بدور القاسمي تقود مسيرة الإماراتية إلى العالمية بثقافة وإرادة تنموية

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

في يوم تحتفي فيه الإمارات بعطاء المرأة ودورها، تتجلى سيرة الشيخة بدور القاسمي، بوصفها واحدةً من أبرز القيادات النسائية التي صنعت أثراً عابراً للحدود، ومثّلت وطنها في أعلى المحافل، ورسّخت مكانة الثقافة والمعرفة قوةً ناعمةً للدولة.
تمكنت الشيخة بدور، من نقل رؤية الإمارات إلى المحافل الدولية، وأعادت صياغة مكانة المرأة العربية في ميادين الثقافة والتعليم وريادة الأعمال، فمنذ تأسيسها مجموعة «كلمات» الرائدة في نشر كتب الأطفال، رسّخت حضوراً ثقافياً عربياً لافتاً، قبل أن تصبح أول عربية وثاني امرأة في تاريخ الاتحاد الدولي للناشرين تتولى رئاسته.

مشاريع تنموية


اتّسع أثر الشيخة بدور القاسمي، الريادي بقيادتها لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق»، حيث أشرفت على مشاريع تنموية كبرى، إلى جانب رئاستها لمركز الشارقة لريادة الأعمال «شراع» الذي حوّل الإمارة إلى بيئة حاضنة للمواهب المبتكرة، كما تقود مسار التطوير الأكاديمي في الجامعة الأمريكية في الشارقة بصفتها رئيستها، عبر تحويلها إلى مركز بحثي وابتكاري يواكب تطلعات المستقبل.

طموح الإماراتية


وحملت الشيخة بدور الملف الثقافي والتاريخي للإمارات، حين مثّلت الدولة في جهود إدراج موقع الفاية الأثري على قائمة التراث العالمي لـ«يونيسكو». بهذه المسيرة الملهمة، تجسد بدور القاسمي، طموح الإماراتية في صناعة التحوّلات الكبرى محلياً وعالمياً، وتقدم نموذجاً رائداً للقيادة التي تمزج بين قوة المعرفة والثقافة والرؤية التنموية المستقبلية.
شكّل قطاع النشر المحطة الأولى التي انطلقت منها مسيرة الشيخة بدور، نحو الريادة الثقافية، فبتأسيسها دار «كلمات» عام 2007، وضعت حجر الأساس لأول دار إماراتية متخصصة في كتب الأطفال واليافعين، ساعية إلى تعزيز القراءة بالعربية وتقديم محتوى عالي الجودة يعكس الثقافة المحلية بمعايير عالمية، وحصدت «كلمات» جوائز دولية وأسهمت في ترسيخ مكانة الشارقة مركزاً حيوياً لصناعة الكتاب.

تمكين الأقل حظاً


ولم يتوقف تأثير الشيخة بدور عند حدود الإمارات، إذ قادت تأسيس «جمعية الناشرين الإماراتيين» عام 2009، وأسست مبادرات لتمكين الفئات الأقل حظاً، مثل مؤسسة «كلمات» التي عملت على إيصال الكتب إلى مخيّمات اللاجئين والأطفال من ذوي الإعاقة البصرية.
مهّد هذا الحضور لخطوتها الأبرز عالمياً، حين انتُخبت رئيسة للاتحاد الدولي للناشرين (IPA) عام 2021، لتصبح أول عربية تتولى هذا المنصب. وخلال رئاستها، أطلقت مبادرات نوعية، مثل «PublisHer» التي تهدف إلى تمكين المرأة في صناعة النشر، وعملت على إعداد الميثاق الدولي لاستدامة النشر، وهي وثيقة تدعو إلى تبني ممارسات مستدامة بعد تحديات جائحة «كورونا» وفي الأسواق الناشئة، قادت جهوداً لتعزيز حضور الناشرين في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
وشكّل اختيار «يونسكو» للشارقة عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019 تتويجاً لمسار العمل الثقافي والإنساني الذي قادته الشيخة بدور؛ فقد كانت من أبرز الشخصيات التي صاغت ملف الترشيح، وأطلقت مشاريع نوعية مثل «بيت الحكمة»، الذي تحول إلى أيقونة معمارية وثقافية، ولم يقتصر الأثر على عام الاحتفاء، بل أسس لمرحلة جديدة عززت مكانة الشارقة على الخريطة الثقافية العالمية.
و جسّدت الشيخة بدور، نموذج القيادة الثقافية التي نجحت في ترسيخ مكانة الشارقة مركزاً عالمياً لصناعة الكتاب؛ فمن موقعها رئيسةً لمجلس إدارة «هيئة الشارقة للكتاب»، وضعت سياسات رائدة عززت مكانة «معرض الشارقة الدولي للكتاب»، بوصفه أحد أكبر ثلاثة معارض كتب في العالم. وطورت استراتيجية لنهوض الهيئة عبر مدينة الشارقة للنشر، أول منطقة حرة للنشر في العالم، و«مهرجان الشارقة القرائي للطفل»، إلى جانب مبادرات لدعم الناشرين العرب، للوصول إلى الأسواق العالمية.
وامتد تأثير الشيخة بدور، إلى مجالات الاقتصاد والاستثمار، حيث أشرفت عبر «شروق» على مشاريع استراتيجية، مثل تطوير واجهة خورفكان السياحية. كما قادت مركز «شراع» منذ تأسيسه عام 2016، حيث دعم مئات الشركات الناشئة، مع تركيز خاص على تمكين القيادات النسائية الشابة. وتترأس كذبك مجلس إدارة مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار (SRTIP)، الذي أصبح مركزاً متقدماً لتطوير التكنولوجيا الحديثة.
ويمثل التعليم محوراً رئيساً في مسيرة الشيخة بدور، إذ تتولى رئاسة «الجامعة الأمريكية» في الشارقة ومجلس أمنائها منذ 2023، وقد أعادت عبر هذا الدور صياغة توجّهات الجامعة لتكون منصة للبحث والابتكار.
وفي إنجاز أكاديمي بارز، منحت «جامعة ليستر» البريطانية الشيخة بدور القاسمي، لقب «أستاذ فخري»، تثميناً لإسهاماتها المؤثرة في تمكين المرأة ونشر القراءة. وقد أطلقت تحت قيادتها مراكز بحثية في الذكاء الاصطناعي والاستدامة. وعززت الشراكات مع القطاعين الصناعي والحكومي، وتوفير بيئة تعليمية شاملة لنحو 90 جنسية.
وجاء إدراج موقع «الفاية» الأثري على قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2025 تتويجاً لجهود الشيخة بدور القاسمي، فقد حملت هذا الملف إلى المحافل الدولية، مؤكدة أن «الفاية» ليست مجرد موقع أثري، بل شاهد حيّ على بدايات الهجرة البشرية، وهذا الإنجاز مثّل اعترافاً عالمياً بقيمة الفاية. كما شكّل نجاحاً دبلوماسياً يعكس قدرة الإمارات على تقديم تراثها بلغة علمية معاصرة.
الشيخة بدور القاسمي، بما تحمله من رؤية عالمية وجذور إماراتية راسخة، تبرهن أن الإماراتية اليوم قادرة على أن تكون صوتاً للعالم، وصانعة لأثر يمتد إلى أبعد من حدود الوطن. (وام)

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق