". والأربعاء، وافق وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، على خطة احتلال مدينة غزة ومهاجمتها في عملية عسكرية تحمل اسم "عربات جدعون 2"، رغم إعلان حركة حماس موافقتها على مقترح قدمته مصر وقطر لاتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في القطاع لمدة 60 يوما. وأقر المجلس الوزاري المصغر "الكابنيت" في 8 أغسطس/آب الجاري، خطة اقترحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لاحتلال تدريجي لكامل القطاع، تبدأ باحتلال مدينة غزة، عبر تهجير سكانها البالغ عددهم نحو مليون نسمة إلى الجنوب، ثم تطويق المدينة وتنفيذ عمليات توغل في التجمعات السكنية. ** دعوة لمحاكمة المجرمين الإسرائيليين وقال الشولي إن "إسرائيل تسعى من خلال احتلالها الأراضي الفلسطينية إلى جني مكاسب دون أن تدفع أي ثمن". وأوضح أنهم "يعملون على جمع العناصر القانونية اللازمة لإبلاغ المؤسسات الدولية بأن أفعال إسرائيل تمثل خرقًا للقانون الدولي، وأن عليها تحمّل المسؤولية عن ذلك". وأضاف الشولي: "جميع المسؤولين الإسرائيليين الذين يتحملون المسؤولية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بل وحتى جرائم الإبادة الجماعية، يجب أن تتم محاكمتهم تباعًا أمام المحكمة الجنائية الدولية، كما يجب أن تُناقش مسؤولية دولة إسرائيل ذاتها أمام محكمة العدل الدولية". ولفت إلى أن قرار إسرائيل باحتلال القطاع يجعلها في مواجهة تهمة ارتكاب جريمة "العدوان"، وهي الجريمة الرابعة المحددة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وأكد أن عمليات إسرائيل في قطاع غزة ومحاولة ضم الضفة الغربية المحتلة "تتعارض بشكل مباشر مع قرارات مجلس الأمن الدولي". وتابع: "نعلم جيدًا أن دولة إسرائيل عضو في الأمم المتحدة، وعليها الالتزام بميثاق المنظمة وبجميع التزاماتها الدولية". وشدد المحامي من أصول فلسطينية على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته، وأن يتوجه إلى مجلس الأمن لفرض ضغوط إضافية تدفع إسرائيل إلى التراجع عن قراراتها والامتثال لالتزاماتها الدولية. وتؤكد الأمم المتحدة أن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، ويقوض إمكانية تنفيذ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، وتدعو منذ عقود إلى وقفه دون جدوى. ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال إسرائيل المدينة عام 1967، ولا بضمها إليها في 1980. ** قوة دولية تردع إسرائيل الشولي قال إن دفع إسرائيل إلى الالتزام بواجباتها الدولية يمكن أن يتم عبر "فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعزلها دوليا، ما سيدفعها إلى الاعتراف بأخطائها وجرائمها والعمل على تصحيحها". ولفت إلى "الدعم غير المشروط الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل"، مشددا أن "ضمان امتثال إسرائيل للقانون الدولي يحتاج إلى قوة دولية رادعة". كما أكد الشولي أن "الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين سيمنحها شرعية أكبر على الساحة الدولية". واعتبر ذلك "خطوة مشجعة تدفع دولا أخرى لتحذو حذوها". وأواخر يوليو الماضي، أطلقت 15 دولة غربية بينها فرنسا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والبرتغال، نداء جماعيا للاعتراف بدولة فلسطين ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، نشرته الخارجية الفرنسية على موقعها الإلكتروني. وقبلها بعدة أيام، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في مؤتمر صحفي، إن بلاده ستعترف بدولة فلسطين في سبتمبر/ أيلول المقبل "إذا لم تتخذ إسرائيل خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروع" بقطاع غزة. وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 24 يوليو الماضي، أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر المقبل. ومنذ 7 أكتوبر 2023 ترتكب إسرائيل - بدعم أمريكي - إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 62 ألفا و192 قتيلا، و157 ألفا و114 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 271 شخصا، بينهم 112 طفلا.