نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
البشت.. موروث ثقافي يتألق في عام الحرف, اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 04:18 صباحاً
نشر بوساطة الثقافي في الرياض يوم 14 - 08 - 2025
في عام 2025، الذي أعلنت فيه وزارة الثقافة عن تخصيصه ليكون عام الحرف اليدوية، تتجه الأنظار إلى إرث المملكة الغني في الفنون التقليدية التي تمثل جانبًا أصيلًا من الهوية الوطنية. ومن بين هذه الحرف العريقة، يبرز البشت كرمز للأناقة والفخامة في الزي العربي، وكحرفة متوارثة تحمل في طياتها قصص الحرفيين وإبداعاتهم التي صمدت أمام تغيرات الزمن.
البشت، ذلك الرداء الفخم الذي ارتبط بالمناسبات الرسمية والاحتفالات، ليس مجرد قطعة قماش تُرتدى فوق الثوب، بل هو نتاج عمل يدوي دقيق يتطلب خبرة طويلة ومهارة عالية. وفي إطار عام الحرف اليدوية، يسلّط الضوء على مراحل صناعة البشت كإحدى الحرف التي تجمع بين الفن والدقة والصبر.
المرحلة الأولى: تحديد المقاسات والكمية
تبدأ صناعة البشت بخطوة أساسية تتمثل في تحديد طول النسيج المطلوب، ويُجهّز لذلك ما يقارب سبعة أمتار من خيوط الغزل لكل بشت. هذه الخطوة الدقيقة تهدف إلى ضمان تناسق المقاسات مع التصميم المراد، وهي أساس لنجاح باقي المراحل.
المرحلة الثانية: التسدية
بعد تحديد المقاسات، ينتقل الحرفي إلى عملية «التسدية»، حيث يتم وضع الخيوط الطولية والعريضة للنسيج، والمعروفة بالسدى، ثم يبدأ في إدخال الخيوط العرضية معها بطريقة متناسقة، وهي العملية التي تُعرف باسم «التشريب» أو «اللّحمة». هذه المرحلة تمثل قلب العملية النسيجية، إذ تُبنى عليها متانة النسيج وجودته.
المرحلة الثالثة: الحياكة
في هذه المرحلة، يقوم الحرفي بالوقوف على الحفرة (همز) ثم يضغط على المدواس والمزراق لإحكام ترتيب الخيوط، وتكوين النسيج بطريقة متكررة تضمن تماسكه. يتم خلالها تحريك الأداة من اليمين إلى اليسار، مع دمج الخيوط بإحكام باستخدام الدفاف، وهي عملية تحتاج إلى مهارة عالية للحفاظ على انتظام النسيج ودقته.
المرحلة الرابعة: فرد القماش وكيّه
بعد اكتمال النسيج، يُفرد القماش ويُمرر عليه «زور البعير»، ثم يُرشّ بمحلول صمغي، ويُطرق بالملطشة، ويُطوى بدقة لإبراز نعومة وبريق النسيج. هذه المرحلة النهائية تمنح البشت مظهره الأنيق المميز، وتجعله جاهزًا للارتداء أو التطريز النهائي.
صناعة البشت ليست مجرد خطوات تقنية، بل هي فن متوارث، توارثته الأجيال، وحافظت عليه الأسر الحرفية في مختلف مناطق المملكة. ويتطلب هذا الفن صبرًا طويلًا ودقة متناهية، حيث يعمل الحرفيون لساعات طويلة على كل قطعة، ويحرصون على أن تكون كل خياطة وكل خط في مكانه الصحيح.
وفي سياق عام الحرف اليدوية 2025، تأتي صناعة البشت كمثال حي على أهمية الحفاظ على الحرف التقليدية ودعم الحرفيين. فالوزارة تسعى من خلال هذه المبادرة إلى إبراز الحرف المحلية، وتوفير منصات عرض وتسويق للحرفيين، إلى جانب برامج تدريبية تضمن استمرارية هذه المهن للأجيال القادمة. كما يُعد البشت أحد أبرز المنتجات التي تمثل الهوية السعودية في المحافل الدولية، حيث يجمع بين الفخامة والبساطة، ويعكس القيم الجمالية في الثقافة العربية. كما أن الاهتمام بالبشت ضمن عام الحرف اليدوية يتماشى مع رؤية المملكة 2030، التي تضع الثقافة والتراث ضمن أولوياتها لتعزيز الهوية الوطنية وتطوير الصناعات الإبداعية. ومن خلال هذا العام، يتم تشجيع الشباب على تعلم هذه الحرف، وإدماج الابتكار في تصميمها، مع الحفاظ على جوهرها التقليدي.
إن البشت ليس مجرد رداء رسمي، بل هو قصة حرفة سعودية أصيلة، تختزل مهارة الصانع وإرث الأجداد وروح المكان. ومع احتفاء المملكة بعام الحرف اليدوية 2025، تُمنح هذه الصناعة العريقة فرصة أكبر للانتشار عالميًا، لتبقى رمزًا للأناقة العربية وحرفية الصانع السعودي، وجسرًا يربط الماضي بالحاضر والمستقبل.
البشت صورة جمالية ورمزية وهوية اجتماعية
أخبار متعلقة :