نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ندوة الأندلس بسبيطلة تفتح دفاتر غرناطة وتستشرف آفاق الذاكرة العربية, اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 11:07 مساءً
نشر في باب نات يوم 22 - 04 - 2025
التأمت ، اليوم الثلاثاء بالموقع الأثري بسبيطلة من ولاية القصرين ، الدورة الثانية من الندوة العلمية الدولية "ندوة الأندلس" تحت عنوان "غرناطة آثار وواقع وآفاق"، وذلك تحت إشراف وزارة التعليم العالي ممثّلة في جامعة القيروان وبتنظيم من المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات بسبيطلة.
وتُعدّ هذه الندوة من أبرز الفعاليات العلمية المتخصصة في الشأن الأندلسي، إذ جُدّد من خلالها العهد بالبحث الأكاديمي في قضايا الأندلس، انطلاقًا من آخر مشهد في التاريخ العربي الإسلامي هناك ، والمتمثل في سقوط غرناطة سنة 1492.
وقد تم إختيار غرناطة موضوعًا محوريًا لهذه الدورة ، نظرًا لما تمثّله من اختزال لمجمل التجربة الحضارية الأندلسية ، حيث تجلّت فيها أبهى مظاهر الحضارة الإسلامية من فن وعمارة وفكر وعلوم ، وكانت آخر إمارة إسلامية صامدة في وجه المد الإسباني الكاثوليكي.
وشهدت الندوة مشاركة ثلّة من الباحثين والخبراء من تونس ومن عدد من الدول العربية ، من بينها المغرب الأقصى و الجزائر ومصر و المملكة العربية السعودية وفلسطين ولبنان إلى جانب حضور أكاديمي لافت من جل الجامعات التونسية.
وجاء انتقاء الموقع الأثري بسبيطلة لاحتضان هذه الندوة اختيارًا رمزيًا ومدروسًا، لما يمثّله من فضاء تاريخي يعكس إلتقاء وتداخل الحضارات ، وهو ما ينسجم مع روح الندوة وغاياتها.
وتُعدّ هذه التظاهرة ، وفق ما أفاد به صحفية وكالة تونس إفريقيا للأنباء ، مدير المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات بسبيطلة، محمود عباس العامري ، إضافة نوعية للجامعة التونسية ، لما تطرحه من قراءات علمية متجدّدة في التراث الأندلسي ، ولما تتيحه من آفاق بحثية تُمكّن من فهم أعمق لتاريخ الأندلس وتفاعلاته مع قضايا العصر.
كما أوضح العامري ، بالمناسبة ، أنّه سيتم في ختام الندوة إعداد تقرير شامل يتضمّن ملخّصات وتحاليل لكافة المداخلات العلمية المقدّمة ، وذلك تمهيدًا لتأسيس إطار هيكلي مستقبلي يُعنى بقضية الأندلس، ويمنحها بعدها العربي والإسلامي في مجالات البحث الأكاديمي والتبادل الثقافي.
من جهتها ، أكدت أستاذة علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية والمعهد العالي للدكتوراه بلبنان ، الدكتورة دولي الصرّاف ، في تصريح لوكالة " وات " أن موضوع الندوة العلمية "غرناطة : آثار وواقع وآفاق" يكتسي أهمية بالغة، باعتباره يمثل مشتركًا عروبيًا وثقافيًا حيًّا في وجدان العرب كافة.
وأشادت الصرّاف بالجهود التي بذلها المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات بسبيطلة ، مثمنة حسن التنظيم ، وجودة اختيار الموضوع ، ودقة تحديد المحاور ، إلى جانب استضافة نخبة من الأساتذة والخبراء من مختلف الدول العربية والتخصصات ، وهو ما أضفى على الندوة طابعًا علميًا وثقافيًا متميّزًا وفق تصورها ، كما اعتبرت أن انعقاد الندوة في فضاء أثري وتاريخي مثل موقع سبيطلة يمنحها قيمة رمزية مضافة.
وشدّدت الصرّاف على أهمية استحضار تاريخ الأندلس، وبخاصة غرناطة من أجل بناء ما سمّته ب"الذاكرة العادلة"، وهو المحور الذي تناولته في مداخلتها، مؤكدة أن هذه الذاكرة قد تم تشويهها عبر التاريخ من قبل الرواية الإسبانية. ولفتت إلى أن الأجيال الشابة ، التي أصبحت تلجأ غالبًا إلى العالم الرقمي للبحث عن المعلومات ، تواجه تحديًا كبيرًا يتمثل في ندرة المحتوى العربي الرقمي ، وهو ما يجعلها تعتمد على روايات غير عربية ومشوّهة.
وأضافت أن هناك اليوم ، داخل إسبانيا نفسها، تيارات فكرية جديدة تسعى إلى إعادة بناء سردية أكثر عدلاً لما جرى في الأندلس. وختمت بالقول : "أعتقد أننا كعرب ، مدعوون إلى العمل الجماعي والمؤسساتي من أجل استعادة سرديتنا التاريخية وبناء ذاكرة عادلة تعكس الحقيقة، وتُعرّف الأجيال الجديدة على محطات مشرّفة من تاريخنا ساهمت في إعلاء شأن العرب في فترات مضيئة من الزمن ."
وبدوره ، ثمّن الأستاذ الجامعي والأكاديمي المغربي الدكتور محمد الأمرتي ، الخبير في مجال الدراسات الأندلسية والإستعراب الإسباني والإستشراف وحوار الحضارات ، في تصريح ل"وات" إختيار موضوع "غرناطة" كمحور رئيسي لهذه الندوة العلمية الدولية. واعتبر أن غرناطة تمثل ما تبقّى للمسلمين من حضور حضاري في الأندلس، فهي الفضاء الإنساني والثقافي والفكري والديني بامتياز، الذي يوثق لفترة المسلمين الأخيرة هناك.
وأشار الأمرتي إلى أن غرناطة شكّلت ملاذًا للعرب والمسلمين في أواخر العهد الأندلسي، وكانت نموذجًا حيًّا للتعايش والتسامح بين مختلف الديانات والثقافات ، إذ احتضنت في نسيجها الإجتماعي المتناغم المسلمين والمسيحيين والأمازيغ والصقليين واليهود ، في تفاعل حضاري فريد.
وقال " إن غرناطة ليست مجرد مدينة في التاريخ ، بل هي إمتداد حي في الوجدان العربي والإسلامي ونحن بدورنا نمتد فيها كما تمتد هي فينا، لتكون بذلك درسًا حضاريًا عميقًا تُقدّمه للمنظومة العالمية المعاصرة، التي تشهد صراعات متزايدة في زمن يُفترض أن يسود فيه الحوار والتفاهم بين الشعوب ".
يشار الى أن فعاليات هذه الندوة العلمية الدولية تتواصل إلى غاية يوم الخميس المقبل، من خلال جلسات علمية ومداخلات أكاديمية تُثري النقاش وتفتح آفاقًا جديدة للبحث في قضايا الأندلس وتفاعلها مع راهن الأمة ومستقبلها .
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
أخبار متعلقة :