في واقعة غريبة، تسلط الضوء على تجارة غير متوقعة، ألقت السلطات الكينية القبض على مراهقَين بلجيكيين متورطَين في شبكة تهريب جديدة تماماً.
عملية الضبط التي نُفذت هذا الشهر في دار ضيافة على أطراف حديقة وطنية في نايفاشا، لم تستهدف كالمعتاد تجار العاج أو قرون وحيد القرن، بل كشفت عن سوق غير مألوف وهو تهريب نمل الملكات الحي.
ويُباع النمل الحي بأسعار خيالية لهواة تربية النمل في أوروبا وآسيا.
القيمة السوقية لملكات النمل
نمل الحصاد، حشرات صغيرة في حجمها، لكنها كبيرة بقيمتها في الأسواق العالمية، بحسب ما نشرته إندبندت.
نحو 5,440 ملكة نمل كانت في طريقها إلى أوروبا عبر مطار نيروبي، وتبلغ قيمتها السوقية المحتملة ما يصل إلى مليون دولار.
ويدفع كثيرون مبالغ طائلة لتكوين مستعمرات في حاويات زجاجية شفافة لنمل الملكات.
تلقى هذه الهواية، التي كانت ذات يوم نادرة، رواجاً هائلاً الآن بين الشباب في أوروبا، حيث تُباع الملكات بأسعار تتجاوز 230 دولاراً للواحدة.
لا يخلو هذا النشاط التجاري من الأضرار، حيث إن تهريب الملكات يهدد النظام البيئي في إفريقيا.
يعد بقاء ملكات النمل ضرورياً من أجل حياة المستعمرات، ويلعب نمل الحصاد دوراً رئيسياً في خصوبة الأراضي ونشر البذور في السافانا.
واعترف أحد المتهمين البلجيكيين قائلاً: «لسنا مجرمين، نحن فقط مراهقان ساذجان».
كيف يؤثر تهريب النمل في إفريقيا
يرى خبراء الحفاظ على البيئة، أن القضية تكشف عن جانب مظلم في سوق عالمي ينمو في الظل وهو تجارة الحشرات، علماً بأن تصدير النمل لا يعد ممنوعاً في كينيا ولكن يحتاج إلى اتباع لوائح محددة.
قال دينو مارتينز، مدير معهد تركانا وأحد أبرز خبراء الحشرات في كينيا: «الأمر يشبه المخدرات، سعر المخدرات في كولومبيا لا يُقارن بسعره في السوق الأوروبي، ولهذا يتكبد البعض عناء تهريبه..نفس الأمر مع هذا النوع من النمل».
بحسب متوسط أسعار نمل الحصاد الإفريقي العملاق لدى 6 متاجر بريطانية، فإن كل واحدة من نحو 5,440 ملكة تم ضبطها تساوي نحو 233 دولاراً.
وملكات النمل هي الأساس في أي مستعمرة، كونها الوحيدة القادرة على وضع البيض اللازم لإنتاج النمل العامل والمحارب والملكات الأخرى.
لذلك يهدد تهريبها مستعمرات تشكّل جزءاً حيوياً من النظام البيئي الكيني.
قال مارتينز إن القيمة السوقية المرتفعة للنمل يجب أن تؤخذ بحذر، إذ إن 90% من الملكات كان من المرجح أن تموت أثناء الشحن بسبب الأمراض، أو البكتيريا، أو انخفاض درجات الحرارة أثناء التهريب إلى أوروبا وآسيا.
أثارت هذه القضية غير المسبوقة تساؤلات حول ما إذا كانت محاولة فردية من هواة مبتدئين، أم أنها جزء من شبكة تهريب أوسع تستكشف أنواعاً وأسواقاً جديدة.
القرصنة البيولوجية
قال المدير العام لخدمة الحياة البرية الكينية، إيراستوس كانغا، إن القضية تمثل تحولاً بارزاً في أنماط القرصنة البيولوجية من الثدييات الكبرى إلى أنواع غير معروفة لكنها لا تقل أهمية بيئية.
وأضاف في بيان:«هذه القضية تمثّل أكثر بكثير من مجرد تهريب حشرات،حيث إن عصابات الجريمة المنظمة تتنوع من تجارة العاج إلى استهداف التنوع البيولوجي بأكمله، من النباتات الطبية إلى الحشرات والميكروبات».
من جهته، قال صموئيل موتوا، خبير الجرائم البيئية في «الصندوق الدولي لرعاية الحيوان»، إن هذه القضية تندرج تحت جرائم الجريمة المنظمة، موضحاً:«بغض النظر عن أعمارهم، فإنهم استطاعوا الحصول على كمية كبيرة من النمل».
لكنه حذّر من أن الضجة التي أثارتها هذه القضية تغفل التهديد الأكبر الذي يواجه الحشرات في شرق إفريقيا، وهي المبيدات الحشرية وتدمير المواطن الطبيعية، ما يؤدي إلى موت ملايين النمل يومياً.
واختتم قائلاً:«إذا فقدنا كل الأفيال في إفريقيا، فسنشعر بالحزن الشديد، لكن الأراضي العشبية ستبقى قائمة..أما إذا فقدنا كل نمل الحصاد والنمل الأبيض، فإن السافانا ستنهار».
0 تعليق