في قلب آسيا، تعتبر سنغافورة إحدى أغلى مدن العالم، حيث يواجه العديد من سكانها تحديات مالية كبيرة بسبب تآكل رواتبهم قبل نهاية الشهر. البلد المعروف بالانضباط المالي ومعدلات الادخار العالية يعاني في الوقت الراهن من ضغوط متزايدة بفعل ارتفاع تكاليف المعيشة، حيث تشمل تلك التكاليف أسعار السكن، الطعام، ووسائل التنقل، بالإضافة إلى خدمات الحياة اليومية. في ظل هذا الوضع، يتزايد إقبال الشباب على نمط حياة يعكس المزيد من الرفاهية والتجارب الاستهلاكية، مما يجعل من الادخار مهمة صعبة، بالرغم من وجود برامج حكومية مثل صندوق الادخار المركزي (CPF) الذي يقتطع جزءًا من الرواتب تلقائيًا لدعم التقاعد والرعاية الصحية. يتضح أن هذا التناقض بين التكاليف المتزايدة والرغبة في الاستمتاع بالحياة اليومية يعكس ضغطاً مالياً واضحاً، ويطرح تساؤلات هامة حول مستقبل الادخار في سنغافورة.
الضغوط المالية في سنغافورة
تابع أيضاً قرار جديد من الرئيس السيسي: تكليف المدارس بتنظيم مسابقات دينية وتقديم مكافآت للمتفوقين
تشير الإحصائيات إلى أن نحو 60% من العمال في سنغافورة يعيشون من راتب إلى راتب، وهو معدل مرتفع مقارنة بالدول المجاورة مثل الصين وكوريا الجنوبية واليابان وإندونيسيا. وتدل المعطيات على تصاعد الضغط المالي الذي يواجهه الأفراد، حيث يتحدث جوفان يو، البالغ من العمر 31 عامًا، عن كيفية انقضاء راتبه سريعًا بعد سداد فواتير بطاقات الائتمان ودعم أسرته، مما يترك له القليل لتوفيره. وفقاً لاستطلاع أجرته Forrester Research، فإن النسبة كانت أقل في السابق، مما يدل على تزايد هذا الضغط في السنوات الأخيرة. كما أشار تقرير صادر عن Oversea-Chinese Banking Corp إلى أن عدد السنغافوريين الذين يضعون خططًا مالية للتقاعد قد تراجع، خصوصًا بين الفئات العمريّة من العشرينات إلى الخمسينات.
تحديات تكاليف المعيشة
قد يهمك أسعار الدواجن في الإسماعيلية تتغير بشكل ملحوظ اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025
على الرغم من انخفاض معدلات التضخم إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات، إلا أن تكاليف المعيشة في سنغافورة تظل مرتفعة جداً بسبب عوامل هيكلية مثل أسعار العقارات المرتفعة والاعتماد الكثيف على الاستيراد. وفقًا لمؤشر تكلفة المعيشة على موقع Numbeo، احتلت سنغافورة المرتبة الخامسة عالميًا والأولى على مستوى المنطقة، مع ارتفاع سنوي ملحوظ بلغت نسبته 11%. يوضح برايان لي، الخبير الاقتصادي في مركز أبحاث مايبانك، أن نمو الأجور الحقيقية شهد تراجعًا طفيفًا، مما أثر سلبًا على القوى الشرائية للعامل العادي. كما ارتفعت أسعار إعادة بيع الشقق العامة، مما يشكل عائقًا إضافيًا أمام تخطيط الحياة المالي للأفراد.
شيفرة الاستهلاك وتجارب الحياة
قد يهمك تغيرات ملحوظة في أسعار الخضروات والفاكهة اليوم.. تعرف على التفاصيل الآن!
تفوق تأثير النزعة الاستهلاكية الحديث على التحذيرات المالية التقليدية، بحيث بدأ عدد كبير من الأفراد يعبرون عن رغبتهم في الاستمتاع بتجارب فاخرة والدخول في ثقافة الإشباع الفوري. إذ يتم تقديم أنظمة “اشترِ الآن وادفع لاحقًا” التي زادت تداولاتها بشكل ملحوظ، مما يضع سكان سنغافورة في وجهة معقدة من الخيارات المالية. ترى روي مينغ، المؤسس المشارك لمدونة The Woke Salaryman، أن الجيل الحالي نشأ وسط سيل من الحملات التسويقية مما عزز رغباته في الاستهلاك. بينما تشير جويس آنغ إلى عدم شعورها بالضغط للادخار كما كان عليه الحال في زمن والديها.
أصبحت هذه الديناميكيات تطرح تساؤلات حول كيفية التوفيق بين الرغبات الفورية وتأمين مستقبل مالي مستقر. إذ على الرغم من أن نسبة تصل إلى 20% من رواتب الموظفين تُخصص لصندوق الادخار المركزي، إلا أن ذلك يعتبر أكثر دعماً للاحتياجات طويلة الأمد بدلًا من تلبية احتياجات السيولة المالية اللحظية. يجد الكثيرون من سكان سنغافورة أنفسهم في مواجهة خيار صعب، بين الاستمتاع بالحياة اليومية أو ضمان مستقبلهم المالي.
0 تعليق