أكدت كاتبات متخصصات أن الكتابة للطفل تتطلب فهماً عميقاً لاحتياجاته النفسية والاجتماعية، وتوازناً بين الفائدة والمتعة، وأن القصة الجيدة يجب أن تفتح أمامه أبواب الاكتشاف وتمنحه الأمان في مواجهة صعوبات الواقع. واعتبرن في جلسة بمهرجان الشارقة القرائي أن الطبيعة، والمدرسة، وحتى الفكاهة، تشكل عناصر غنية لبناء قصص مؤثرة، تعكس عالم الطفل وتلامس مشاعره، خاصة بالنسبة للأطفال المهاجرين الذين يعيشون بين ثقافتين، ويسعون للاندماج من دون أن يفقدوا جذورهم.استضافت الجلسة د.بيان عمرو، الروائية المتخصصة في أدب الطفل والمحاضرة الأكاديمية في عدد من الجامعات، والكاتبتين الأسترالية أندريا رو، صاحبة عدد من كتب الأطفال الأكثر مبيعاً، والبريطانية من أصل باكستاني مريم حسن، الكاتبة البريطانية للأطفال؛ وأدارتها ساندي زانيلا.الاكتشاف لا الوعظفي حديثها حول ما يتطلبه أدب طفل اليوم، أكدت د.بيان عمرو أن القصة الجيدة للطفل يجب أن تجمع بين الفائدة والجمال، وتساعده على فهم العالم من حوله والتعامل مع مشاكله. وقالت: «القصة يجب أن تمنح الطفل شعوراً بالأمان والراحة، وتبني له عالماً خيالياً يساعده على تخطي صعوبات الواقع، بعيداً عن الأسلوب الوعظي أو فرض الأفكار».وأشارت إلى أن الكاتب هانز كريستيان أندرسن مثال ناجح؛ إذ كتب قصصاً مثل «فرخ البط القبيح» التي لامست مشاعر الأطفال في كل مكان وزمان، وعالجت قضاياهم من خلال الفكاهة. وأضافت أن الطفل يحتاج إلى قصص تفتح له المجال للتفكير والمحاولة، لا إلى نهايات يفرضها الكاتب، بل نهايات يختارها الطفل بنفسه.الطبيعة مصدر إلهام أوضحت أندريا رو أن الطبيعة تشكل مصدر إلهام رئيسي لقصصها؛ لأنها تشبه عالم الأطفال في بساطتها وعفويتها. وقالت إنها تكتب عن تفاعل الأطفال مع البيئة من حولهم، وتحديداً خلال أنشطتهم الخارجية مثل اللعب في الحدائق أو رحلات الاستكشاف، بهدف إيصال رسائل حول أهمية احترام الطبيعة والتعامل معها بلطف.وأضافت أن الأطفال يشعرون بحرية حقيقية عندما يكونون في الهواء الطلق، ولهذا ترى أن تلك اللحظات تقدم مادة غنية ومؤثرة في أدب الطفل. من جهتها، أوضحت مريم حسن أن المدرسة تمثل بالنسبة لها مرآة واضحة لاحتياجات الطفل، لذلك تعتمد عليها في تحديد موضوعات كتاباتها. وأشارت إلى أن المدرسة تكشف عن التحديات اليومية التي يواجهها الطفل، وتساعد على فهمه في بيئة طبيعية ومتكاملة.وأكدت أن قصصها تتسم بالواقعية، وتركز بشكل خاص على الأطفال المهاجرين، الذين يعيشون بين عالمين: حبهم لثقافتهم الأصلية، ورغبتهم في التأقلم مع المجتمع الجديد. وتسعى من خلال كتاباتها إلى ملامسة هذه التحديات، وإعطاء الطفل مساحة لفهم ذاته والتعبير عن مشاعره.