اليوم الجديد

تغيّرات جوهرية في أنماط الحياة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تغيّرات جوهرية في أنماط الحياة, اليوم الجمعة 9 مايو 2025 04:13 صباحاً

تغيّرات جوهرية في أنماط الحياة

نشر بوساطة راشد السكران في الرياض يوم 09 - 05 - 2025


تلعب الطاقة المتجددة دورًا متزايد الأهمية في التحولات الاجتماعية على مستوى العالم، حيث لا تقتصر آثارها على الجانب البيئي أو الاقتصادي فحسب، بل تمتد لتُحدث تغييرات جوهرية في أنماط الحياة والمجتمعات، وأبرز أدوارها تحسين جودة الحياة بتقليل التلوث الهوائي الناتج عن الوقود الأحفوري يحسن الصحة العامة ويقلل من أمراض الجهاز التنفسي.
والطاقة النظيفة توفر بيئة أكثر صحة خاصة في المدن الكبرى والمناطق الصناعية.
كما تسهم الطاقة المتجددة في إيجاد فرص عمل جديدة في قطاعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، وإيجاد ملايين الوظائف في مجالات الهندسة، التركيب، الصيانة، والبحوث.
وتُسهم الطاقة المتجددة في إعادة توزيع فرص العمل من القطاعات التقليدية إلى المستقبلية، ما يغير ملامح سوق العمل.
وتمكن الطاقة المتجددة المجتمعات الريفية والنائية من توفيرها في القرى والمناطق المحرومة، وهذا يسهم في الوصول إلى التعليم (بإنارة المدارس وتشغيل الأجهزة)، ودعم المشاريع الصغيرة (كأنظمة الري بالطاقة الشمسية)، وتحسين الخدمات الصحية من خلال تشغيل العيادات والأجهزة.
إضافة لذلك فإن الطاقة المتجددة تعزز العدالة الاجتماعية بتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة المحتكرة والمكلفة، ويمكّن الدول النامية والأفراد من الوصول العادل للطاقة.
وتشجع مشاريع الطاقة المتجددة المجتمعية على المشاركة المحلية وتقلل من الفوارق الاقتصادية، كما تسهم في تغيير الثقافة الاستهلاكية، وتعزز الوعي بضرورة الاستهلاك المسؤول للطاقة.
وتدفع الأفراد إلى تبني سلوكيات مستدامة كاستخدام السيارات الكهربائية أو أنظمة الألواح الشمسية المنزلية.
وتدعم الطاقة المتجددة الحوكمة البيئية والمواطنة العالمية إذ تساهم في بناء مجتمعات أكثر وعيًا بالبيئة وتشارك في صنع القرار المناخي، وتعزز روح التضامن العالمي في مواجهة التغير المناخي، خصوصًا من خلال الاتفاقيات الدولية (مثل اتفاق باريس).
«تحولات اجتماعية»
وتلعب الطاقة المتجددة دورًا محوريًا في التحولات الاجتماعية بالمجتمع السعودي، وذلك على عدة مستويات، منها: تعزيز الوعي البيئي، فمع التوجه الوطني نحو الطاقة النظيفة، أصبح هناك اهتمام متزايد لدى الأفراد والمجتمع السعودي بأهمية الحفاظ على البيئة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وهذا ساعد في نشر ثقافة الاستدامة بين الأجيال الجديدة، خاصة في المناهج التعليمية والمبادرات المجتمعية.
ويعد تأثير الطاقة المتجددة في تعزيز الوعي البيئي في المجتمع السعودي من أبرز التحولات الثقافية التي رافقت التحول الوطني نحو الاستدامة، ويتجلى هذا التأثير في عدة أوجه مثل: دمج مفاهيم البيئة في التعليم والإعلام، وإدخال مفاهيم الطاقة المتجددة وأهمية الحفاظ على البيئة في المناهج الدراسية، والتركيز على التوعية البيئية في البرامج الإعلامية والمبادرات الوطنية.
كما يسهم في تغيّر سلوك الأفراد وازدياد اهتمامهم بترشيد استهلاك الكهرباء والماء.
والاتجاه نحو استخدام الألواح الشمسية في المنازل والمزارع، خاصة في المناطق الريفية.
وللمجتمع مشاركة فاعلة في المبادرات البيئية مثل: حملات التشجير، وإعادة التدوير، والنظافة العامة.
وأسهمت الطاقة المتجددة في ازدياد عدد الجمعيات والمبادرات التطوعية التي تروّج للوعي البيئي.
كما كان لها دور في تعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية، ونشوء فهم جديد بأن حماية البيئة ليست مسؤولية الحكومة فقط، بل مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع والأفراد.
وأصبحت مفاهيم مثل "الاستدامة" و"التغير المناخي" جزءًا من الخطاب اليومي في الجامعات، والمنتديات، وحتى شبكات التواصل الاجتماعي.
«فرص عمل»
تشهد المملكة العربية السعودية نموًا متسارعًا في قطاع الطاقة المتجددة، ما يفتح آفاقًا واسعة لفرص العمل المستقبلية.
ومن أبرز التوقعات المتعلقة بنمو الوظائف في هذا القطاع إيجاد آلاف الوظائف الجديدة بحلول 2030
فوفقًا لتقديرات مجلس الأعمال السعودي - الأمريكي، من المتوقع أن يسهم الاستثمار الحالي في مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة في توفير نحو 75,000 وظيفة خلال العقد القادم، مع التركيز على مجالات مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، ونمو سنوي متسارع في القدرات الإنتاجية، حيث تستهدف المملكة إضافة 20 غيغاواط من الطاقة المتجددة سنويًا، للوصول إلى 130 غيغاواط بحلول عام 2030، ما يعزز الحاجة إلى كوادر وطنية في مجالات التصميم، والهندسة، والتشغيل، والصيانة.
وستسهم الطاقة المتجددة توسع الوظائف الخضراء في مختلف المناطق، حيث تشهد مناطق مثل "نيوم" و"البحر الأحمر" نموًا في مشاريع الطاقة المتجددة، ما يساهم في خلق فرص عمل جديدة في المدن الكبرى والمناطق النائية على حد سواء.
وتعمل المملكة على تعزيز المحتوى المحلي من خلال برامج تدريبية وشراكات تعليمية لتأهيل الكوادر الوطنية، للإسهام في توطين الوظائف في قطاع الطاقة المتجددة.
وإيجاد فرص متنوعة في سلسلة القيمة، ليمتد تأثير قطاع الطاقة المتجددة إلى مجالات متعددة تشمل البحث والتطوير، والتصنيع، والبناء، والتشغيل، ما يوفر فرصًا وظيفية متنوعة للمهنيين والفنيين.
ويُعد قطاع الطاقة المتجددة في السعودية محركًا رئيسيًا لخلق فرص العمل، مع توقعات بنمو مستمر حتى عام 2030 وما بعده.
وتسهم مشاريع الطاقة المتجددة في فتح مجالات وظيفية جديدة في الهندسة، والصيانة، والبحث العلمي، والتقنية، ما بساعد على تمكين الشباب وتوسيع قاعدة الاقتصاد غير النفطي.
«دعم التنمية»
وستُسهم الطاقة المتجددة في دعم التنمية المحلية في السعودية بعدّة طرق استراتيجية تمكّن من تحسين الاقتصاد المحلي، وتعزيز الاستقرار المجتمعي، وتحقيق الاستدامة، ومنها: توفير فرص عمل في المناطق الريفية والنائية مثل مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وغالبًا ما تُنفذ خارج المدن الكبرى، ما يعني توفير وظائف للسكان المحليين في البناء، التشغيل، والصيانة.
ودعم ريادة الأعمال الصغيرة حول هذه المشاريع، مثل ورش الصيانة أو خدمات الدعم الفني.
إضافة لتحسين البنية التحتية بإقامة مشاريع الطاقة المتجددة وهذا يتطلب تطوير بنى تحتية مثل الطرق، وشبكات الكهرباء، والمرافق العامة، ما يعود بالنفع المباشر على القرى والمناطق المحيطة.
وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المكلف بالاعتماد على مصادر طاقة محلية (مثل الشمس والرياح) وهذا يقلل من التكاليف ويضمن استقلالًا طاقيًا في المجتمعات الصغيرة، خصوصًا تلك التي كانت تعتمد على نقل الوقود لمسافات بعيدة.
والطاقة المتجددة ستدعم الزراعة والإنتاج المحلي بتوفير طاقة نظيفة ومنخفضة التكلفة. ويُمكن أن يُستخدم في الزراعة الذكية (مثل الري بالتنقيط باستخدام الطاقة الشمسية)، بما يعزز الأمن الغذائي المحلي.
ويسهم ذلك في تعزيز العدالة التنموية من خلال تقليل الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية من خلال إيصال الطاقة والمشاريع الاقتصادية للمناطق المهمّشة سابقًا.
ولا نغفل دور الطاقة المتجددة في دعم التعليم والتدريب المحلي من خلال إنشاء مراكز تدريب محلية لتأهيل الشباب على تقنيات الطاقة المتجددة، للإسهام في رفع كفاءة الموارد البشرية المحلية وبناء مجتمع منتج.
وتأثير الطاقة المتجددة كبير حيث تسهم في تعزيز الهوية الوطنية الحديثة من خلال تبني المملكة للطاقة المتجددة كجزء من "رؤية 2030" وهذا يعكس توجهها نحو الحداثة والتطور، وهو ما يعيد تشكيل صورة المجتمع السعودي أمام العالم ويعزز الفخر الوطني الداخلي.
«تثقيف وتوعية»
وتُسهم الطاقة المتجددة في تغيير الثقافة الاستهلاكية وتعزيز الوعي بالاستهلاك المسؤول للطاقة في المجتمع السعودي من خلال عدة مسارات ثقافية وسلوكية، وتشمل التحول من ثقافة الوفرة إلى ثقافة الكفاءة.
والمجتمع السعودي، بحكم وفرة الطاقة سابقًا، كان يستهلك دون حساب، لكن مع التحول نحو مصادر متجددة محدودة بالتقنية والظروف الطبيعية، أصبح من الضروري التركيز على ترشيد الاستهلاك وكفاءة الاستخدام، والمساهمة في نشر قيم الاستدامة والمسؤولية، كمشاريع الطاقة الشمسية والرياح، وترسّخ في الذهن أن الطاقة مورد يجب إدارته بحكمة، ما يعزز مفاهيم مثل: «لا تُهدر ما لا يمكن تعويضه بسرعة»، «البيئة مسؤوليتنا جميعًا».
والعمل على التحفيز بالتغيير السلوكي في المنازل والمؤسسات، وتركيب أنظمة الطاقة الشمسية في المنازل شجّع العائلات على مراقبة استهلاك الكهرباء، واستخدام الأجهزة الموفرة للطاقة، وتقليل الإضاءة الزائدة أو التكييف المستمر.
كما أن تعزيز المشاركة المجتمعية مهمة من خلال الحملات الوطنية مثل "السعودية الخضراء" وكفاءة التي ساعدت في بناء وعي جمعي بضرورة التحول من الاستهلاك المفرط إلى الاستهلاك الذكي.
كما أن ربط الطاقة بالهوية والقيم الوطنية ، مهم فأصبح استخدام الطاقة المتجددة جزءًا من رؤية المملكة 2030، ما ربط سلوك الاستهلاك الواعي بالطموح الوطني، والفخر بالمساهمة في مستقبل أكثر استدامة.
ولا ننسى أن تحفيز الابتكار في الحلول الاستهلاكية يزيد الوعي بالطاقة المتجددة ويشجّع على ظهور تقنيات وأفكار جديدة لتقليل الهدر، مثل: تطبيقات مراقبة الاستهلاك، والعزل الحراري للمباني.
والاستخدام الذكي للتكييف والإضاءة.
والطاقة المتجددة لا تغيّر فقط مصادر الطاقة، بل تغيّر طريقة تفكير المجتمع تجاه الاستهلاك، وتؤسس لثقافة جديدة قائمة على المسؤولية، والكفاءة، والوعي البيئي.
«بيئة صحية»
وتلعب الطاقة المتجددة دورًا مهمًا في الحد من أمراض الجهاز التنفسي وتوفير بيئة أكثر صحة في المملكة العربية السعودية، وذلك من خلال عدة جوانب بيئية وصحية، منها: تقليل التلوث الهوائي، فمحطات الكهرباء التقليدية التي تعتمد على الوقود الأحفوري (كالنفط والفحم) تنتج كميات ضخمة من الملوثات مثل: أكاسيد النيتروجين والكبريت، والجسيمات الدقيقة (PM2.5)، وأول أكسيد الكربون، وهذه الملوثات ترتبط مباشرة بزيادة معدلات الربو، التهاب الشعب الهوائية، وأمراض الرئة المزمنة.
وساهمت الطاقة المتجددة باستبدال مصادر الطاقة الملوّثة بأنظمة نظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لا تنتج انبعاثات ضارة، ما أسهم في انخفاض مستويات التلوث في المدن، وتحسُّن نوعية الهواء، خصوصًا في المناطق الصناعية أو ذات الكثافة السكانية العالية مثل الرياض وجدة.
وتقليل العبء على النظام الصحي.
ومع انخفاض معدلات الأمراض المرتبطة بالتلوث، يتراجع الضغط على المستشفيات وقطاع الرعاية الصحية، وتحسين الصحة العامة يعني أيضًا تقليل النفقات الصحية طويلة الأجل على الدولة والأفراد.
كما أثرت الطاقة المتجددة على تحسين بيئة العمل والمعيشة
فالأماكن التي تعتمد على طاقة نظيفة توفر بيئة عمل أفضل للموظفين، خاصة في المدارس والمستشفيات والمصانع.
والبيئة النظيفة تعزز نمو الأطفال بشكل صحي وتقلل من الحساسية ومشاكل التنفس.
كما أن دعم مبادرات الصحة العامة بالتحول للطاقة المتجددة يتكامل مع برامج مثل: المدن الصحية التابعة لوزارة الصحة، رؤية السعودية الخضراء التي تستهدف زراعة 10 مليارات شجرة وتحسين جودة الهواء.
والتحول إلى الطاقة المتجددة لا يخدم البيئة فقط، بل هو استثمار مباشر في صحة الإنسان، ويُعد من أهم أدوات الوقاية من الأمراض المزمنة المرتبطة بجودة الهواء.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




أخبار متعلقة :