كشفت متابعة رحلة أكثر من 200 حالة مرضية محيرة في الولايات المتحدة، على مدار سنوات، عن نصائح طبية ذهبية، قد تحل الكثير من معاناة ملايين المرضى حول العالم، ومن بينها التشخيص الخاطئ أو الاضطرار لتغير الأطباء مع عدم التحسن.
وعلى مدار حوالي 30 عاماً، تابعت الإعلامية المتخصصة في المجال الطبي ساندرا بودمان، عشرات «الألغاز الطبية» وما يصاحبها من أخطاء تشخيصية، عبر صحيفة واشنطن بوست، لتقدم هذه النصائح الطبية المهمة.
1 ابحث عن طبيب الرعاية الأولية (PCP)
في الماضي، كان الكثيرون يستعينون بطبيب رعاية أولية لمساعدتهم، لكن ذلك أصبح أقل شيوعاً حالياً على الرغم من أهمية ذلك. وفي العقدين الماضيين، أصبح النظام الطبي أكثر تخصصاً وصعوبة. وترى بودمان أنه يمكن لأطباء الرعاية الأولية الجيدين المساعدة على التنسيق، وتقديم المشورة، وإحالات المرضى إلى الاختصاصيين المناسبين.
ويمكن لمقدم الرعاية الأولية أن يساعد على تجنب خطأ شائع، والذي يتمثل في التنقل من طبيب إلى آخر، وأحياناً التوجه إلى التخصص الخطأ.
ومن الأمثلة، أن الأمريكية كاثرين ماتاسيك، أمضت ثماني سنوات في استشارة مُختصي العلاج الطبيعي وجراحي العظام، باختيارها، في محاولة فاشلة لعلاج كاحل متورم. لكن أخيراً أخبرها جراح أنها بحاجة إلى زيارة طبيب أمراض الروماتيزم، وهو طبيب متخصص في مشاكل المفاصل، والذي أخبرها بدوره أن مشكلتها ليست عظمية، لكنها كانت تعاني التهاب المفاصل الصدفي، وهو مرض مناعي مزمن يُعالَج بالأدوية، لا بالجراحة، وبمجرد أن بدأت العلاج، تحسنت حالتها بشكل ملحوظ.
كما أمضت جولي جيليرت عقداً من الزمن تعاني آلاماً شديدة في البطن، وإسهالاً مزمناً، وقيئاً، ما جعلها حبيسة منزلها في أريزونا. ثم بدا أن أطباء الجهاز الهضمي، الذين شخّصوا حالتها بارتجاع المريء، يعتقدون أنها تبالغ، ولم يُجدِ أي مما جربته من الحقن والأدوية، نفعاً. لكن تغيرت حياتها عندما أدى تغيير التأمين الصحي إلى طبيب عائلة جديد يتميز بالتعاطف، حيث طلب إجراء فحص بالأشعة المقطعية، والتي قادت إلى اكتشاف سرطان بنكرياس نادر في مرحلة مبكرة، لتخضع لجراحة ناجحة أنقذت حياتها.
2 اطرح الأسئلة
إن سؤال الطبيب «ما الذي قد يكون غير هذا التشخيص»، إذا لم تتحسن الحالة أو إذا لم تكن الأعراض تُناسب حالتك قد يدفعك إلى التفكير بشكل أوسع.
ويذكر التقرير أن الأطباء يواجهون ضغوطاً زمنية متزايدة، ما قد يُسهّل ارتكاب أخطاء تشخيصية، ومن بين الأخطاء الشائعة «التنميط»، بمعنى الحكم على المريض بناء على عوامل غير طبية، كما قد يُصدر الطبيب حكماً متسرعاً ثم يقع في فخ «التثبيت»، والذي يتمثل في التركيز على تشخيص أولي من دون النظر إلى احتمالات أخرى، وهو ما يُكشف عنه ببراعة في كتاب «كيف يفكر الأطباء»، لطبيب أمراض الدم جيروم غروبمان، الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد.
ويورد أن أكثر من ست حالات، تم رصدها لم تُشخّص على أنها أمراض جسدية حادة، بل قاتلة أحياناً، لأشهر أو سنوات، حيث تم إخبار المرضى من النساء أنهن يعانين اضطراباً نفسياً، لكن اتضح أن بعضهن يعانين أوراماً وليس الاكتئاب الشديد كما قيل لهن.
3 احصل على سجلاتك الطبية
تُوفر السجلات الطبية خريطة طريق للتشخيص والعلاج، وقد تحتوي على معلومات مُختصرة أُغفلت، لكنها قد تكون أساسية.
وفي إحدى الحالات التي تم تتبعها، بحثت شارلين جيرفيه من شيكاغو في سجلها الطبي، حيث كانت تُعاني بشكل متزايد آلام الظهر المُعيقة على مدار ثلاثة عقود، ولم يُقدم أي من مُقوّمي العظام أو اختصاصي العلاج الطبيعي أو الأطباء الذين زارتهم المساعدة. كما لم يُجدِ أي دواء أو تمارين رياضية أو برنامج علاج طبيعي نفعاً طويلاً.
لكن عندما نظرت في سجلها الطبي، صدمتها الإشارات المتكررة إلى مفاصلها، وبعدها استشارت طبيبها الذي أحالها إلى طبيب أمراض الروماتيزم، الذي اكتشف إصابتها بالتهاب المفاصل الشوكي المزمن ووصف لها علاجاً فعالاً.
4 البحث الذكي
لطالما كان لدى الأطباء نظرة سلبية تجاه «دكتور غوغل»، أي استخدام المرضى للإنترنت للبحث عن الأعراض والعلاجات، وينبع جزء من هذا القلق من كثرة المعلومات غير العلمية أو المضللة أو الضارة على الإنترنت.
لكن الأطباء يستسلمون بشكل متزايد لهذا الأمر، ويحاولون العمل مع المرضى، ويوجهونهم إلى مصادر معلومات موثوقة علمياً، مثل المواقع التي تديرها الحكومات، والمنظمات الطبية الكبرى، والمستشفيات التعليمية.
ومن بين أكثر الأمور التي رصدها التقرير دهشة، هو عدد الأشخاص الذين أدت عمليات بحثهم على الإنترنت إلى تشخيص، أحياناً من خلال ضربة حظ تكاد تكون غير معقولة.
ومن بينهم ديانا رينون، وهي مسعفة سابقة في الجيش الأمريكي، حيث ظلت تعاني مع طفلتها، التي أصيبت باضطراب عصبي نادر، وبعد فترة عثرت صدفة على صور في مجلة طبية لاضطراب نادر في ورقة بحثية جامعية، حيث صُدمت بالصور التي تُشبه أسنان ابنتها الصغرى غير المنتظمة بشكل غير طبيعي.
ونقلت رينون الصورة إلى اختصاصي أطفال في مستشفى بواشنطن، وكان له دور أساسي في تحديد جين مرتبط بمرض نادر ومتفاقم ليتم علاجها وفق الاكتشاف الجديد.
ومن بين الحالات الغريبة الأخرى، كانت لسيدة تدعى شيميكا رودريغيز، في مدينة نيويورك، حيث أخبرتها ممرضات في عيادة رعاية عاجلة وطبيب في غرفة الطوارئ، أن سيلان أنفها المتفاقم منذ أشهر كان نتيجة حساسية أو فيروس. لكن حالتها لم تتحسن، ومن خلال بحث عبر الإنترنت لاحت أمامها فكرة أن الأمر قد يعود إلى أمر أخطر بكثير، والذي يتمثل في السائل النخاعي حول الدماغ، وليس المخاط، هو الذي ربما يتسرب من أنفها. وأكدت الاختبارات اللاحقة افتراضها، وفي غضون أسابيع خضعت رودريجيز لعملية جراحية في المخ لعلاج التسرب.
وكذلك حالة جوليان ماركس، وهي كاتبة تقنية سابقة في شركة بوينغ، تعيش في ريف ولاية واشنطن، حيث استشارت 23 طبيباً عجزوا عن تفسير أو علاج ألم البطن الشديد، لدرجة أن بعضهم وصفها بأنها «مريضة صعبة المراس»، لكن حالتها لم تتحسن ثم أغرقت نفسها في البحث في المجلات الطبية الموثوقة، وقضت أسابيع في الاطلاع على دراسات مُعمّقة، وكان أحدها تقرير عمره قرن من الزمان أشار إلى أن انضغاط العصب هو سبب محتمل، وكثيراً ما يُغفل، لألمها المُستعصي.
وبعد هذا الاكتشاف وأبحاث أخرى، أقنعت جراحاً كان متردداً في البداية بإجراء عملية جراحية أنهت أكثر من عامين من المعاناة.
5 اطلب رأياً ثانياً
يعد طلب رأي ثانٍ، نصيحة أساسية لمن يفكرون في إجراء جراحة غير طارئة، ووجدت دراسة أجراها باحثون عام 2017 أن 21٪ من 286 مريضاً سعوا إلى الحصول على رأي ثانٍ تلقوا تشخيصاً نهائياً مختلفاً تماماً.
وتنطبق النصيحة نفسها على من يعانون مرضاً خطِراً أو غير مؤكد أو لا يتحسنون، والعديد من المستشفيات التعليمية الكبيرة في الولايات المتحدة، من بينها مستشفى بنسلفانيا الطبي ومستشفى بوسطن للأطفال، لديها برامج رأي ثانٍ قد لا تتطلب زيارةً شخصية.
ويتردد بعض الناس في طلب رأي ثانٍ خوفاً من أن يُزعج طبيبهم، لكن في هذه الحالة يدعو الخبراء إلى البحث عن طبيب جديد.
ومن بين النماذج الصارخة، كانت حالة جيف سيبوس، حيث أكدت له طبيبة أمراض دم في كاليفورنيا التي اعتبرها ذات سلطة لسنوات، أنه لا يحتاج إلى علاج لحالة سرطانية، على الرغم من ضعفه المتزايد والحرقان الشديد في يديه وقدميه.
وبعد إلحاح زوجته، سعى الرجل وهو مدير مدرسة ابتدائية إلى الحصول على رأي طبي ثانٍ متأخر، ثم ثالث. حيث صُدم كلا الاختصاصيين لعدم تلقيه علاجاً من سرطان دم نادر يتطور ببطء، وحذّراه من أنه سيموت من دون علاج كيميائي، ليبدأ العلاج على الفور.
أما أكثر الحالات غرابة، فبدأت قبل اثني عشر عاماً، عندما نصح طبيب أورام من شمال فرجينيا المريضة دانا ديتون، التي كانت آنذاك تبلغ من العمر 43 عاماً، بترتيب أمورها، حيث أخبرها طبيب الأورام أنها مصابة بسرطان المريء في مرحلته الرابعة، وقال لها إنه لو حالفها الحظ، فقد تعيش 16 شهراً.
تتذكر ديتون، التي كان أطفالها الثلاثة دون سن الثانية عشرة، أنها غادرت عيادته، وفكرت في عدم الاستسلام، عن طريق البحث كثيراً، وطرح العديد من الأسئلة، وعدم الاكتفاء بما لا يناسبها.
فديتون، التي مارست رياضة الجري لفترة طويلة واتّبعت نظاماً غذائياً صحياً، لم تكن تُصنّف ضمن الأشخاص الذين قد يُصابون بسرطان المريء. كثيرون منهم رجال تزيد أعمارهم على 60 عاماً، وغالباً ما يعانون زيادة الوزن، ولديهم تاريخ من التدخين وتعاطي الكحول.
وقد وافق أطباء بالتيمور الذين اختارتهم بعد استشارة خبراء في مدينتي نيويورك وواشنطن في النهاية على طلبها بعلاج مكثف، حيث خضعت لعلاج إشعاعي، وجولات متعددة من العلاج الكيميائي، ثم عملية جراحية استغرقت 15 ساعة، وبعد انتكاسة المرض في عام 2015، تلقت العلاج المناعي، وهو عبارة عن حقن تُسخّر جهاز المناعة لمهاجمة السرطان، وفي عام 2017 كانت النتيجة مذهلة، حيث شُفيت من السرطان، وأطفالها الآن في سن الشباب، ولديها حياة حافلة.
وقالت ديتون إنها تعتقد أن استعدادها للثقة بحدسها وطرح الأسئلة كان ضرورياً أيضاً.
وقالت مؤخراً: «إن الدفاع عن نفسك والعيش بأقصى صحة ممكنة أمر بالغ الأهمية، لأنه يمكن أن يساعدك على تجاوز اليوم التالي». وأضافت: «في حالتي، تفوق العلم في النهاية على السرطان، ولهذا السبب ما زلت هنا».
5 نصائح ذهبية للمرضى تقلل الأخطاء التشخيصية

5 نصائح ذهبية للمرضى تقلل الأخطاء التشخيصية
0 تعليق