انطلقت صباح، الاثنين، في قصر الثقافة، أولى فعاليات المرحلة الختامية للدورة الـ12 من «مهرجان الشارقة للمسرح المدرسي»، والذي تنظمه إدارة المسرح بدائرة الثقافة، وذلك بحضور أحمد بورحيمة مدير المهرجان.
الافتتاح جاء وسط أجواء احتفالية، حيث ألقيت كلمة المهرجان التي استعرضت المدارس المشاركة والمراحل التنافسية التمهيدية والختامية التي مر بها المهرجان، كما تم التعريف بلجنة التحكيم التي تتكون من الفنانين الإماراتيين جمعة علي، وأمل محمد، وفيصل علي.
وشهدت فعاليات اليوم الأول من المهرجان تقديم ثلاثة عروض هي: «سوسة وسواسة»، لمدرسة «الأندلس الحلقة الأولى»، تأليف: فاطمة إبراهيم الكمالي، وإخراج: عزيزة محمد آل علي، و«سوشي والشباك البالية»، لمدرسة «الثميد للحلقة الأولى والثانية والثالثة»، تأليف: ابتسام الكعبي وإخراج: موزة خلفان حمد الحافري، ومسرحية «أحلام الفئران»، لمدرسة «عاتكة بنت زيد الحلقة الأولى»، تأليف: جواهر عباس مراد، وإخراج: ذكرى علي الذيب، وهي الأعمال التي وجدت قبولاً كبيراً من قبل الطلاب وأولياء الأمور، حيث توفرت في العروض الثلاثة مقومات العمل من حبكة وتوظيف لعناصر العرض المسرحي ما أسهم في تكوينات بصرية غاية في الجمال، إضافة إلى الرسالة والمعنى، إذ دعت العروض للمحبة والسلام والتعاون والتسامح وكل قيم الخير والجمال.
*إبهار
العرض الأول «سوسة وسواسة»، تناول قضية الاهتمام بصحة الأسنان، وكان اللافت توظيف الديكور الذي يكشف عن مضمون العرض، فمنذ المشهد الأول تم التركيز على مجسم في شكل سن توسطت الخشبة، مع استخدام باهر لعناصر السينوغرافيا من ألوان وموسيقى لعكس مختلف الحالات، ورقصات تعبيرية تفاعل معها الجمهور، إضافة إلى الأداء التمثيلي الجيد.
رسالة العمل أكدت على ضرورة الحفاظ على صحة الأسنان والتحذير من عدم الاهتمام بها، وما يترتب على ذلك من مشاكل صحية يتأثر بها الطفل بقية حياته، وحذر العمل من الاستجابة للمغريات حيث إن الصغار بطبيعتهم يميلون نحو أنواع معينة من الطعام الذي قد يضر بالأسنان مثل السكريات وأنواع الشكولاتة المختلفة، ولابد من الاقتصاد في تناول مثل تلك الأطعمة التي قد تعود بالضرر على صحة الإنسان.
*بيئة بحرية
العرض الثاني «سوشي والشباك البالية»، حمل العديد من المضامين المهمة خاصة في ما يتعلق بسلامة البيئة وضرورة الحفاظ عليها، ويتناول العمل بيئة البحر، حيث انفتح العرض على مشهد مجموعة من البحارة على مركب للصيد وهم يؤدون الأغاني والأهازيج الخاصة بتلك المهنة، ما عكس صوراً تراثية بديعة، وكان ذلك المشهد بمثابة غلاف للعمل الذي تتحدث حكايته عن مجموعة السمكة سوشي وأصدقائها من كائنات البحر التي تعيش في هدوء وسلام لا يعكر صفوه سوى شباك الصياد والمخلفات التي ترمى في البحر فتهدد نظافته وسلامته.
العرض تميز بحبكة جيدة وتصاعد في الحدث الدرامي، كما حفل بالمفارقات الغريبة التي أضافت بعداً ساحراً للعمل، خاصة تلك المتمثلة في تحالف الأسماك والكائنات البحرية مع الصياد من أجل التخلص من المخلفات والأوساخ لضمان بيئة نظيفة، حيث جمعت المصالح بين الأعداء، فمن مصلحة الكائنات البحرية أن تكون هناك بيئة نظيفة من أجل استمرار حياتها، حيث إن الأوساخ تهدد بانقراض تلك الكائنات ما سيؤثر بالسلب في معاش الصيادين.
ولعل اللافت في العرض، إلى جانب الحبكة ذلك التوظيف المميز لعناصر السينوغرافيا، حيث جاء الديكور معبراً عن أجواء البحر والصيد، وكذلك الإضاءة واستخدام الألوان بدرجات متعددة من أجل خلق مشاهد بصرية خلابة، وتوزيع الخشبة إلى قسمين: سطح البحر حيث يوجد الصيادون، وداخل المياه حيث الكائنات البحرية، كما كان توظيف الأزياء متماهياً مع الحالة المسرحية سواء المتعلقة بكائنات البحر، أو ملابس الصيادين.
*رسالة الخير
بينما جاء العرض الثالث «أحلام الفئران»، وهو يحمل الكثير من الحركة والصور المشهدية المتعاقبة، إذ يتحدث العمل عن مجموعة من الفئران تسكن في بيت قديم متهالك على وشك الانهيار، فتعبر عن أحلامها في أن تنتقل إلى بيت جديد يتوفر فيه الأمن والسعادة، وسرعان ما جعلت الفئران من تلك الأحلام برنامج عمل سعت إلى تحقيقه.
واللافت في هذا العرض توظيفه لثلاث من حكايات الأطفال العالمية الشهيرة في سياق قصته بصورة سلسة ودون إقحام، وتلك الحكايات هي: «سندريلا»، و«الفتاة بائعة الكبريت»، و«ذات الرداء الأحمر»، وتكمن قوة حبكة العمل، في أن الفئران أرادت لبيتها أن تتوفر فيه كل الأشياء التي كانت مفقودة في تلك القصص الثلاث، حيث عانت سندريلا الشقاء والتعب، فأرادت لمنزلها أن يعمر بالراحة والسعادة، ولأن بائعة الكبريت ماتت من البرد، فقد سعت الفئران إلى أن يسكن الدفء بيتها، ولأن ليلى ذات الرداء الأحمر عاشت تفاصيل الرعب والخوف من الذئب الذي هدد سلامتها، فقد حلمت ببيت يحيطه الشعور بالأمن والأمان، حيث إن تلك الحكايات التي كانت بمثابة قصص جانبية أثناء رحلة الفئران، خدمت فكرة العرض كثيراً.
العمل حمل رسالة ضرورة التعاون والتضامن وتقديم يد العون، فقد عملت الفئران أثناء رحلة البحث عن منزل الأحلام، على مساعدة الناس ونشر المحبة، وبرع المخرج في التعبير عن الفكرة من خلال رؤية اعتمدت على الانتقالات المشهدية وتوظيف مبتكر بعناصر السينوغرافيا.
الأعمال الثلاثة جاءت متمثلة لفكرة المهرجان الذي يهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية والقيم التربوية المنشودة في الميدان التعليمي، وتفعيل اهتمام المدارس بالنشاط المسرحي، وتكريس دور «أبو الفنون»، بصفته وسيلة فنية وتربوية تسهم في رفع الكفاية المعرفية والإبداعية لدى الطلبة، كما تقف العروض شاهدة على التطور الكبير في المهرجان جهة الحبكة والمقاربات الإخراجية.
0 تعليق