منصة وطنية جديدة تحتضن وتطور المواهب الطلابية في الفنون والثقافة

ra 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

في خطوة غير مسبوقة تعكس التكامل بين التعليم الأكاديمي والبرامج الفنية الإبداعية، أطلقت وزارة التعليم بالتعاون مع وزارة الثقافة مبادرة «أكاديمية الفنون والثقافة»؛ وهي مبادرة تهدف إلى استقطاب ورعاية وتنمية المواهب الإبداعية لدى طلبة التعليم العام عبر برامج مختصة في مجالات الرسم، والعزف، والمسرح والتمثيل، والغناء. تعتبر هذه الأكاديمية الأولى من نوعها في المملكة، وستبدأ مرحلتها الأولى مع بداية العام الدراسي، حيث ستستقبل طلاب الصفين الرابع الابتدائي والأول المتوسط في مدرستين فقط: إحداهما للبنين في مدينة الرياض، والأخرى للبنات في مدينة جدة، مع خطط لتوسيع نطاق الأكاديمية تدريجياً لتشمل جميع المراحل الدراسية في مختلف مناطق المملكة.

تقوم فلسفة الأكاديمية على دمج المناهج الدراسية المعتمدة من وزارة التعليم مع التدريب الفني العملي، وذلك باستخدام مناهج حديثة وكوادر مختصة ضمن بيئة تعليمية محورية توازن بين التحصيل العلمي وصقل المواهب الفنية، ما يكفل للطلاب رحلة تعليمية شاملة تغذي عقولهم ومهاراتهم بشكل متزامن. من المتوقع أن يكون هناك شروط واضحة للتقديم، حيث ينبغي أن يكون الطالب قد أنهى الصف الثالث أو السادس الابتدائي، وينتقل إلى الصف الرابع أو الأول المتوسط من خلال اختيار مجال موهبة واحد فقط من المجالات المطروحة، وكذلك تقديم أعماال أو عروض تثبت الموهبة مع مقطع فيديو يوضح الرغبة في الانضمام إلى الأكاديمية.

أكدت وزارتا التعليم والثقافة أن هذه المبادرة تتماشى مع مستهدفات «رؤية السعودية 2030»، والتي تهدف إلى تمكين جيل جديد يجمع بين التفوق الأكاديمي والإبداع الفني، وتعزيز الهوية الثقافية للمملكة وبناء قاعدة صلبة لمستقبل ثقافي مزدهر.

الأبعاد المسرحية والتربوية للتعليم الفني

مقال مقترح فرص واعدة لخريجي برنامج هندسة السيارات الذكية بجامعة حلوان في تنسيق الجامعات 2025

أشارت الدكتورة نوف الغامدي، وهي عضو في «الاتحاد الدولي لأبحاث المسرح» بجامعة كامبريدج، إلى أن تدريس المسرح والتمثيل في مراحل مبكرة «ليس مجرد نشاط فني، بل هو أداة تربوية متكاملة تسمح للطالب بالتعبير عن ذاته وصياغة شخصيته على أسس واثقة، مما ينمي لديه مهارات حياتية متقدمة». وقد أوضحت دراسة صادرة عن «المؤسسة الوطنية للفنون» أن التعليم الفني المبكر مرتبط بتحسين الأداء الأكاديمي وتعزيز النمو الاجتماعي والعاطفي للطلاب، وقد أظهرت برامج التعلم الاجتماعي والعاطفي تحسنًا في نتائج الطلاب الأكاديمية بنسبة تصل إلى 11 نقطة مئوية.

وقالت الدكتورة نوف أيضًا أن الطلاب المشاركين في الأنشطة المسرحية يحققون معدلات أعلى في اختبارات SAT، بمعدل 65.5 نقطة في اللغة و35.5 نقطة في الرياضيات مقارنةً بالطلاب غير المشاركين، مما يعكس القوة التي يمتلكها المسرح في تعزيز الثقة بالنفس، وكسر حاجز الخوف من مواجهة الجمهور، وتنمية القدرات التواصلية، وصقل مهارات الإصغاء والعمل الجماعي، بالإضافة إلى تطوير التفكير النقدي والإبداعي.

معايير اكتشاف الموهبة المسرحية الحقيقية

قد يهمك موعد نتائج الثالث المتوسط 2024 الدور الأول في العراق.. تعرف على كيفية الحصول عليها الآن

تحدثت الدكتورة نوف عن المعايير الأساسية لاكتشاف الموهبة المسرحية الحقيقية لدى الأطفال، مشددة على أن «الموهبة الحقيقية لا تقتصر على القدرة على الحفظ أو أداء النصوص بأسلوب تقليدي، بل تتجلى في التعبير الأصيل، والتفاعل التلقائي مع المواقف التمثيلية، وامتلاك الحضور المسرحي الجذاب للجمهور». كما أشارت إلى دراسة تطبيقية في تركيا أظهرت أن التدريب المسرحي المبكر يسهم بشكل كبير في تطوير مهارات التواصل الاجتماعي لدى المشاركين.

تمثل القدرة على الارتجال وفهم أبعاد الشخصيات وأعماقها النفسية، بالإضافة إلى الالتزام بروح الفريق والانضباط في التدريب مؤشرات رئيسية على وجود مواهب فطرية تتطلب الاستثمار والتطوير.

ثمار أكاديمية الفنون والثقافة على المشهد الفني السعودي

تابع أيضاً نظام تعليمي عالمي مبتكر لتحقيق معايير تعليمية متطورة

من جهة أخرى، اعتبرت الدكتورة نوف أن إطلاق أكاديمية الفنون والثقافة يعتبر خطوة استراتيجية لتأسيس جيل جديد من المبدعين المؤهلين أكاديمياً منذ مراحل التعليم العام، مما يسهم في بناء قاعدة مهنية متينة للفنون المسرحية. وأوضحت البيانات من وزارة الثقافة أن عدد العروض المسرحية المحلية بلغ 273 عرضاً في عام 2018، وأن الهيئة العامة للترفيه أنتجت 44 مسرحية محلية في عام 2019، مما يدل على وجود بيئة خصبة للنمو والتطور.

مع تنفيذ مبادرات مثل مبادرة “مدرسة المسرح”، التي تهدف لتدريب 28 ألف معلم في المدارس الحكومية على تقنيات التمثيل والإنتاج المسرحي، يتوقع أن تشهد المملكة تحولاً نوعياً في جودة الإنتاج المسرحي وزيادة المحتوى الإبداعي المحلي لينافس المعايير العالمية.

الجهود المبذولة ستعزز تنافسية المواهب الوطنية على المستويات الإقليمية والدولية، كما ستساهم في تحفيز الاقتصاد الإبداعي وخلق فرص عمل مميزة، مما يعزز من القوة الناعمة للمملكة عبر استخدام الفنون كجسر للتواصل الثقافي والحضاري مع العالم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق