أحمد الطيب: نعمل مع الفاتيكان لوثيقة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

ألقى فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، كلمة رئيسية، خلال الافتتاح الرسمي لقمة الإعلام العربي، أعرب فيها عن تقديره لفكر ورؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والتي أثمرت عَقد القمة بما لها من قيمة بصفتها منصة مهمة للنقاش الفكري والإعلامي في عالمنا العربي والإسلامي.
وأكد فضيلته تقديره للموضوعات التي تتطرق إليها القمة حول الدور المحوري للإعلام العربي في مواجهة التحديات الأخلاقية الحديثة، في ظل عالم مفتوح يَموج بالطفرات والأزمات الإنسانية والأخلاقية المتلاحقة، معرباً عن أمنياته في أن يكون هذا اللقاء سبباً في الوصولِ إلى استراتيجية إعلام عربي مشترَك قابل للتطبيق، وقادر على التعبير عن واقع الأمة، وحماية شبابها من التحديات التي تواكب التقدم التكنولوجي الكبير.
وحذّر مما تروج له بعض المنصات الرقمية من شعارات أثرت بالسلب في الذوق العام والفطرة السليمة، واضطربت بسببها معايير الحُسن والقُبح، وموازين الخطأ والصواب.
وقال فضيلته: «لقد عانينا نحـــن -العرب والمسلمين- من رسائل وتقارير إعلامية لتشويه صورتنا في عقول الغربيين؛ بل في عقول العالم كُله، بعد ما ربطت بين الإسلام وبين العنف والتطرف، وظلم المرأة، وصَورته -زُوراً وبهتاناً- في صورة حركة اجتماعية أو أيديولوجية سياسية تدعو إلى العُنف والتعصب والكراهية والتمرد على النظام العالمي».
وأعرب فضيلة الإمام الأكبر، عن أسفه أن كثيراً من الصور المضلِّلة تسلَّل إلى المنطقة، وانعكست آثارها سلباً على الخطاب الإعلامي العربي، حيث انزلق البعض إلى تصدير ثقافة زائفة، تُعنى بنقد كل ما هو عربي المنشأ أو إسلامي الفكر والتوجه.
وقال: «ما زاد من جسامة التحديات الراهنة ومن خَلَل كبير في الاعتزاز بالهوية، ومن توسيع للفجوة بين وَعْينا المعاصر، وبين تُراثنا الذي كان بالأمسِ القريب من أقوى مصادر عِزنا وفخرنا وصمودنا في وجه العابثين بماضي هذه الأمة وبحاضرها».
وتطرّق فضيلته إلى الأوضاع التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والأزمة التي تواصلت فصولها على مدار تسعة عشر شهرا، وما يجب على الإعلام العربي حيالها من مسؤولية تاريخية لتوضيح للحقائق، وإبراز صمود الشعب الفلسطيني، والحفاظ على القضية الفلسطينية حاضرة في وجدان شعوب العالم شرقاً وغرباً.
وأضاف: «ننتظر الكثير من الجهود الإعلامية المكثفة لمواجهة الظاهرة المسمّاة بظاهرة «الإسلاموفوبيا»، والتصدي لآثارها السيئة في الشارع الغربي، على الرغم من أنها لا تَعْدو أنْ تكون وَهْماً أو خَيالاً صُنِعَتْ منه تهاويل لتشويه صورة الإسلام والحَطِّ من مبادئِه التي تقوم على السلام والعيْش المُشترك، وذلك على الرغم مِمّا نَعْلَمه من حقوق الإنسان والحيوان والنبات والجماد في شريعة الإسلام السمحاء».
وأشار فضيلة شيخ الأزهر الشريف في كلمته، إلى المحاولات الرامية إلى الطعن في ثوابت حضارة الشرق وأصول أخلاقياتها واجتماعها الإنساني والأسري، والدعوة إلى طَمْسِ معالم هذه الأخلاق التي تأسست -ولا تزال تتأسّس- عليها حضارات الشرق قاطبة، في مسعى هدفه تجفيف كل منابع القوة والاستقلال ومشاعر الاعتزاز بالشخصية العربية والإسلامية.
وقال فضيلته: «كل ذلك جدير بأن يضع في رقابنا جميعاً -وبخاصة الإعلاميين- أمانة التفكير الجادّ في كيفية التصدي لهذه الرياح المسمومة وإنقاذ شبابنا وأوطاننا مما تحمله من عوامل الاستلاب والفناء والذوبان».
وحول التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم حالياً، أكد فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، أن هذا التطور التقني، لاسيما في مجال الذكاء الاصطناعي، لابد أن يُحاط بسياج من المسؤولية الأخلاقية والضوابط المهنية، حتى لا ينقلب إلى وَحْش كاسر يُهدد الإنسانية بأَسرها، مشيراً إلى أن المسؤولية هُنا تَقع على عاتق الخبراء والمشرّعين، وعليهم وحدهم حراسة هذه التقنيات من الانحراف عن غاياتها النبيلة، انطلاقاً من مبادئ إنسانية بعيدة كل البعد عن أغراض الهيمنة والسيطرة والغزو الثقافي.
كما أشار فضيلته إلى ما بدأه مع البابا فرنسيس الراحل، من مشروع إصدار وثيقة جامعة حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وقال فضيلته: «قد قطعنا في إعدادها شوطاً طويلاً، وكانت على وَشْك الظهور لولا أن الأقدار شاءت -برحيل البابا- ترتيباً آخر، ونحن على تواصل مع الفاتيكان في عهدها الجديد لإتمام هذا المشروع، ونأمل أن يكون قريباً بمشيئته تعالى».
وحول ما يتعرض له الإعلام من ظروف ميدانية صعبة، قال فضيلته: «من واجب الوفاء أن أستحضر -معكم- مأساة زملائكم الصحفيين الفلسطينيين، وغيرهم ممن شاءت أقدراهم أن يدفعوا حياتهم ثمناً لشرف الكلمة وحرمة الحقيقة وتصوير الواقع، وقد استُشهد منهم ما يزيد على مئتي إعلامي على تراب غزة، وآخرون غيرهم ممن أصيبوا بجروح بالغة، أو ممن بُترت أَطرافهم، أو هُدّمت بيوتهم، أو فقدوا أسرهم، أو تشرّدت عائلاتهم».
واختتم فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، كلمته قائلاً: «أدعو كل من ينتسب إلى مهنة الإعلام النبيلة، أن يشارك في وضع استراتيجية إعلام عربي، تكون درعاً يحمي الحق، ويصون قيم الأمة ويحفظ هويتها، هذا؛ وإن الأزهر الشريف ليسعِده أن يكون معكم، وداعماً لكم في تحقيق هذا الواجب المقدس».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق