سجل الذهب في بداية عام 2025 مستويات قياسية جديدة، حيث أصبح المعدن الأصفر ملاذًا آمنًا للمستثمرين في ظل التوترات الجيوسياسية المستمرة والتضخم العالمي. تُعزز هذه الظروف من قيمة الذهب في ظل استمرار الحرب الروسية–الأوكرانية، ومع اقتراب القمة المرتقبة بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، أصبحت الأسواق العالمية أكثر حساسية بشأن المؤشرات المتعلقة بمستقبل الصراع. ومع ذلك، سجل الذهب تراجعًا بمقدار 1.5% خلال الأسبوع الماضي، وسط تركيز المستثمرين على أي مستجدات سياسية واقتصادية، وفقًا لتقرير من “CNN”.

ارتفاع الطلب العالمي على الذهب

الزيادة الملحوظة في الطلب العالمي على الذهب خلال الربع الثاني من عام 2025 كانت بنسبة 3% مقارنة بالعام السابق، حيث بلغ الإجمالي 1249 طنًا، وارتفعت القيمة الإجمالية إلى 132 مليار دولار. يُعزى هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى التدفقات القوية نحو صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب، بينما انخفض استهلاك الحلي بسبب أسعار الذهب القياسية. تجدر الإشارة أيضًا إلى أن صناديق الاستثمار المتداولة في أمريكا الشمالية حققت تدفقات إيجابية بلغت 73 طنًا، أي حوالي 8 مليارات دولار، مما يُدلل على استمرارية دور المستثمرين المؤسساتيين في دعم الأسعار.

دعم البنوك المركزية للذهب

استمرت مشتريات البنوك المركزية في تعزيز أسعار الذهب، في ظل حالة من عدم اليقين الحذر في النظام المالي العالمي. بعض المؤشرات الاقتصادية الأمريكية المتعلقة بالرسوم الجمركية والسياسات المالية أثبتت قدرة الذهب على التأقلم السريع مع تقلبات السوق. ومن أهم الأمثلة على ذلك، إعلان الرئيس الأمريكي ترامب عن استثناء الذهب من الرسوم الجمركية المرتفعة المؤقتة في نهاية يوليو، الأمر الذي ساهم في تخفيف المخاوف المتعلقة بالتضخم وهدّأ من حدة الأسواق.

تأثير التسوية السياسية المحتملة على الأسعار

إذا ما تحقق تسوية سياسية دائمة للحرب الروسية–الأوكرانية، فقد تنخفض الضغوط الجيوسياسية على أسعار الذهب، مما قد يسمح بحدوث تصحيح سعري أو استقرار عند مستويات أدنى، خاصة مع تحسن مؤشرات النمو العالمي والانخفاض المتوقع في أسعار الفائدة الأمريكية. ومع ذلك، قد تبقى أسعار الذهب تحت ضغط نتيجة استمرار بعض العقوبات أو المشكلات في سلاسل التوريد، خاصة في ضوء التقلبات المحتملة المرتبطة ببيانات التضخم والسياسة النقدية.

مستقبل أسعار الذهب

توقعات “جيه بي مورجان” تشير إلى أن متوسط سعر الأوقية قد يصل إلى 3675 دولارًا بنهاية عام 2025، مع احتمال تجاوز 4000 دولار في النصف الأول من عام 2026. بينما توقعت “جولدمان ساكس” وبنوك أخرى أن تتجاوز الأسعار 4000 دولار إذا استمر الطلب على الملاذات الآمنة. يتوقع بعض المحللين، في حال تراجع المخاطر الجيوسياسية، أن تنخفض الأسعار إلى مستوى 3000–3200 دولار في الربعين المقبلين. يتداول الذهب حاليًا حول مستوى 3342 دولارًا للأونصة، مدعومًا بالطلب من قبل المستثمرين المؤسساتيين وصناديق التحوط، على الرغم من وجود ضغوط نتيجة التغيرات النقدية في الولايات المتحدة. السيناريو الأكثر ترجيحًا هو استقرار الأسعار أو تراجع محدود، مما يعكس استمرار جاذبية الذهب كملاذ آمن، إلا إذا حدثت تصعيدات اقتصادية أو جيوسياسية جديدة.