اكتشفت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي خلال أولى حملات التنقيب الكبرى في جزيرة صير بني ياس منذ أكثر من 30 عاماً، صليباً جصيَّاً كاملاً في فناء منزل تابع لكنيسة جزيرة صير بني ياس، مما يمثل دليلاً جديداً على أنّ قيم التسامح والتعايش مُتجذرة في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة.
حملة تنقيب
وفي مطلع يناير 2025، أطلقت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي حملة تنقيب ميدانية في جزيرة صير بني ياس، عثرت خلالها على الصليب المصنوع من الجص الذي كان يستخدمه الرهبان في صلواتهم. ويشبه تصميم الصليب أنماط الصلبان الموجودة في العراق والكويت، ويرتبط بالكنيسة الشرقية التي تعود أصولها إلى العراق القديم.
ترسيخ قيم التعايش
ويؤكّد هذا الاكتشاف التزام دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي ببذل الجهود المتواصلة للكشف عن التراث الثقافي الغني للإمارة، والحفاظ عليه لضمان استدامة إرث دولة الإمارات للأجيال المقبلة، ترسيخاً لقيم التعايش والتسامح.
وقال محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي: «يُجسد اكتشاف الصليب الجصي القديم في جزيرة صير بني ياس دليلاً جديداً قوياً على تجذّر قِيم التعايش السلمي والانفتاح الثقافي في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة منذ قرون. ما يعزز شعورنا بالفخر للانتماء لدولتنا، ويذكّرنا بأنّ التسامح ليس مفهوماً حديثاً، بل مبدأً متأصّلاً في تاريخ منطقتنا. وتؤكد الاكتشافات المستمرة في جزيرة صير بني ياس، حتى بعد 30 عاماً من عمليات البحث والتنقيب، على غنى تراثنا الثقافي ما يدفعنا إلى بذل المزيد من الجهود للحفاظ عليه لضمان استمراريته وتوعية الأجيال الحالية والمُستقبلية به. وبينما تواصل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي الكشف عن هذه القصص القيمة، فإننا نؤكّد التزامنا بالحفاظ على تراث أبوظبي المتنوّع وتعزيزه وحمايته وإبرازه للعالم لتعريفهم بإرث دولتنا. وتُعزز هذه الاكتشافات ارتباطنا بالماضي العريق وتُلهم الأجيال المقبلة بالتمسك بروح الوحدة والاحترام المتبادل، التي لطالما ميّزت مجتمعنا منذ القدم».
منازل لتأمل الرهبان
وفي عام 1992، وبتوجيهات القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة، أدّت الدراسة الأثرية ضمن برنامج المسح الأثري لجزيرة أبوظبي إلى اكتشافات وأبحاث في تاريخ الإمارة القديم، واكتشفت خلالها كنيسة ودير صير بني ياس اللذين يعود تاريخهما إلى القرنين السابع والثامن الميلاديين. وكشفت أعمال التنقيب حينها عن سلسلة من المنازل الصغيرة لها فناء قرب الدير، وفُسرت بأنها كانت منازل مُخصصة لتأمل الرهبان والعزلة. وتتواصل حالياً جهود خبراء الآثار للبحث والتنقيب في هذه المنازل.
وتعد جزيرة صير بني ياس إحدى المناطق التي بنيت عليها الكنائس والأديرة في تلك الفترة، حيث وجدت اكتشافات مماثلة في أم القيوين والكويت وإيران والمملكة العربية السعودية. وشهدت منطقة الخليج العربي انتشاراً للمسيحية بين القرنين الرابع والسادس الميلاديين، قبل انتشار الإسلام في شبه الجزيرة العربية، وعاش المسيحيون والمسلمون معاً في الجزيرة حتى القرن الثامن الميلادي، إلى أن تم التخلي عن دير صير بني ياس سلمياً. وتقع الكنيسة والدير حالياً بين محميات الجزيرة الطبيعية حيث تجوب الغزلان والوبر البري، ما يقدّم لمحة عن تاريخ حياة الإمارة قديماً.
وفي إطار جهود الترميم التي بذلتها دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي عام 2019، أعيد افتتاح موقع كنيسة ودير صير بني ياس أمام الجمهور بعد تطوير المرافق والخدمات ووضع لوحات إرشادية وتعريفية بالموقع لإرشاد الزوار، إضافة إلى وجود مركزٍ للزوار في الموقع يستضيف معرضاً صغيراً للقطع الأثرية من الحفريات السابقة. وتشمل هذه القطع كؤوساً زجاجية وقطعاً من الجص على شكل صليب وختماً مطبوعاً بزخرفة عقرب. وبجوار مركز الزوار، بنيت كنيسة متعددة الأديان مستوحاة من الموقع القديم.
وتواصل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي أعمال التنقيب في المنازل ذات الفناء، وتخطط لإنشاء مسارٍ أوسع يربط بين المواقع الثقافية في الجزيرة.
أخبار متعلقة :