اليوم الجديد

هدى الحوسني.. دليل السياح إلى روح أبوظبي

سؤال من زائر نقلها إلى عالم الإرشاد

طورت أساليب لقيادة المجموعات الكبيرة

والدها يسميها «دكتورة في السياحة»


تمضي المرشدة السياحية هدى الحوسني بخطوات واثقة في شوارع أبوظبي، تحفظ تفاصيل معالمها ومسارات متاحفها، تحمل معها حكاية المكان والناس.


ومن خلال رحلتها في هذا المجال، تقدم هدى الحوسني نموذجاً للمرأة الإماراتية الطموحة التي جعلت من شغفها بالثقافة والتواصل جسراً يصل بين أبوظبي والعالم.


تجربتها تُثبت أن الإرشاد السياحي ليس سرد معلومات فحسب، بل فنّ إصغاء وحكاية ومسؤولية.


وبين شغفٍ يتجدد وتحديات تُدار بابتسامة، تواصل هدى الحوسني صناعة صورة إنسانية لأبوظبي في ذاكرة الزائر، تبدأ بتحية دافئة وتنتهي بانطباع لا يُنسى.


لم تكن السياحة خيارها الأول لكن شرارةً صغيرة غيّرت المسار، ورغم ذلك، تشقّ هدى الحوسني طريقها مرشدة سياحية أولى تشرف على فرق الإرشاد وترافق الزوّار في رحلات تشرح فيها تفاصيل الثقافة الإماراتية بلسان واثق وروحٍ مُحِبّة للتواصل، فانفتحت أمامها أبواب مهنةٍ تجمع المعرفة بالإنسان، والسرد بالهوية.


هدى الحوسني، مرشدة أولى بإحدى شركات السياحة، واحد من الوجوه الإماراتية التي استطاعت أن تقدم صورة مشرقة عن المرأة في هذا القطاع الحيوي.


لم تكن البداية في هذا المجال مخططاً لها، إذ تقول إنها في 2014 كانت تعمل في مجال الفعاليات بحكم تخصصها في إدارتها، وأثناء مشاركتها في المعارض والمهرجانات كانت تلتقي بالسياح وتشاركهم المعلومات عن الثقافة والتراث الإماراتي وتفتح المجال لأسئلتهم.


وفي إحدى المرات، سألها أحد الزوار إن كانت مرشدة سياحية، فأجابته بأنها ليست كذلك ولكنها تحب مشاركة المعلومات عن ثقافة بلدها، ومن هنا جاءتها الفكرة لتخوض التجربة بشكل رسمي. وبالفعل، حصلت في 2016 على رخصة الإرشاد السياحي في أبوظبي وبدأت مسيرتها المهنية.

رخصة ومعايير


توضح هدى الحوسني أن دخول هذا المجال تطلب حضور دورة تدريبية تنظمها دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، وفيها يحصل المرشحون على كل المعلومات الخاصة بالإمارة ثم يخضعون لاختبار، ومن ينجح ينل رخصة الإرشاد السياحي، لكنها وحدها لا تكفي، إذ ترى أن الشخصية تلعب دوراً كبيراً في نجاح المرشد، إلى جانب حضور دورات مساندة في مهارات التواصل ولغة الجسد، فهذه تعتبر من الأساسيات التي تمكن المرشد من التعامل مع مختلف أنواع السياح.


وتضيف أن أهم المهارات المطلوبة في هذا القطاع هي الانفتاح والقدرة على التأقلم وسرد المعلومات بأسلوب مشوق حتى لا يشعر الزوار بالملل، مشيرة إلى أنها أحياناً تستخدم أسلوب القصة بما يتناسب مع الفئة العمرية أو الخلفية الثقافية للسائح.


عن طبيعة عملها اليومي، تشير هدى الحوسني إلى أنها تشغل منصب مرشد سياحي أول، وتشرف على عمل المرشدين الذين يعملون معها إضافة إلى قيامها بالجولات السياحية بنفسها، وهي ليست يومية دائماً، بل محكومة بالمواسم، ففي الشتاء تكون الحركة نشطة، بينما في الصيف تقلّ، ومع ذلك تصف العمل بأنه ممتع ومرن، تلخص هدى الحوسني طبيعة مسؤولياتها بكلمتين: مرونة وتأقلم، وتقول عن التحديات الخاصة بكونها أنثى في هذا المجال: لا يوجد شيء لا نستطيع تحمله، التحدي الوحيد أن يغادر كل سائح وهو يحمل انطباعاً جديداً وإيجابياً عن المرأة الإماراتية.


وتلفت إلى أن مجال الإرشاد يعتمد بالأساس على التواصل المباشر مع السياح، لكنها أحياناً تستخدم مقاطع الفيديو أو الصور لتوثيق أو توضيح بعض المعلومات.


أكثر ما يواجه الحوسني صعوبة السيطرة على المجموعات السياحية الكبيرة وإلزامها بالمواعيد، لكنها طورت طرقاً مبتكرة للتغلب على ذلك مثل استخدام أسلوب التحفيز من خلال وعد الزوار بهدية في نهاية الجولة مقابل التزامهم بالوقت، وهو ما يحقق نتائج جيدة. وتوضح أن طبيعة العمل لا تتقيد بالدوام الرسمي، فالسياح يمكن أن يتواجدوا في أي وقت، ما يعني أن المرشد قد يعمل خارج ساعات العمل المعتادة، لكن في المقابل هناك أيام خالية من الجولات تمنح المرونة والراحة.

دور محوري


تتحدث هدى الحوسني عن دور المرأة الإماراتية في هذا القطاع مؤكدة أنه دور محوري عالمياً، خصوصاً في تغيير الصورة النمطية لدى البعض عن المرأة في الشرق الأوسط. وتقول: «ظهور الإماراتية في هذا المجال يعطي انطباعاً إيجابياً عن تمكينها وقدرتها على العمل في أي مجال»، معتبرة أن المرأة في المجال السياحي واجهة مشرفة لبنات الوطن.


وتشجع هدى الحوسني جميع الإماراتيات على خوض مجال السياحة؛ لأنه ممتع وذو أثر كبير في تغيير نظرة العالم إلى المرأة الإماراتية، وتنصح كل من يرغب في دخوله بأن يكون متأقلماً اجتماعياً، منفتحاً وقادراً على تقبل آراء الآخرين، فهذه صفات أساسية لنجاح المرشد السياحي.

موقف مؤثر


تستذكر هدى الحوسني موقفاً مؤثراً من مسيرتها عندما قال لها سائح مسن في السبعينيات من عمره بعد جولة ثقافية:«هدى، أنت فتحت عيني على عالم جديد»، وهو ما جعلها تدرك أن تأثير عملها يتجاوز حدود المعلومة إلى بناء تجربة إنسانية عميقة.

الدعم من الأهل


تعبر هدى الحوسني عائلتها أكبر داعم لها، وتحديداً والدها الذي يفاخر بها دائماً ويطلق عليها لقب «دكتورة في السياحة»، والذي تعتبره وساماً من الفخر والاعتزاز.

أخبار متعلقة :