اليوم الجديد

الرياض وواشنطن.. استثمارات نوعية عالية التأثير

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الرياض وواشنطن.. استثمارات نوعية عالية التأثير, اليوم الأربعاء 14 مايو 2025 02:51 صباحاً

الرياض وواشنطن.. استثمارات نوعية عالية التأثير

نشر بوساطة أثير الحميدي في الرياض يوم 14 - 05 - 2025


على مدار العقود الماضية، شكلت العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية واحدة من أبرز الشراكات الاستراتيجية في العالم، لا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتجاري. ومع انطلاق رؤية المملكة 2030، اكتسب هذا التعاون بُعدًا جديدًا، يرتكز على التنويع الاقتصادي والانفتاح على استثمارات نوعية عالية التأثير. وقد جاءت الفترة من عام 2023 إلى 2025 لتشهد طفرة نوعية في مستوى هذا التعاون، شملت قطاعات حيوية كالتبادل التجاري والطاقة والذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، مدفوعة بإرادة سياسية مشتركة لتعزيز المصالح المتبادلة وبناء اقتصاد مستدام يواجه التحديات العالمية بثقة.
وفي ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة، برزت الولايات المتحدة كأكبر شريك تجاري للمملكة خارج المنطقة، بينما عززت المملكة مكانتها كحليف اقتصادي رئيسي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط. هذا التفاعل الثنائي لم يعد مجرد أرقام تبادل تجاري أو استثمارات، بل أصبح نموذجًا لتكامل استراتيجي طويل الأمد، يرسم ملامح مستقبل واعد للطرفين.
حجم التبادل التجاري بين البلدين
في عام 2023، بلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية نحو 24.5 مليار دولار، مسجلًا زيادة ملحوظة بنسبة 5 ٪ عن العام السابق. تمثل هذه الزيادة في التبادل التجاري انعكاسًا لاستمرار تعزيز الشراكات الاقتصادية بين البلدين. استمرّت المملكة في أن تكون أحد أكبر موردي النفط الخام للولايات المتحدة، حيث تصدرت صادرات النفط السعودي قائمة الواردات الأميركية من المملكة، إلى جانب منتجات أخرى مثل البتروكيماويات. وفي عام 2024، شهد التبادل التجاري بين البلدين قفزة إلى 25.6 مليار دولار، وهو ما يعكس التحسن المستمر في التجارة الثنائية. بما في ذلك المجالات غير النفطية مثل الموارد الكيميائية، المعدات الصناعية، والسيارات. كما سجلت المملكة في نفس العام فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة، في خطوة تؤكد على استمرار سياسة التنويع الاقتصادي التي تتبعها المملكة.
الاستثمارات الأميركية في السعودية
من جانب الاستثمارات، استمرت الشركات الأميركية في لعب دور محوري في الاقتصاد السعودي. ففي عام 2024، هناك أكثر من 740 شركة أميركية تعمل في المملكة، ويعمل بها أكثر من 67 ألف موظف، العديد منهم من الكوادر السعودية. تعكس هذه الاستثمارات تنوعًا في القطاعات، من الصناعات التحويلية والتقنيات المتقدمة إلى خدمات الطاقة والتجارة. تستمر المملكة في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ومع تركيز خاص على مجالات الطاقة المتجددة، التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي.
في يناير 2025، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله عن خطة استثمارية مشتركة مع الولايات المتحدة تُقدر ب 600 مليار دولار على دى السنوات القادمة، مع إمكانية زيادتها في حال توفرت الفرص المناسبة. من المتوقع أن تركز هذه الاستثمارات على عدة قطاعات بما في ذلك الطاقة المتجددة، البنية التحتية، الذكاء الاصطناعي، والمشاريع الاقتصادية بين البلدين.
الطاقة المتجددة شراكات طويلة الأمد
في قطاع الطاقة شهدت الشراكة السعودية الأميركية تحولًا كبيرًا نحو المستقبل مع بداية 2023، عندما تم الإعلان عن عدة مشاريع مشتركة تهدف إلى تطوير الطاقة النظيفة والطاقة المتجددة. أبرمت السعودية في هذا العام اتفاقيات مع شركات أميركية مثل ExxonMbil وChevron لتطوير مشاريع في مجالي الطاقة الشمسية والرياح، مع تخصيص استثمارات كبيرة لتمويل هذه المشاريع. تمثل هذه الشراكات جزاءًا من استراتيجية المملكة التي تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة، وتقليل الاعتماد على النفط التقليدي، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030 التي تركز على الاستدامة البيئية.
الذكاء الاصطناعي والتكنلوجيا
أحد أهم المحاور التي شهدت تعاونًا قويًا بين البلدين هو مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا. ففي 2023 و2024 وقعت المملكة اتفاقيات مع شركات أميركية رائدة مثل Google وIBM لتطوير تقنيات السحابة والذكاء الاصطناعي داخل المملكة. هذه الشراكات ليست فقط لتطوير أدوات حديثة في المجال الرقمي، بل تهدف أيضًا إلى تأهيل الكوادر السعودية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة من خلال برامج تدريبية مشتركة.
وفي 2025، أعلنت المملكة عن خطط لاستثمار أكثر من 100 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي، مما يجعلها في صدراة الدول الساعية إلى استثمار هذه التقنية لتحسين الأداء الاقتصادي ورفع الإنتاجية في مختلف القطاعات. أحد أبرز المشاريع هو "مدينة نيوم"، والتي ستكون نموذجًا للمستقبل، حيث تعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل كامل في تخطيط المدن وتطوير الخدمات.
مشروعات ضخمة للمستقبل
في عام عام 2024، بلغت الاستثمارات الرأسمالية في المملكة نحو 355 مليار دولار، مدفوعةً بمشروعات كبيرة لتحسين البنية التحتية، خاصة في قطاع النقل والطاقة. وتساهم الشركات الأميركية بشكل فعال في تنفيذ هذه المشاريع، حيث شارك شركات أميركية متخصصة في الهندسة والبنية التحتية في تنفيذ مشروعات هامة مثل توسعة شبكة السكك الحديدية وعمليات بناء مطارات وموانئ جديدة.
إحدى المشاريع الاستراتيجية البارزة هي "مدينة نيوم" التي تعد مشروعًا طموحًا يستهدف تحويل المنطقة إلى مدينة ذكية تعتمد بشكل كامل على التكنولوجيا الحديثة. تعتمد هذه المدينة بشكل كبير على شراكات مع شراكات أميركية متخصصة في تكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية.
تحديات وفرص
رغم النجاحات التي تحققت لا تزال هناك تحديات تواجه العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، مثل التقلبات في أسعار النفط العالمية وتأثيرات التغيرات الاقتصادية العالمية على الأسواق. ومع ذلك، فإن الفرص التي توفرها رؤية المملكة 2030، وما توفره من شراكات استراتيجية، تبشر بمستقبل مشرق في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
في الختام يمكن القول إن التعاون الاقتصادي بين السعودية وأمريكا في الفترة من 2023 إلى 2025 لم يكن مجرد امتداد لعلاقات تاريخية، بل شكل محطة فارقة في رسم ملامح شراكة حديثة ترتكز على الابتكار والاستدامة والمصالح المتبادلة. ومن خلال المشاريع المشتركة والاستثمارات المتنامية، باتت العلاقة بين البلدين نموذجًا عالميًا للتكامل الاقتصادي الذي لا يتأثر فقط بالعوامل التجارية، بل يستند إلى رؤية شاملة لبناء مستقبل مستدام يحقق الاستقرار والنمو على المستويين الإقليمي والدولي.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




أخبار متعلقة :