تحقيق: ميرة الراشديفي ظل ازدياد الكثافة السكانية في كثير من المناطق، باتت أزمة مواقف السيارات تؤرق السكان، الذين يجدون أنفسهم عالقين في دوامة وقد يضطر بعضهم للتجول لأكثر من ساعة بحثاً عن أماكن لصف مركباتهم، ورغم وجود لوائح تنظيمية ومواقف مخصصة، فإن الواقع يكشف عن مشكلات متراكمة تتمثل في قلة المواقف مقارنة بأعداد السيارات، وإغلاق كثير منها في مناطق سكنية، وهو ما دفع الكثير من الأهالي إلى الاعتماد على سيارات الأجرة في تنقلاتهم، وترك سياراتهم في المواقف لتفادي هذه المعاناة اليومية.«الخليج» التقت عدداً من السكان في مناطق مختلفة، حيث تحدثوا عن معاناتهم مع نقص المواقف، واضطرارهم للبحث الطويل عن أماكن لركن مركباتهم، أو دفع مبالغ شهرية لتأمين موقف قريب من منازلهم.يحرص مركز النقل المتكامل «أبوظبي للتنقل» على تبنّي إيجاد الحلول وفق الإمكانيات المتاحة، وأشار على موقعه الإلكتروني إلى أن أبوظبي تتبنّى حلول النقل الذاتي القيادة ضمن إطار التزامها بالاستدامة، حيث تضع خططاً استراتيجية لتقليل الانبعاثات بنسبة 15%، وإعادة تخصيص 14% من مساحات مواقف المركبات لاستخدامات مجتمعية أكثر فاعلية مثل الحدائق العامة وممرات المشاة، ويتطلب ذلك إيجاد حلول ناجعة لأزمة مواقف المركبات في بعض المناطق السكنية. معاناة في منطقة قريبة من دائرة التنمية الاقتصادية، لمست «الخليج» خلال جولتها حجم المعاناة في الحصول على موقف، حيث كانت هناك مساحة واسعة مخصصة للمواقف، تم إغلاقها لإعادة تخطيط المنطقة، كذلك في المنطقة المقابل لقصر الحصن التي يجري إعادة تخطيطها حيث رافق ذلك إلغاء مساحات واسعة كانت مخصصة للمواقف ما يضطر السكان إلى الوقوف في الأماكن غير المسموح فيها لوقوف المركبات لعدم توافر المواقف.ويقول جهاد صقر، أحد السكان المتضررين، إنه بدأ يعاني صعوبة في العثور على موقف لمركبته منذ إلغاء المساحة المخصصة للمواقف بجانب منزله، وتحديداً بعد تزايد الازدحام في منطقته السكنية.وأضاف «أقضي أكثر من ساعة يومياً في البحث عن موقف، خصوصاً خلال الظهيرة عند عودة الأطفال من المدارس، حيث تكون المنطقة في ذروة الازدحام. وأضطر في أكثر من حالة إلى إيقاف مركبتي في أماكن غير مخصصة للوقوف، نتيجة غياب البدائل المناسبة، وعادةً أذهب إلى مربعات أبعد من منزلي، وأدفع رسوم المواقف العامة، رغم أنني خارج نطاق سكني لتفادي المخالفات». تعدٍّ متكرّر أعرب صالح محمد العريمي، عن استيائه من تكرار التعدّي على المواقف الخاصة بالسكان في منطقته السكنية. وقال: «أسبوعياً، أعود إلى المنزل وأفاجأ بأن أحد الزوار قد أوقف مركبته في موقفي الخاص، ما يضطرني للبحث عن موقف بعيد من البناية، وأمشي لمسافة قد تصل إلى 10 دقائق حتى أصل إلى شقتي، وهذه المشكلة تتكرر رغم وجود لوحات تشير إلى أن المواقف مخصصة للسكان فقط، والسكان أَوْلى بالاستفادة منها، ويجب تخصيص مواقف محددة للزوار بعيداً من المواقف السكنية، وتطبيق نظام رقابي صارم يضمن احترام خصوصية السكان وحقوقهم».فيما قالت عبلة عوض الباري، وهي أم لثلاثة أطفال «أواجه صعوبة يومية في العثور على موقف، وفي كثير من الأحيان أضطر لإيقاف السيارة في مكان بعيد عن مدخل البناية، ما يضطرني لحمل أطفالي والسير لمسافات طويلة حتى أصل إلى الشقة. وهذه المعاناة تتكرر يومياً، خصوصاً في أوقات الذروة، وأعود إلى البيت منهكة تماماً، بعد رحلة بحث شاقة عن موقف، يليها عناء حمل الأطفال وأغراضهم في الحر. والأمهات يواجهن عبئاً مضاعفاً في ظل غياب المواقف القريبة من السكن، وهو ما يزيد من مشقة الحياة اليومية، خاصة في أوقات الذروة وارتفاع درجات الحرارة».قالت زينب عادل عبدالله «المواقف دائماً مزدحمة، وأحياناً أضطر للانتظار وقتاً طويلاً من دون جدوى، أما المواقف المتاحة فهي كلها مدفوعة، ما يضطرني لدفع مبلغ كبير شهرياً فقط من أجل إيقاف سيارتي بالقرب من منزلي. وهذه الكُلف الإضافية أصبحت عبئاً شهرياً، خاصةً مع تكرار الدفع في أكثر من منطقة نتيجة تنقلاتي اليومية. والمشكلة لا تقتصر على الزحام فقط، بل تشمل كذلك غياب التوازن بين أعداد المركبات والمواقف».فيما قالت أروى علاء الدين، المقيمة في إحدى المناطق السكنية المكتظة «في كثير من الأحيان، أعود إلى المنزل ولا أجد موقفاً، وأقضي وقتاً طويلاً في البحث من دون جدوى، ما يدفعني إلى ترك مركبتي واللجوء إلى سيارات الأجرة لتجنب هذا العناء المتكرر. والاعتماد المستمر على سيارات الأجرة تسبب بزيادة واضحة في مصاريفي الشهرية، إلا أني أجد هذا الخيار أقل إرهاقاً مقارنة بمحاولة العثور على موقف في منطقة تعاني ازدحاماً يومياً ونقصاً في عدد المواقف المتاحة، وفي الوقت ذاته تجنباً لمخالفات مواقف في حال التوقف في مناطق غير مخصصة على الرغم من عدم توافر المواقف الكافية».وقال رائد صبحي فرج الله، أحد سكان إحدى المناطق المكتظة، إنه يواجه صعوبة متكررة في العثور على موقف لمركبته خلال ساعات المساء، لا سيما ما بين الساعة 9 و10 ليلاً، التي تشهد ذروة في إشغال المواقف.وأوضح أنه يضطر في كثير من الأحيان إلى إيقاف مركبته خلف منشآت تعليمية أو صحية تبعد عن مقر سكنه، نتيجة غياب المواقف الشاغرة في محيط البناية. وهذا التحدي يتكرر بمعدل ثلاث مرات أسبوعياً على الأقل.وأشار إلى أنه تعرض في أكثر من حالة لمخالفات مرورية بسبب اضطراره للوقوف في أماكن غير مخصصة.وأضاف «عندما أعود إلى المنزل في وقت متأخر، أجد صعوبة مضاعفة في الوقوف، وغالباً ما أضطر للانتظار مدة طويلة بجانب المحال التجارية والمطاعم حتى يخلي أحدهم موقفه، وقد يستغرق الأمر أحياناً أكثر من ساعتين». ازدحام دائم وقالت منى محمد الحسن، المقيمة في إحدى المناطق المزدحمة، إنها تواجه صعوبة مستمرة في العثور على موقف لمركبتها منذ نحو أربع سنوات، الأمر الذي أصبح جزءاً من روتينها اليومي.وأوضحت أن متوسط الوقت الذي تستغرقه يومياً في البحث عن موقف يراوح بين 35 إلى 45 دقيقة. وكثيراً ما تضطر لإيقاف مركبتها في أماكن بعيدة عن مقر سكنها.وأضافت «تعرضت في بعض الأحيان لمخالفات نتيجة هذا الوضع، ما انعكس سلباً على حياتي اليومية، سواء من حيث الوقت أو الكُلف». تغيير مكان السكن وأوضح أكرم الشيخ الذي يسكن في شقة بمنطقة تشهد إعادة تخطيط بما فيها المساحات التي كانت مخصصة للمواقف، أنه بدأ في البحث عن تغير شقته بالانتقال إلى منطقة سكنية تتوافر فيها مواقف مناسبة للمركبات.وأضاف أنه في منطقته الحالية يضطر السكان إلى توقيف مركباتهم عند الخطوط الصفراء والمناطق غير المسموح توقيف المركبات فيها ما سبب عرقلة لحركة السير في تلك المنطقة.