* العمل يتناغم مع طبيعة المنطقة ويدعو إلى تأملها
* هالة بدري: يظهر التنوع الطبيعي والثقافي والتاريخي
دبي: مها عادل
أعلنت هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، بالتعاون مع اللجنة العُليا للإشراف على تطوير منطقة حتّا وبتكليف من مؤسسة السركال للفنون إطلاق العمل الفني «وقفات مُتروية» للفنانة الإماراتية شيخة المزروع.
ويُعد هذا العمل أكبر تركيب فني مخصص لموقع معين في دبي، ويشكل جزءاً من استراتيجية «الفن في الأماكن العامة» التي تتولى الهيئة عملية تفعيلها بهدف تحويل الإمارة إلى معرض فني عالمي مفتوح ومتاح للجميع، بما تقدمه من تجارب فنية فريدة تعزز مكانة الإمارة وريادتها العالمية وتثري هويتها البصرية.
ويسلط العمل الفني الذي أنجزته شيخة المزروع، تحت إشراف القيّم الفني فيصل طبارة، العميد المشارك وأستاذ العمارة في الجامعة الأمريكية بالشارقة، الضوء على أهمية منطقة حتّا، وما تمتاز به من تضاريس طبيعية وإمكانيات ثقافية وتاريخية وبيئية. وسعت الفنانة من خلال العمل إلى تجسيد التناغم بين الإبداع والبيئة، وإبراز تفاعل الفن المعاصر مع طبيعة منطقة حتّا، عبر دعوة الزوار إلى تأمل المشهد الطبيعي واستكشاف تراث المنطقة.
ويتألف «وقفات مُتروية» من خمس حلقات معدنية حمراء أفقية وعمودية لامعة، وُضعت بشكل استراتيجي على طول مسارات التنزه الخلابة ببحيرة «ليم» في حتّا، لتنسجم بانسيابية مع الجبال. وتبدو الحلقات أشبه بمنارات تُشجع الزوار على التوقف، والتأمل، والتواصل مع الجمال الطبيعي المحيط بهم.
ويمزج العمل الفني بين تأثير الجمال واحترام البيئة، كما يشجع على خلق حوار بين الماضي والحاضر، عبر دعوة أفراد المجتمع إلى التفاعل مع قصص حتا الملهمة التي تتجلى في تضاريسها الطبيعية ومواقعها الأثرية وتاريخها الشفهي.
وأكدت هالة بدري، مدير عام «دبي للثقافة»، أهمية الفن ودوره في تأسيس بيئة إبداعية وفنية مستدامة. وقالت: «يمثل «وقفات مُتروية» إضافة لاستراتيجية «الفن في الأماكن العامة» في دبي، وتكمن أهميته في قدرته على إظهار ما تتمتع به منطقة حتّا من تنوع طبيعي وثقافي وتاريخي وتجارب سياحية فريدة، وهو ما يتناغم مع أهداف الخطة الشاملة لتطويرها».
ولفتت إلى أن العمل الفني يعكس حرص الهيئة على تمكين المبدعين وأصحاب المواهب المحلية في منطقة حتّا، وتعزيز روح الابتكار لديهم وتحفيزهم على المساهمة في إبراز جوهر دبي وثقافتها عبر أعمالهم ورؤاهم المتفردة.
هدوء
من جهتها، أشارت الفنانة شيخة المزروع إلى دور العمل الفني في تعزيز التأمل. وقالت: «في جبال حتّا، أتوقف بتأنٍ، ليس للبحث عن إجابات، وإنما للتساؤل عن مدى الحاجة إليها، فالأمر لا يتعلق بالتقدم أو الرجوع، وإنما بتقدير لحظات الهدوء التي تسود بين الجبال، حيث يمكن التأمل في تفرد المشهد الطبيعي الذي تتميز به المنطقة». وأشار فيصل طبارة إلى أهمية الفن العام ودوره في ربط أفراد المجتمع بمحيطهم. وقال: «يعزز الفن العام الإحساس بالمكان، ويسهم في تمكين أفراد المجتمع على فهم بيئتهم بدقة، ومساعدهم على التأمل»، لافتاً إلى مساهمة العمل الفني «وقفات مُتروية» في سرد قصص حتّا وبحيرة ليم، وتحفيز الجمهور على التأمل في تفاصيل المكان والتواصل معه.
فهم عميق
الفنانة شيخة المزروع حاصلة على درجة الماجستير في الفنون الجميلة من كلية تشيلسي للفنون التابعة لجامعة الفنون في لندن عام 2014، ونالت جائزة طلاب الماجستير المرموقة، وعُرضت أعمالها في العديد من المعارض البارزة، ومن بينها مركز جميل للفنون في دبي ومهرجان «فريز للنحت» في لندن.
وتُعرف شيخة المزروع بأعمالها النحتية المبتكرة التي تسعى من خلالها إلى استكشاف مجموعة متنوعة من الأفكار والمفاهيم، وتعكس ممارساتها الفنية فهماً عميقاً للمواد وخصائصها الفيزيائية، ما أسهم في تعزيز مكانتها واحدةً من أبرز الشخصيات الفاعلة في المشهد الفني المحلي المعاصر.
وعقب الجولة التي قادتها الفنانة شيخة المزروع لاستكشاف عملها، تحدثت لـ«الخليج»عن فكرتها وبداية مشروعها قائلة: بدأت الفكرة عندما تلقيت دعوة من «دبي للثفافة» و«السركال أفنيو» والقيّم الفني فيصل طيارة، لتقديم مشروع فني في منطقة جبال حتا. وكفنانة أهوى المشي بين الطبيعة وجدتني منجذبة للمكان وأسرتني الطبيعة الخلابة وحفزتني لتنفيذ المشروع. كما أن الرحلات غير المخططة التي أقوم بها في الجبال هي بالفعل جزء أساسي من مساري الفني، ولا تُرسم مسبقاً بنية محددة أو بتحكم، بل هي استجابة للمنظر الطبيعي نفسه، ووسيلة للإصغاء، إذ أسمح للتضاريس أن ترشدني وتحدثني بلغتها الهادئة الخاصة.
وتضيف: رغم أن الطبيعة البكر ترتبط عادة بالعلامات، فإنني حرصت في «وقفات متروية» على تجسيد حوار فني مع المكان وليس فقط ترك علامات دائمة، ونفذت مشروعي بنظرة فنية وبأدوات مستخلصة من الطبيعة الجبلية بالمكان لتحفز الجمهور على التفكير وتقدير عناصرها، كما استخدمت معدن الـ «استانلس ستيل» واخترت اللون الأحمر للقطع جميعها لكونه اللون المفضل بأعمالي ويوجد في المنطقة بدرجاته المختلفة.
وتشير إلى أن من أهم التحديات بالمشروع احترام المكان وخصوصيته وعدم التعدي على الطبيعة وكيفية اختيار الأسلوب الأمثل لدمج العمل الفني بالطبيعة دون المساس بها.
وتؤكد أن من أهداف المشروع تشجيع السياحة الداخلية وجذب الزوار لاستكشاف المنطقة التي تجمع بين التاريخ والحداثة والجمال الاستثنائي.
أخبار متعلقة :