بعد الانقطاع الطويل عن الدراسة خلال فترة العطلة الصيفية، يعود الطلاب للعام الدراسي الجديد، وعلى الرغم من أن التفكير في كيفية تجهيز الأدوات والمستلزمات المدرسية يستحوذ على تفكير أفراد الأسرة، إلا أن الجوانب الطبية والتغذوية والنفسية أيضاً هي ركيزة البداية الناجحة اجتماعياً وبدنياً ومعنوياً، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على هذا الموضوع تفصيلاً. د.أيمن فكري: اللقاحات حماية وقائية من العدوى يقول د.أيمن فكري، أخصائي طب الأطفال، إن الأطفال والمراهقون يواجهون عدداً من التحديات الصحية التي يحتاج الآباء والمعلمون إلى توخي الانتباه لها، وتتضمن أكثر المشكلات شيوعاً العدوى التنفسية، مثل: نزلات البرد، الإنفلونزا، التهاب الحلق، والتهاب الجيوب الأنفية، وأيضاً أمراض الجهاز الهضمي أو النزلات المعوية.ويتابع: ترتبط بداية الدراسة بالضغط النفسي والقلق بسبب بداية الدراسة، ما يؤثر سلباً على المناعة وجودة النوم وشهية الطعام، وعدم الاهتمام بالتغذية السليمة وخاصة وجبة الإفطار، وإهمال شرب كميات كافية من المياه، وتزيد فرص سوء التغذية والأنيميا ونقص فيتامين «د» واليود والكالسيوم، ويتعرض البعض لمشكلات السمنة في حالات الإفراط بتناول الطعام غير الصحي.يوضح د.فكري أن هناك العديد من الممارسات غير الصحية التي يمكن أن ترفع فرص العدوى في طلبة المدارس، ومن بينها عدم غسل اليدين بانتظام، مشاركة الأدوات والأغراض الشخصية، وعدم ارتداء الكمامة عند وجود أعراض تنفسية، وسوء التهوية في الفصول، ولذلك يجب الالتزام باتّباع بعض التوصيات البسيطة والفعالة للحفاظ على صحة الأطفال، والتي تتمثل في الحصول على ساعات النوم الكافية والتغذية المتوازنة، والحرص على غسل اليدين بالماء والصابون قبل الأكل وبعد الذهاب إلى المرحاض، والبقاء في المنزل عند وجود علامات مرضية، لتفادي نقل العدوى إلى الآخرين.ويضيف: يجب مراجعة طبيب الأطفال بشكل دوري لمتابعة وزن الطفل وحالته الصحية والتدخل المبكر في حالة ظهور أعراض مرضية، وتلعب اللقاحات (التطعيمات) دوراً هاماً في حماية الصغار من الإصابة بالعدوى من الأمراض، مثل: الحصبة، النكاف، السعال الديكي، والإنفلونزا الموسمية، وخاصة المصابين بحالات صحية مزمنة. د.سامح أبو الفتوح: آثار مخاطر الحقيبة تمتد طويلاً يلفت د.سامح أبو الفتوح، استشاري جراحة العظام، أن الكثير من الأطفال والمراهقين يعانون آلام الظهر، وتعتبر الحقيبة المدرسية أحد الأسباب الشائعة لهذه المشكلة، ولذلك تجدر الإشارة إلى أن اتباع نهج «مقاس واحد يناسب الجميع» ربما يكون ضاراً، فالحقيبة يجب أن تتناسب مع حجم جسم الطفل ومرحلته العمرية، وهي كالآتي:--يجب أن تكون حقيبة رياض الأطفال (3–5 سنوات) صغيرة جداً وخفيفة الوزن، إذ يقتصر استخدامها على حمل صندوق الطعام وبعض الأغراض البسيطة، وألا يتجاوز وزنها 10% من وزن الطفل، وبمتوسط إجمالي يتراوح بين 1–1.5 كجم.- يمكن زيادة حجم الحقيبة وسعتها تدريجياً، وفي المرحلة الابتدائية (6–11 سنة)، تبقى القاعدة العامة هي ألا يتجاوز وزنها 10–15% من وزن الطفل، ويكون عرضها أقل من عرض الجذع، وتستقر بشكل مريح على الظهر دون أن تتدلى أسفل مستوى الورك، أما بالنسبة للصفوف العليا من الابتدائي، فيكفي سعة تتراوح بين 15–20 لتراً.- في المرحلة الإعدادية والثانوية (12–18 سنة)، تزداد كمية الكتب والمواد بشكل ملحوظ، وغالباً يشمل ذلك أجهزة الحاسوب المحمولة، ولذلك يجب أن تكون الحقيبة كافية لاستيعاب هذه الأغراض، مع الحفاظ على الحد الأقصى للوزن بحيث لا يتجاوز 15% من وزن الطالب، وضبطها بحيث يكون أسفلها أعلى قليلاً من مستوى الخصر.ويشير د. أبو الفتوح، إلى أن حمل الحقيبة المدرسية بطريقة غير صحيحة أو بوزن زائد، يسبب مشكلات صحية خطيرة تمتد آثارها على المدى البعيد، ويكون العمود الفقري في مرحلة الطفولة والمراهقة أكثر عرضة للتأثر، نظراً لأن العظام والعضلات لا تزال في طور النمو والتطور، ولذلك يجب أن يكون اختيارها بحسب المقاييس الصحية والأولوية لعوامل السلامة والراحة، مع مراعاة التصميم الذي يخفف الضغط على الجسم ويحافظ على صحة العمود الفقري، وتتمثل أبرز المواصفات في:-- حمّالتا كتف عريضتان ومبطنتان من أهم الشروط الأساسية للحقيبة، وقابلتان للتعديل، لضمان توزيع الوزن بالتساوي على الكتفين وتجنب الإجهاد أو الإصابة.- أحزمة صدر وخصر قابلة للتعديل لتساعد في نقل جزء من وزن الحقيبة من الكتفين إلى منطقة الحوض الأكثر ثباتاً، كما تمنع التأرجح جانبياً، ما يحسن التوازن ويعزز الوضعية الصحيحة للجسم.- لوح خلفي مبطن ومدعم لتوفير راحة إضافية، وحماية الظهر من الضغط أو وخز الأدوات الحادة (مثل الكتب أو المساطر)، ويفضل أن يكون مزوداً ببطانة شبكية تسمح بتهوية جيدة، خاصة في الأجواء الحارة.- يتيح تقسيم المحتويات وتنظيمها بشكل أفضل، توزيع الوزن بالتساوي، ويجب وضع الأغراض الثقيلة بالقرب من ظهر الطفل لتقليل الضغط على العمود الفقري.- ينبغي أن تكون الحقيبة مصنوعة من مادة خفيفة حتى لا تضيف وزناً إضافياً غير ضروري.ويؤكد د.أبو الفتوح أن الحقائب المزودة بعجلات، لها مخاطر خاصة، مثل التواء العمود الفقري عند سحب الحقيبة أو خطر التعثر، لذلك، تبقى الحقيبة الظهرية المصممة وفق المعايير المريحة، والمستخدمة بالشكل الصحيح، الخيار الأفضل لصحة ظهر الطفل في معظم الحالات. رهف الطويرقي: الإفطار مفتاح النشاط والتحصيل تبين أخصائية التغذية السريرية، رهف الطويرقي، أن وجبة الإفطار تسهم في تنشيط عملية الأيض لدى الطفل، وتزويده بالعناصر الغذائية الأساسية، ودعم وظائفه الإدراكية، وتحسّن القدرة على التركيز، وترفع مستوى الأداء الأكاديمي، وزيادة الطاقة طوال اليوم الدراسي.وتتابع: يجب أن تتكون وجبة الإفطار من الحبوب الكاملة كالشوفان، أو خبز القمح الكامل، كونها مصدراً مهماً للألياف والطاقة، وكذلك البروتينات مثل: البيض، والزبادي، أو زبدة المكسرات، للمساعدة في الشعور بالشبع ودعم نمو العضلات، والفواكه والخضراوات الطازجة لإمداد الجسم بالفيتامينات والمعادن الضرورية للصحة العامة. عادات غذائية غير صحية لدى الأطفال في سن المدرسة توضح رهف الطويرقي أن هناك بعض العادات الغذائية غير الصحية التي يجب الانتباه لها وتصحيحها، والتي تتمثل في تجاوز وجبة الإفطار الذي يؤدي إلى انخفاض الطاقة وضعف القدرة على التركيز أثناء الدراسة، ويسبب الاعتماد على الوجبات الخفيفة الجاهزة مثل رقائق البطاطس أو البسكويت الغني بالسكر اضطراباً في مستويات الطاقة وتعزز أنماطاً غذائية غير صحية، وينجم عن الإفراط في المشروبات المحلاة عالية المحتوى السكري زيادة الوزن ومشكلات في الأسنان.وتتابع: ننصح بتشجيع الأطفال العناصر الغذائية الأساسية للنمو والتطور الصحي، مثل: الكالسيوم لعظام قوية، من خلال منتجات الألبان والخضراوات الورقية، والحديد المهم لوظائف الدماغ والقدرات الإدراكية، وتتضمن مصادره اللحوم قليلة الدهن، والبقوليات، وحبوب الإفطار، والفيتامينان (A،C) الفواكه والخضراوات مثل الجزر والبرتقال، لدعم الجهاز المناعي، والبروتينات الأساسية للنمو وبناء العضلات، وتوجد في اللحوم، والبقوليات، والبيض، وشرب الماء أو العصائر الطبيعية كبديل صحي.تؤكد رهف الطويرقي أن الوجبات الخفيفة تلعب دوراً هاماً في الحفاظ على مستوى الطاقة طوال اليوم الدراسي، ومن أبرز المكونات المفيدة التي يُنصح بتضمينها، الكربوهيدرات المعقدة مثل البسكويت المصنوع من الحبوب الكاملة أو الفواكه، والدهون الصحية مثل: المكسرات أو البذور، كونها تمنح إحساساً بالشبع لفترة أطول وتدعم صحة الدماغ، والبروتينات قليلة الدهن، مثل: الزبادي أو الجبن، للمحافظة على مستوى الطاقة دون حدوث هبوط مفاجئ بسبب السكر. نقص النوم يخل بالتوازن الهرموني يبين د.وحيد فياض طبيب الصحة العامة، أن نقص النوم يؤثر بشكل كبير في الأداء الأكاديمي للأطفال والمراهقين، إذ يضعف القدرة على التركيز، ويقلل من مدى الانتباه، ويؤثر في الاحتفاظ بالمعلومات، ما يصعب التفاعل واستيعاب الدروس سواء في الصف أو أثناء المذاكرة في المنزل، كما يسبب تقلبات المزاج والمشكلات السلوكية، إذ ينجم عنه مزيد من التوتر والانفعال أو الحساسية العاطفية.ويتابع: يؤدي عدم النوم الجيد على المدى الطويل إلى إضعاف الجهاز المناعي، ما يزيد من احتمالية الإصابة بالأمراض المتكررة، ويخلّ بالتوازن الهرموني، وخاصة الهرمونات المسؤولة عن تنظيم الشهية والتمثيل الغذائي، وبالتالي يرفع خطورة اتباع عادات غذائية غير صحية والسمنة.يشير د.فياض إلى ضرورة ضبط جدول نوم الأطفال والمراهقين، من خلال تقديم وقت النوم والاستيقاظ تدريجياً بمعدل 15 إلى 30 دقيقة يومياً، حتى الوصول إلى المواعيد المناسبة للمدرسة، والحفاظ على وقت استيقاظ ثابت يومياً، حتى في عطلة نهاية الأسبوع، لتعزيز روتين نوم صحي ومستقر، كما يساعد وضع روتين مهدئ قبل النوم، مثل: أخذ حمام دافئ أو قراءة قصة، على تهيئة الجسم والعقل للنوم بشكل أفضل، ويُفضل تقليل فترات القيلولة خلال النهار، حتى لا تؤثر سلباً في جودة النوم في الليل.ويضيف: يُنصح بالحد من استخدام الشاشات مثل التلفاز والهواتف والأجهزة اللوحية قبل ساعة واحدة على الأقل من وقت النوم، إذ إن الضوء الأزرق المنبعث منها يمكن أن يعوق إنتاج هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم دورة النوم والاستيقاظ، مع ضرورة تهيئة بيئة صحية وغرفة مظلمة وباردة ومريحة، وتشجيع الأطفال على ممارسة النشاط البدني المنتظم خلال اليوم، وتجنب التمارين المجهدة قبل النعاس مباشرة. مع إمكانية تقديم وجبة خفيفة وصحية عند الحاجة قبل النوم. الدعم النفسي يكافح القلق والتوتر يذكر د.ياسر شافي أخصائي الطب الشمولي، أن موسم العودة إلى المدرسة يمكن أن يُثير القلق والتوتر لدى العديد من الأطفال، وعادة ما يكون اليوم الأول مُرهقاً للصغار، وربما يشكو بعضهم من آلام في البطن لأن الابتعاد عن المنزل يُشعرهم بالخوف، أما الأكبر سناً فيواجهون تحدياً في تكوين صداقات جديدة والتأقلم مع المُعلمين الجُدد، بينما يُعاني المراهقون من ضغط الأقران، والهوية، والرغبة الشديدة في التأقلم، كما تُثقل التوقعات الأكاديمية كاهل الأطفال من جميع الأعمار، ما يُؤدي أحياناً إلى القلق أو تدني الثقة بالنفس.يؤكد د.شافي دور الوالدين في إعداد أطفالهم للدخول أو العودة إلى المدرسة بشكل آمن، ويمكن التغلب على مشاعر الخوف التي يواجها الصغار بوجود أشياء مألوفة، كلعبة أو صورة، في حقيبتهم، كما يستفيد الأطفال في المرحلة الابتدائية من الحوارات المفتوحة حول آمالهم ومخاوفهم، وصقل مهاراتهم الأساسية ليشعروا بالاستعداد، والتواصل مجددًا مع أصدقائهم قبل بدء الفصل الدراسي، ويحتاج المراهقون إلى تواصل صادق ودون أحكام، إلى جانب التشجيع على الحفاظ على عادات صحية للنوم والتغذية وممارسة الرياضة، والحرص على الدعم النفسي وتوجيههم إلى وضع أهداف صغيرة وواقعية تبني ثقتهم بأنفسهم.ويتابع: يجب على الوالدين الحفاظ على التواصل الإيجابي مع الأبناء، لتشجيعه على الانفتاح، ومواجهة التحديات، وضرورة مراقبة أي تغيرات في المزاج أو النوم أو الشهية، كونها تكون دلالات على وجود توتر داخلي، كما تساعد المتابعة مع المعلمين على فهم كيفية تعامل الطفل مع الفصل الدراسي، والمرونة في مواجهة التحديات، وتدريبهم على طلب المساعدة عند الحاجة.