إسطنبول ـ (أ ف ب)يتوقع أن يعقد وفدان من موسكو وكييف مباحثات في إسطنبول، الجمعة، هي الأولى المباشرة بين الطرفين منذ قرابة ثلاثة أعوام، لكن عدم حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى المدينة التركية حدّ من التوقعات بإمكان تحقيق اختراق على طريق إنهاء الحرب المستمرة منذ 2022.وأكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الخميس، أن التوقعات من هذا اللقاء ستكون متواضعة، خصوصاً في ظل مستوى التمثيل الروسي، وتبادل الجانبين الإهانات قبيل المباحثات.وقال: «أريد أن أكون صريحاً. لا أعتقد أن لدينا توقعات كبيرة حيال ما سيحدث»، مشيراً إلى أنّ التمثيل الروسي «لم يكن على المستويات التي كنا نأملها»، من دون أن يخفي أمله في «أن يحققوا اختراقات هائلة» الجمعة.وعكست مواقف الوزير الأمريكي رأياً مشابها كان أدلى به في وقت سابق الرئيس دونالد ترامب، إذ استبعد أن تفضي المفاوضات بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا إلى أي نتيجة، قبل أن يعقد لقاء مباشراً مع نظيره بوتين.وقال ترامب على هامش زيارته الخليجية «لا أعتقد أن أي شيء سيحدث، أعجبكم الأمر أم لا، حتى نلتقي أنا وهو».بدوره، استبعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تحقيق أي اختراق، معتبراً أن روسيا لا تأخذ المباحثات «على محمل الجد». ورأى أن الوفد الذي أرسلته موسكو «صوري»، لتردّ عليه الأخيرة بوصفه بـ«المهرّج» و«الفاشل».لكن موسكو أرسلت وفداً يتقدمه المستشار الرئاسي الروسي فلاديمير ميدينسكي المعروف بمواقفه القومية المتشددة، وسبق أن قاد مباحثات مع أوكرانيا عقدت في ربيع 2022، بعيد بدء الحرب شباط/فبراير من العام ذاته، من دون أن تؤدي لنتيجة. في المقابل، سيكون الوفد الأوكراني برئاسة وزير الدفاع رستم عمروف.وكان بوتين دعا في نهاية الأسبوع المنصرم إلى مباحثات مباشرة مع الجانب الأوكراني في تركيا، وحدد له موعداً في 15 مايو/أيار. وأبدى زيلينسكي تجاوباً، لكنه طلب من بوتين أن يحضر «شخصياً» إلى إسطنبول للقائه.***************مسارات مختلفة***************ويسعى ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني، إلى الدفع نحو تسوية للحرب، بعدما تعهد خلال حملته الانتخابية بأن يضع حداً لها «خلال 24 ساعة».ولم يستبعد الرئيس الأمريكي الذي يختتم الجمعة جولته الخليجية التي شملت السعودية وقطر والإمارات، السفر إلى تركيا في حال تحقيق تقدم في المباحثات الروسية الأوكرانية. وأفاد مصدر في وزارة الخارجية التركية بأن مباحثات الجمعة ستجري وفق صيغ مختلفة.وقال إن «محادثات ثلاثية بين روسيا وأوكرانيا وتركيا مدرجة في جدول الأعمال»، ومثلها لقاءات بين الأتراك والأمريكيين والأوكرانيين.من جانبه، قال رئيس الوفد الروسي ميدينسكي، إنه سيكون بانتظار الوفد الأوكراني اعتباراً من صباح الجمعة.وقال خلال مؤتمر صحفي في إسطنبول: «غداً صباحاً، واعتباراً من العاشرة تحديداً سنكون بانتظار حضور الجانب الأوكراني إلى الاجتماع».وكان ميدينسكي أشار في وقت سابق، إلى أنّ بلاده تعتبر أنّ المحادثات الجديدة تشكّل «امتداداً» للمفاوضات الثنائية المتعثّرة التي جرت في عام 2022. لكنّه أكد الاستعداد لـ«تسويات محتملة»، من دون إضافة تفاصيل بهذا الشأن. وقال إنّ الوفد الذي يرأسه مُنح «جميع الصلاحيات» لاتخاذ قرارات، وهو ما شكّك فيه زيلينسكي في وقت سابق.وكان الرئيس الأوكراني التقى في أنقرة، الخميس، نظيره التركي رجب طيب أردوغان، وقال عقب ذلك إن روسيا لا تأخذ المباحثات على محمل الجد، مؤكداً أنه بعث بوفد رفيع المستوى إلى إسطنبول «احتراماً» لترامب وإردوغان. وأكد زيلينسكي أنّه لا يزال «مستعداً» لإجراء «محادثات مباشرة» مع بوتين.***************قمة أوروبية في ألبانيا***************ومن المقرر أن يلتقي روبيو في تركيا، الجمعة، نظيره الأوكراني أندري سيبيغا، على أن يلتقي مسؤولٌ آخر في الخارجية الأمريكية بالوفد الروسي.وقبيل المباحثات، شدد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على ضرورة أن تدفع روسيا «ثمن تفادي السلام»، وذلك عشية حضوره اجتماعاً لتكتل المجموعة السياسية الأوروبية تستضيفه ألبانيا.وتضم هذه المجموعة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي و20 دولة أخرى، وأسست في عام 2022 بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رداً على الغزو الروسي لأوكرانيا.وسينضم إلى ماكرون وستارمر في ألبانيا، المستشار الألماني فريدريش ميرتس والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين وغيرهم.وكانت كييف والدول الأوروبية الحليفة لها دعت روسيا الأسبوع الماضي إلى الموافقة على وقف غير مشروط لإطلاق النار مدته 30 يوماً قبل أي مفاوضات، وهو طرح لم يلق آذاناً صاغية في روسيا. وما زال البلدان متمسّكين بمطالب يصعب التوفيق بينها.وتطالب روسيا أوكرانيا بعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتصر على الاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية التي ضمتها، فيما تعتبر كييف مدعومة من حلفائها، هذه الشروط غير مقبولة.في المقابل، تريد أوكرانيا «ضمانات أمنية» غربية متينة لتجنب أي هجوم روسي جديد، وأن ينسحب الجيش الروسي الذي يسيطر على نحو 20 % من مساحة البلاد، كلياً من أراضيها، رغم أن زيلينسكي أقر في مراحل سابقة بأن بلاده قد تضطر للعمل على استعادة بعض أراضيها بالوسائل الدبلوماسية.