يشهد سوق الذهب تحولات واضحة مع التغيرات الأخيرة في السياسات الاقتصادية العالمية؛ حيث تأثر بشكل كبير بقرار محكمة اتحادية أمريكية بإلغاء رسوم “يوم التحرير” التي فرضها الرئيس السابق ترامب، وقد انعكس ذلك مباشرة على التوجهات الاستثمارية نحو الذهب بوصفه ملاذًا آمنًا؛ إضافة إلى تأثير ارتفاع الدولار في الضغط على أسعار المعدن الأصفر، وهو ما جعل المستثمرين يعيدون التفكير في قراراتهم المالية.

تأثير إلغاء رسوم “يوم التحرير” على سوق الذهب

تراجع أسعار الذهب بشكل ملحوظ جاء كنتيجة مباشرة لمنع تطبيق رسوم “يوم التحرير”، حيث كان من المقرر أن تشمل هذه الرسوم الواردات القادمة من الدول ذات الفائض التجاري الكبير مع الولايات المتحدة، وبدلًا من ذلك، قامت المحكمة بالحكم بأن فرض هذه الرسوم يتجاوز سلطة الرئيس السابق، مما تسبب في تحفيز نشاط الأسواق المالية الأخرى مثل الأسهم الأمريكية والآسيوية، ومن جانب آخر، ارتفع الدولار ليقلل من جاذبية الذهب للمستثمرين؛ هذا القرار انعكس أيضًا على العقود الفورية للذهب التي انخفضت بنسبة 0.7% لتسجل 3268 دولارًا للأوقية، كما تراجعت العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.1%، لتبلغ 3265 دولارًا.

دور ارتفاع الدولار في انخفاض أسعار الذهب

شهد الدولار الأمريكي ارتفاعًا واضحًا عقب قرار المحكمة بمنع تلك الرسوم، وكان لذلك تأثير سلبي على أسعار الذهب، حيث إن الذهب المقوم بالدولار يصبح أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى عند ارتفاع الدولار، وبالتالي يتأثر الطلب العالمي عليه بالسلب، ارتفاع الدولار يؤدي عادةً إلى اتجاه المستثمرين نحو بدائل استثمارية أخرى مثل الأسهم والأسواق المالية، مما يقلل من الإقبال على شراء المعادن النفيسة، وعلى رأسها الذهب، كما دفعت هذه التحولات المستثمرين إلى إعادة توزيع محافظهم المالية بعيدًا عن الأصول الآمنة.

تأثيرات ملحوظة على المعادن النفيسة الأخرى

في الوقت الذي شهدت فيه أسعار الذهب انخفاضًا، برزت المعادن النفيسة الأخرى بتحركات طفيفه نحو الارتفاع، فقد زادت أسعار الفضة مقارنة مع الذهب مسجلة 33.12 دولارًا للأوقية، وحافظ البلاتين على مستوى استقرار ثابت، أما البلاديوم فقد حقق ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 0.9% ليصل إلى 971.30 دولارًا للأوقية؛ هذا التباين في الأداء يظهر كيف يمكن أن تؤدي قرارات اقتصادية كبرى إلى تحولات شاملة ضمن جميع القطاعات المرتبطة بالمشتركات الاقتصادية والمعدنية.

مستقبل سوق الذهب بعد إلغاء رسوم يوم التحرير

يؤكد المحللون أن عودة الحيوية لسوق الذهب تعتمد على عوامل متعددة، تشمل حركة الدولار والأوضاع الاقتصادية والسياسية العالمية، حيث من الممكن أن يستعيد الذهب موقعه في حال تزايدت التوترات أو ارتفع الطلب عليه من قبل البنوك المركزية والمستثمرين؛ لكن في الوقت الراهن، يبدو أن قرار إلغاء رسوم يوم التحرير وارتفاع الدولار الأمريكي جعل الذهب يتعرض لموجات بيعية محسوسة، كما يؤثر التراجع الملحوظ للعقود الآجلة على توقعات المستثمرين قصيرة الأجل.