نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ما يحدث في السعودية اليوم ليس مجرد نمو سياحي... بل إعادة رسم لمستقبل الضيافة عالمياً, اليوم الأربعاء 14 مايو 2025 12:01 مساءً
نشر في الرياض يوم 14 - 05 - 2025
في ظل التحولات النوعية التي يشهدها قطاع السياحة والضيافة في المملكة العربية السعودية ضمن مستهدفات رؤية 2030، تبرز أهمية دور المؤسسات الفندقية العالمية في دعم هذا المسار المتسارع نحو إعادة رسم خارطة السياحة إقليميًا وعالميًا. وفي هذا السياق، أجرت صحيفة الرياض مقابلة حصرية مع السيد ديميتريس مانكيس، رئيس منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في مجموعة فنادق ومنتجعات ويندام، والتي تُعد واحدة من أكبر شركات الضيافة في العالم.
خلال الحوار، تناول مانكيس الرؤية الاستراتيجية للمجموعة في المملكة، وخططها التوسعية، ومقاربتها الشاملة لمفاهيم الاستدامة، إلى جانب انعكاسات التغيرات الجديدة في سلوكيات المسافرين، ودور الفعاليات الكبرى في تعزيز البنية التحتية للقطاع. كما سلط الضوء على أبرز ما خرجت به مشاركتهم في "قمة مستقبل الضيافة السعودية" لهذا العام، وفيما يلي نص الحوار:
* يشهد قطاع الضيافة والسياحة في المملكة العربية السعودية تحولاً سريعاً في إطار رؤية 2030، كيف تواكب فنادق ومنتجعات ويندام هذا التحول وتدعم مسيرته؟
التحول الجاري في المملكة العربية السعودية سيتجاوز أثره عام 2030، فهو ليس مجرد مبادرة سياحية، بل تغيير هيكلي وجيلي سيُعيد رسم ملامح المستقبل لعقود قادمة.
فالضيافة، في جوهرها تنشئ روابط وتجمع الناس مع بعضها، وتعزز التبادل الثقافي، وتبني جسوراً للتواصل واليوم، لدينا آلاف السعوديين ممن ينضمون إلى هذا القطاع، ليكونوا جزءاً من تحوّل اقتصادي واجتماعي في آنٍ واحد.
نفخر في ويندام بأن نكون جزءاً من هذه الرحلة الملهمة، بحيث ندير حالياً 14 فندقاً في مختلف أنحاء المملكة، ولدينا خطة توسعية طموحة للمستقبل؛ لكن بالنسبة لنا، لا يقتصر الأمر على النمو فقط، بل يتعداه إلى الأثر الذي نحدثه، فنحن هنا للمساهمة في التغيير الثقافي الذي يضع السعودية على خارطة أبرز وجهات الضيافة في العالم.
وكونني أزور المملكة باستمرار، فقد لمست عن قرب حماس الشباب السعودي المنخرط في هذا القطاع، تجد لديه شغفاً حقيقياً تجاه السياحة، وهذا أمر ما يميزيهم، وبما أن مهمتنا الأساسية في ويندام هي "جعل السفر ممكناً للجميع"، فإنني لا أجد بلداً أفضل لتجسيد هذه المهمة من بلد يعيد تعريف مستقبله عبر الضيافة والسياحة.
* ما هي خطط التوسّع التي تتبعها فنادق ومنتجعات ويندام في المنطقة، وخصوصاً في المملكة العربية السعودية؟
خططنا للتوسّع في السعودية تتجاوز مجرد زيادة عدد الفنادق؛ إنها تركز على بناء مستقبل الضيافة من الداخل إلى الخارج، فآلاف الشباب السعوديين اليوم يدرسون تخصصات الضيافة في مختلف أنحاء العالم، وكثيرون غيرهم يخطون خطواتهم الأولى داخل هذا القطاع في المملكة، وهذا يمثل لنا فرصة استثنائية لدعم وتوظيف وتوجيه الجيل القادم من المواهب السعودية، والمساهمة في صياغة مفهوم الضيافة في المملكة على أسس راسخة.
وكجزء من هذه الرؤية، فنحن لا نركّز فقط على الفنادق الفاخرة، بل نضاعف استثماراتنا في قطاع الفنادق من الفئة المتوسطة، بناء على نهجنا"جعل السفر ممكناً للجميع"، فالضيافة الشاملة والمتاحة للجميع هي ركيزة أساسية لتحقيق هدف المملكة في استقبال 150 مليون سائح خلال السنوات المقبلة.
وبهذا الصدد نعمل على إطلاق مجموعة من الاتفاقيات والمبادرات الجديدة، المصممة لقطاع الفنادق المتوسطة، لأن لهذا القطاع دور محوري في مستقبل السياحة بالمملكة ليس فقط من ناحية تلبية احتياجات شرائح أوسع من الزوّار، بل أيضًا في خلق فرص العمل، وتنمية المهارات المحلية، وتأسيس قطاع ضيافة أكثر شمولية وترابطاً.
* تركّز المملكة بشكل كبير على الاستدامة ضمن أجندتها السياحية، كيف تدمج فنادق ومنتجعات ويندام مبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية (ESG) ضمن منشآتها؟
عندما نتحدث عن الاستدامة، غالبا ما ينصبّ التركيز على الجانب البيئي فقط، لكن في ويندام، نرى الصورة بشكل أوسع فالأمر لا يقتصر على البيئة فحسب، بل يشمل أيضاً التأثير الاجتماعي والاقتصادي للسياحة فهو يتعلق بتمكين المواهب الشابة، ودعم الجيل القادم من محترفي الضيافة في المملكة.
فالاستدامة ليست مفهوماً جديداً بالنسبة لنا بل هي جزء من هوية ويندام منذ عقود، إذ يعد برنامج "ويندام جرين" من أبرز الأطر المطبقة في هذا المجال على مستوى القطاع، ويسعدني أن جميع فنادقنا في السعودية تعتمد هذا البرنامج وتُدار وفقًا لمبادئ الاستدامة الواضحة، كما أننا عضو فاعل في التحالف العالمي للضيافة المستدامة.
لكن الاستدامة ليست سباق سرعة، بل ماراثون طويل يتطلب الكثير من التثقيف، والتعاون، والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية. إذ يمكنك على سبيل المثال تأسيس منشأة مستدامة، ولكن إن لم يكن النزلاء على وعي بهذه المبادئ، فإن التقدّم سيكون محدوداً؛ ولهذا، نحن نؤمن بثلاثية التثقيف: تثقيف الفِرق، وتثقيف النزلاء والضيوف، وتثقيف المجتمع.
والشيئ الإيجابي في هذا الأمر أن رؤية السعودية 2030 وضعت الاستدامة في صلب استراتيجيتها السياحية من نواح عدة، إذ باتت المملكة أشبه بحلبة الفورمولا 1 في عالم الضيافة، منصة تُختبر فيها الأفكار الجريئة، وتُصقل، لتصبح فيما بعد معياراً يُحتذى به عالمياً؛ وهذا بالضبط ما يجعل مشاركتنا في هذه الرحلة حماسية واستثنائية.
* كيف تؤثر تفضيلات المسافرين الجديدة، مثل الإقامات الممتدة، والمرونة الرقمية، والتجارب الثقافية الأصيلة، على عمل "ويندام" في المملكة؟
طرق السفر تغيّرت بشكل جذري، خاصة بعد جائحة كوفيد-19، حيث كنا في السابق نصنّف المسافرين بالقول مثلا: إن هذه العائلة تسافر بهذه الطريقة وليس بتلك؛ ولكن هذه التصنيفات لم تعد صالحة اليوم فالمسافر العصري أصبح مرناً، إذ نجد الشخص ذاته قد يسافر بطائرة خاصة هذا الأسبوع، ويخيم في الطبيعة في الأسبوع التالي، صار الناس يتنقّلون بين أنماط وتجارب السفر بحسب ظروفهم ومراحل حياتهم، وعلى قطاع الضيافة أن تواكب هذا التغيّر.
هذا التحول برز بوضوح في دراستنا البحثية الأخيرة حول توجهات السفر لدى الجيل "زد" في السعودية، إذ تبيّن لنا أن 39% من مسافري هذا الجيل يستمدّون إلهامهم للسفر من وسائل التواصل الاجتماعي، وليس فقط من ناحية اكتشاف الوجهات، بل من ناحية أسباب الزيارة كذلكو حيث أفاد 64% إنهم ينجذبون إلى أماكن ظهرت في أفلام، أو مسلسلات، أو كانت رائجة عبر الإنترنت
كما نلاحظ ارتفاعا مستمرا في الطلب على الإتاحة الرقمية، والإقامات الطويلة، ودمج العمل مع الترفيه؛ وقد عايشتُ هذا بنفسي، إذ في أحيان كثيرة تستمتع عائلتي بالوجهة بينما أواصل أنا العمل عن بُعد، وهذا النمط من السفر أصبح شائعا، إلى جانب زيادة الاهتمام بأنواع إقامات مختلفة مثل: الشقق الفندقية التابعة للعلامات الفندقية، والنُزُل، والتخييم، وخيارات الإقامة الممتدة.
والجميل في الأمر كذلك هو مدى انفتاح هذا الجيل على أدوات السفر المستقبلية، إذ أبدى 81% من المشاركين في الدراسة البحثية استعدادهم لاستخدام منصات مدعومة بالذكاء الاصطناعي في التخطيط لرحلاتهم، وهذا، برأيي، هو مستقبل الضيافة: مرونة، واستخدام التقنيات الحديثة، والتركيز على التجربة، والمملكة تسير بخطى واثقة نحو هذا التحوّل، في انسجام تام مع رؤية 2030 ولهذا يسعدني ويشرفني أن أكون جزءاً من هذه المرحلة.
* مع تنامي الفعاليات الرياضية والترفيهية الكبرى في المملكة، ما الدور الذي تطمح "ويندام" إلى تأديته في دعم البنية التحتية للضيافة في هذه القطاعات الصاعدة؟
تؤثر الفعاليات الثقافية والحفلات الموسيقية والبطولات الرياضية بشكل كبير في قطاع السياحة في الدول، وقد لمسنا هذا الأثر بشكل مباشر عبر حفلات مثل حفلة تايلور سويفت على سبيل المثال والتي أقيمت في أوروبا العام الماضي والتي أدت إلى ارتفاع كبير في إيرادات الفنادق بتلك المدن، إذ يمثل هذا النوع من الفعاليات محرّكًا قويًا للطلب على قطاع الضيافة، خاصة بين جيل الشباب.
وتدرك المملكة ذلك تماماً، لذا صار تركيزها ينصب على الفعاليات الكبرى مثل كأس العالم، وإكسبو، والحفلات العالمية، الأمر الذي يعيد تشكيل صورتها على الساحة الدولية. حيث أن الأمر لا يقتصر على نيوم أو المنتجعات الفاخرة فقط، بل يتعلّق بتقديم تجارب تُحاكي تطلعات الجيل الجديد وتعكس التحوّل الذي تمر به البلاد.
ويسعدنا في ويندام دعم هذا المسار عبر توسيع حضورنا في المملكة، وزيادة من عدد الغرف المتاحة، وتوظيف المزيد من الكوادر المحلية، إضافة إلى ترويجنا لهذه الفعاليات عبر برنامجنا "ويندام ريواردز" الذي يضم أكثر من 115 مليون عضوا من حول العالم، كما أننا لا نكتفي بالترويج فقط بل نشارك فعلياً نشتري التذاكر، نحضر، ونشجع لأننا نؤمن حقًا بما يحدث هنا، فهذا التداخل بين السياحة والترفيه والضيافة يشكّل ملامح حقبة جديدة في السعودية ونحن متحمسون لأن نكون جزءاً منها.
* ما أبرز مخرجات مشاركتكم في قمة مستقبل الضيافة السعودية لهذا العام؟
هناك عدة نقاط رئيسية استوقفتني خلال القمة هذا العام، أولها رغبتي في فهم ما بعد رؤية 2030، إلى أين تتجه المملكة على المدى الطويل، لا سيما في قطاع الضيافة.
النقطة الثانية، وربما الأهم، هي الاستماع، نحن، مؤسسة عالمية، لا نأتي هنا لنُعلِّم، بل لنتعلّم، فالمستثمرون المحليون والعاملون في قطاع الضيافة يملكون فهماً عميقاً لاحتياجات المملكة ومسارها أكثر منا ونحن نقدر هذه المعرفة المحلية التي لا تُقدّر بثمن.
أما النقطة الثالثة، فهي أن القمة تشكّل فرصة حقيقية للتواصل مع عملائنا، وشركائنا، والمتعاونين المحتملين في المستقبل، وتعتبر مناسبة لتعزيز العلاقات وتوحيد الرؤى لتلائم ما تنشده المملكة من تقدّم.
وأخيرا، أكرر قولي هذا: لا يمكن تجاهل الخوض في هذه المرحلة التحوّلية، فما تشهده السعودية اليوم من نقلة نوعية هو أمر استثنائي، والمشاركة فيه لم تعد خيارا بل ضرورة.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
أخبار متعلقة :