نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : استحقاق التنمية الشاملة, اليوم السبت 19 أبريل 2025 10:56 مساءً
نشر في الشروق يوم 19 - 04 - 2025
أثبتت أحداث معتمدية المزونة شرعية المطالب الاجتماعية التي رفعها الأهالي بعد فقدانهم ثلاثة من خيرة شباب الجهة، إثر حادث سقوط جزء من سور المعهد المبني منذ عقود. ذلك أنّ مشروع التنمية الشاملة المرفوع منذ 2011، مازال معطلا بعد أن عبثت حكومات متعاقبة بالاستقرار الأمني و السياسي، حتى جاء حدث الخامس والعشرين من جويلية ليعيد تصويب المسار ولكن بخطى بطيئة.
ومن الأقوال المأثورة إن العدالة بطيئة هي ظلم سريع، بمعنى أن الشعب الذي انتظر طويلا حتى تتحقق بعض أمانيه لم يعد قادرا على الانتظار أكثر، وبعض هذه الأحداث الفجئية يمكنها أن تشعل شرارة تقلب الطاولة من جديد. رئيس الجمهورية قال أكثر من مرة إن التهميش والحقرة مرفوضان، وحث في أكثر من مرة الحكومة و الوزراء و المسؤولين خاصة الولاة في خطاب تعيينهم على ضرورة العمل بجد من أجل تحقيق مطالب الشعب، ولكنّ حدثا صغيرا يكشف أن لا شيء يتحقق على أرض الواقع وإلا كيف يعجز مسؤولو جهة كاملة عن صيانة جدار آيل الى السقوط، بذريعة البيروقراطية القاتلة و الإجراءات التي لا تنتهي، حتى يقع الفأس في الرأس.
التنمية الشاملة وقبل الحديث في تفاصيلها و مساراتها، يجب أن نوفر لها مرجعية فكرية ونؤطرها تأطيرا يطابق بين الواقع و الحاجيات، و بذات الأهمية إيجاد الشخصية القيادية من المستوى المحلي إلى الجهوي و الإقليمي ثم المستوى الوطني لديهم القدرات و الإيمان العميق بفكرة التنمية الشاملة التي بها نعيد بناء الذات الإنسانية و نعيد تكوين الشخصية التونسية على أسس علمية و وجدانية قادرة على التغيير، وخارج هذا الأفق لن نقدر على تحريك حجرة واحدة في جدار متداع للسقوط، سنظل نرمي المسؤولية و نلقي بها من إدارة إلى إدارة أخرى حتى تمر السنوات دون إنجاز يذكر وحتى يحدث الشرخ بين الدولة و المجتمع. وهذا ما سعت بعض الأطراف إلى استثماره في حادثة المزونة الأخيرة.
تثوير الإدارة و تغيير التشريعات المدمّرة للدولة و ضخ دماء جديدة في مراكز الدولة العليا و استثمار الكفاءات العلمية، هي شروط لا مناص منها لتحقيق التنمية الشاملة. و رئيس الجمهورية تحدث في أكثر من مناسبة عن ضرورة هذا التغيير الجذري، ولكن بعد المزونة صار عامل الوقت أكثر ضغطا، و الاختبارات الجدية بدأت تطرح نفسها علينا جميعا من أجل تحرير المبادرة الاقتصادية و دعم القوى التي تريد استرجاع نسق الاستثمار و الإنتاج و التشغيل و في ربوعنا الجميلة من الشمال إلى الجنوب ممكنات هائلة لا يجب أن تظل مهملة، لأنها ثروة إذا استثمرناها تحققت الثورة فعليا وعلى أرض الواقع.
كمال بالهادي
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق