في إنجاز غير مسبوق، حطّم باحثون يابانيون الأرقام القياسية في نقل البيانات بنجاحهم في إرسال 1.02 بيتابت (أي ما يعادل مليون غيغابايت)،
من المعلومات في الثانية الواحدة عبر مسافة تبلغ 1,118 ميلاً باستخدام ألياف ضوئية.
ويُشكّل ذلك الإنجاز، معياراً جديداً لمستقبل تقنيات الإنترنت فائق السرعة.
كيف غيّرت الألياف متعددة النواة قواعد نقل البيانات؟
نجح باحثون يابانيون في نقل كمية مذهلة من البيانات بلغت 1.02 بيتابت في الثانية عبر مسافة تصل إلى 1,118 ميلاً باستخدام ألياف ضوئية مبتكرة تحتوي على 19 نواة.
ولا يقتصر هذا الإنجاز المذهل على كونه رقماً قياسياً عالمياً جديداً، بل يُمهّد أيضاً الطريق لمستقبل يمكن فيه لنقل البيانات مواكبة الطلبات المتزايدة الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، والواقع الافتراضي، وإنترنت الأشياء.
وبينما نقف على أعتاب ثورة تكنولوجية جديدة، يُبرز هذا العمل الريادي الدور الحاسم الذي تلعبه تقنيات الألياف الضوئية المتقدمة في تشكيل المستقبل الرقمي، بحسب ما نشره موقع Interesting Engineering.
ماذا يعني هذا الإنجاز لمستقبل شبكات 6G وإنترنت الأشياء؟
تتميز تقنية الألياف الضوئية ذات الـ19 نواة بإمكانيات هائلة، وتتجاوز مجرد تحسين السرعة.
في السابق، كانت الألياف المماثلة محدودة بنقل البيانات لمسافات قصيرة نسبيا.
أما اليوم، فقد كسرت هذه التقنية الجديدة تلك الحدود السابقة، مما يُمثّل خطوة محورية نحو إحداث ثورة في بنية الإنترنت التحتية للمستقبل.
ومع دخول العالم عصر ما بعد الجيل الخامس (5G)، تزداد الحاجة إلى طرق سريعة للبيانات أكثر قوة واعتمادية، مدفوعة بمتطلبات السيارات ذاتية القيادة، والواقع الافتراضي في الزمن الحقيقي، ومليارات الأجهزة المتصلة حول العالم.
وقد يمهّد نشر مثل هذه الألياف الضوئية المتقدمة لعصر جديد من الاتصالات السلسة وعالية السرعة، قادر على دعم مجموعة واسعة من التقنيات الناشئة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء، والواقع الممتد.
السرعة مقابل المسافة: كسر الرقم القياسي العالمي في نقل البيانات
على مدى عقود، سعى العلماء إلى تعزيز سرعات نقل البيانات عبر الألياف الضوئية.
وعلى الرغم من أن الوصول إلى سرعات تبلغ بيتابت في الثانية ليس بالأمر الجديد تماما، إلا أنه كان محصوراً تقليدياً في المسافات القصيرة.
فقد كانت التحديات دائما تكمن في الحفاظ على قوة الإشارة عبر المسافات الطويلة، إذ يمكن أن تؤدي التداخلات وفقدان الإشارة إلى تقليل الأداء.
وقد واجه الفريق الياباني هذا التحدي من خلال تصميم ألياف ضوئية تحتوي على 19 نواة، ما وفر زيادة كبيرة في سعة نقل البيانات دون الحاجة إلى زيادة قطر الليف.
يمكن تشبيه هذا الابتكار بتحويل طريق بمسار واحد إلى طريق سريع يحتوي على 19 خ، ما يتيح تدفق كميات هائلة من البيانات في الوقت ذاته.
وتعمل كل نواة بشكل مستقل، مما يقلل من التداخل ويزيد من الكفاءة إلى أقصى حد.
ولمعالجة ضعف الإشارة عبر المسافات الطويلة، طور الباحثون نظام تضخيم متقدماً، يضمن تضخيم كل نواة في الوقت ذاته عبر نطاقات ضوئية مختلفة.
وقد تحقق ذلك من خلال شبكة من الحلقات المعاد تدويرها ومعالج يعتمد على تقنية MIMO، ما أدى إلى قدرة نقل بيانات تبلغ 1.02 بيتابت في الثانية لمسافة تصل إلى 1,118 ميلاً.
التقنية اليابانية الجديدة تُنهي مشكلة بطء الإنترنت إلى الأبد
اللافت في هذا الابتكار أنه يقدم وعداً بإتاحة شبكات فائقة السرعة دون الحاجة إلى تعديل أبعاد البنية التحتية الحالية، مما يُسهّل عملية تطبيقه في الواقع العملي.
وتُعد مرونة الحفاظ على أحجام الألياف القياسية مع تحقيق أداء غير مسبوق عنصراً حاسماً لاعتماد هذه التقنية على نطاق واسع، إذ تقدم حلاً عملياً وفعالاً لمواجهة الزيادة المتوقعة في حركة مرور البيانات مستقبلاً.
ويعكس ذلك الإنجاز أهمية تطوير البنية التحتية التي تدعم سر الإنترنت.
هذه التطورات لا تتعلق بالسرعة فقط، بل تتعلق أيضا بالاستدامة وقابلية التوسع.
ومع تزايد الطلب على البيانات، تصبح القدرة على زيادة السعة دون الحاجة إلى تغييرات جذرية في البنية التحتية أمرا بالغ الأهمية.
وتَعِد هذه التقنية الجديدة بتحقيق كلا الهدفين، إذ توفر مساراً مستداماً لتوسيع الشبكات وتحديثها في المستقبل، دون التسبب في أعباء لوجستية أو مالية كبيرة.
رغم ما تحمله هذه التقنية من وعود واعدة، لا تزال هناك تحديات يجب التغلب عليها قبل أن تصبح منتشرة على نطاق واسع.
ويتمثل التحدي الرئيسي في التطبيق العملي لهذه الألياف المتقدمة ضمن الشبكات الحالية.
كما أن توقيت إطلاقها على نطاق واسع لا يزال غير واضح، وكذلك مدى جدواها الاقتصادية من حيث الكلفة مقارنة بالفوائد.
0 تعليق