شهد سعر الذهب ارتفاعًا كبيرًا خلال الفترة الأخيرة، ليسجل أعلى مستوياته منذ أسبوعين؛ ويعود هذا الانتعاش إلى تصاعد المخاوف المتعلقة بالدين السيادي الأمريكي وضعف سوق سندات الخزانة، ما دفع العديد من المستثمرين للبحث عن الملاذات الآمنة مثل الذهب الذي يعد خيارًا أساسيًا في مثل هذه الأوقات التي تشهد اضطرابات سياسية واقتصادية.

أسعار الذهب تسجل مستويات غير مسبوقة

سجلت أونصة الذهب ارتفاعًا إلى 3345 دولارًا خلال جلسة تداول الخميس بعد افتتاحها عند مستوى 3319 دولارًا، كما شهدت تقلبًا محدودًا حيث تراجعت إلى 3312 دولارًا قبل أن تعاود الارتفاع، هذا التحرك التصاعدي جاء مدعومًا بثلاثة أيام متتالية من المكاسب، فضلًا عن تراجع قيمة الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياته منذ أسبوعين أمام سلة العملات العالمية، مما ساعد في تعزيز جاذبية الذهب كوسيلة استثمارية قوية في وجه التقلبات الاقتصادية.

الذهب يتأثر بتطورات السياسة الأمريكية

فرضت التطورات السياسية في الولايات المتحدة تأثيرًا ملحوظًا على أسواق الذهب، فقد أدت مخاوف متزايدة بشأن سياسات الرئيس الأمريكي، لا سيما مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي يدعمه دونالد ترامب، إلى استقطاب المستثمرين نحو الأصول الآمنة، حيث تسببت السياسات المقترحة في خلق توقعات بارتفاع الدين الحكومي الأمريكي بشكل غير مسبوق نتيجة خفض الضرائب وزيادة الإنفاق على مجالات متعددة مثل الدفاع، مما زاد من التوترات الاقتصادية على الصعيد الدولي.

تراجع الإقبال على سندات الخزانة الأمريكية

ضعف الإقبال على سندات الخزانة لأجل 20 عامًا البالغة قيمتها 16 مليار دولار شكل ضربة جديدة للأسواق، حيث أدى ذلك إلى انخفاض حاد في قيمة الدولار الأمريكي، إضافة إلى تأثير سيء على أسواق الأسهم الأمريكية؛ وقد تفاقمت هذه التحديات بعد أن خفضت وكالة “موديز” التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، ما أثار القلق حول الاستقرار المالي على المدى الطويل وزاد الطلب على الذهب كأصل استثماري مستقر.

الذهب يبرز كوجهة استثمارية وسط التوتر الجيوسياسي

مع تصاعد التوترات السياسية والاقتصادية، شهد الذهب طلبًا متزايدًا باعتباره الخيار الأكثر أمانًا للمستثمرين في ظل القلق المتزايد حول الاستقرار العالمي، وتحديدًا مع التقارير التي تتحدث عن نوايا عدائية للكيان الصهيوني تجاه إيران، الأمر الذي ساعد بشكل كبير الذهب على تعويض الخسائر المسبقة، ليصبح مرة أخرى محط أنظار الأسواق العالمية كأداة تحوط مهمة في مواجهة الاضطرابات.

التوقعات باستمرار صعود أسعار الذهب

تعززت المؤشرات التي تدل على استمرار الاتجاه الصعودي للذهب بعد أن صمد فوق مستوى الدعم 3200 دولار والذي يُعد مؤشرًا تقنيًا قويًا، يتوقع المحللون أن تظل الأسعار مستقرة عند مستويات مرتفعة خلال عام 2023 بفضل استمرار الطلب على المعدن النفيس وسط بيئة اقتصادية غير مستقرة، مع احتمالية الاقتراب من تسجيل ارتفاعات تاريخية تصل إلى 3500 دولار للأونصة.

ضغوط على صناديق الذهب الاستثمارية

ورغم توجه المستثمرين نحو الذهب، شهدت صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب انخفاضًا في التدفقات النقدية خلال الأسبوع الثاني على التوالي، حيث أفاد مجلس الذهب العالمي بانسحاب حوالي 30 طنًا من الذهب من الصناديق الاستثمارية العالمية، كان النصيب الأكبر منها في الولايات المتحدة وآسيا، مما ألقى بظلاله على حركة الأسواق وأعاد تنظيم سيولة المستثمرين في ظل بيئة تشهد تغيرات عالمية دائمة.